نادين غورديمر تتحدث عن روايات نجيب محفوظ التاريخية

الحاصلة على جائزة نوبل تناولت 3 روايات بدأ بها حياته الأدبية

الروائية الجنوب أفريقية نادين غورديمر ونجيبب محفوظ ({الشرق الأوسط})
الروائية الجنوب أفريقية نادين غورديمر ونجيبب محفوظ ({الشرق الأوسط})
TT

نادين غورديمر تتحدث عن روايات نجيب محفوظ التاريخية

الروائية الجنوب أفريقية نادين غورديمر ونجيبب محفوظ ({الشرق الأوسط})
الروائية الجنوب أفريقية نادين غورديمر ونجيبب محفوظ ({الشرق الأوسط})

من الشيق دائمًا أن نرى كيف يبدو أدبنا العربي الحديث في أعين النقاد والأدباء الأجانب. فما بالك إذا كان الأجنبي أديبًا كبيرًا بحجم جائزة نوبل للأدب وموضوع حديثه هو الأديب العربي الوحيد الحاصل على هذه الجائزة؟
أقول هذا بمناسبة اطلاعي على فصل كتبته أديبة جنوب أفريقيا نادين غورديمر الحاصلة على جائزة نوبل في 1991 عن أول ثلاث روايات بدأ بها نجيب محفوظ (1911 – 2006) حياته الأدبية وهي: عبث الأقدار (1939) رادوبيس (1943) كفاح طيبة (1944)، وقد كتبت عنها جورديمر في كتابها المسمى «معرفة الأوقات: الكتابة والعيش» أو «أوقات ذات دلالة» (ففي العنوان الإنجليزي تورية تحتمل المعنيين) (الناشر بلومزبري - لندن 2011)
Nadine Gordimer، Telling Times: Writing and Living، Bloomsbury، London 2001
تستهل غورديمر مقالتها بإيراد كلمات الناقد المجري جورج لوكاتش في كتابه عن «الرواية التاريخية»: «ليس المهم في الرواية التاريخية هو سرد الأحداث التاريخية الكبرى وإنما ابتعاث الكاتب للناس الذين يظهرون في هذه الأحداث. المهم هو أن نخبر من جديد الدوافع الاجتماعية والإنسانية التي جعلت الناس يفكرون ويشعرون ويتصرفون كما في الواقع التاريخي».
إن روايات محفوظ التي تدور أحداثها في مصر القديمة وثيقة الصلة بالمشهد الاجتماعي والسياسي في عصره. لم يكن التاريخ في نظره مومياء دبت فيها الحياة، وإنما هو يحيا فينا نحن أبناء هذا العصر. ورغم أن هذه الروايات الثلاث كُتبت قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية وقبل اختراع القنبلة الذرية فإنها تحمل إرهاصات مستخفية بما سيجيء.
إن الروائي كما يقول الروائي التشيكي ميلان كونديرا لا يقدم إجابات بقدر ما يطرح أسئلة، وإذا بدأنا برواية «عبث الأقدار» (وقد تُرجمت إلى اللغة الإنجليزية تحت عنوان «حكمة خوفو») فسنجد أن أحداثها تدور في عصر الأسرة الرابعة في مصر القديمة. ونحن نرى خوفو في الفصل الأول وقد تقدمت به السن يجلس على أريكته الذهبية محدقًا في الفضاء وناظرًا إلى ألوف العمال والعبيد الذين يمهدون هضبة الأهرام من أجل بناء هرمه الذي سيكون قبره ومقره الأبدي. إن حلمه بالخلود نموذج للكبرياء المسرف الذي يؤدي بصاحبه إلى الهلاك إذا طبقنا عليه مفهوم أرسطو للبطل المأسوي في التراجيديا الإغريقية وهو يؤمن بالقوة الغالبة التي مكنته من التغلب على أعدائه ويؤكد له كبير مهندسيه المعماري ميرابو المشرف على بناء الهرم أن الآلهة تقف في صفه.
أليس هذا إرهاصًا بما يحدث في عالمنا اليوم حين يدعي الإرهابيون المتمسحون بالدين أنهم ممثلو الدين الصحيح وكل من عاداهم كافر ينبغي قتاله؟
ورواية محفوظ التالية «رادوبيس» تبدأ بوصف للاحتفال بفيضان النيل. إنه احتفال باذخ تشبهه جورديمر بالمشاهد الجماعية اللامعة البراقة في أفلام هوليوود أو الأفلام الهندية (بوليوود). لا عجب أن اتجه محفوظ فيما بعد إلى كتابة سيناريوهات سينمائية ناجحة، ولا يلبث هذا الاحتفال الذي يزدان بموكب الفرعون أن يؤدي بنا إلى الصراع المحوري في الرواية: صراع بين سلطة الفرعون الشاب وسلطة الكهنة، يريد الأول أن ينزع أملاكهم وأن يستخدم المال الذي يؤول إليه في محاربة أعدائه، وفي الوقت ذاته يقع ضحية لافتتانه بالغانية المغرية رادوبيس ويلقي بالأموال عند أقدامها. وتنتهي الرواية نهاية مأسوية بمصرع فرعون على أيدي الثوار وانتحار محبوبته رادوبيس بالسم.
و«كفاح طيبة» - أنضج هذه الروايات الثلاث - تدور أحداثها في عصر الأسرتين السابعة عشرة والثامنة عشرة، إنها تصور ثورة المصريين على الهكسوس الغزاة وانتصار الفرعون الشاب أحمس على هؤلاء الغزاة وطردهم من البلاد وجلوسه على سدة العرش.
والأمر اللافت في هذا الفصل هو التقدير العالي بل المبالغ فيه الذي تكنه غورديمر لأعمال محفوظ الأولى. إننا في نقدنا العربي لا ننظر إلى هذه الأعمال إلا بوصفها بدايات مهدت فيما بعد لأعمال محفوظ العظيمة التالية: رواياته الواقعية والرمزية والألجورية والتجريبية، أما جورديمر فتقارن محفوظ بإميل زولا وتولستوي وتوماس مان بل وشكسبير. أفترى محاولات محفوظ الباكرة كانت على هذا القدر من النضج ونحن أبناء جلدته لا ندري؟ أترى عين الأجنبي ترى فيها ما لا تراه أعيننا ربما بفعل الألفة والتعود؟ أسئلة تثور في ذهن القارئ العربي إذ يقرأ مقالة جورديمر هذه ويراها تدرج هذه الأعمال في سياق الأدب العالمي بينما هي في نظرنا تحمل (رغم مزاياها الواعدة) الكثير من عيوب المحاولات الأولى ولا تكتسب أهميتها إلا من كونها مرحلة في تطور كاتب عظيم.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.