عادت مخاوف المعارضة السورية من مخطط يهدف لتغيير ديموغرافي في سوريا لتزايد عشية إجلاء المقاتلين والمدنيين من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، عاصمة شمال سوريا، وتسريب صور لقاسم سليماني قائد قوات «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو يتجول على أنقاض المدينة بالقرب من المسجد الأموي.
كان النظام السوري وحلفاؤه بدأوا فعليًا بتطبيق هذا المخطط في مناطق محافظة ريف دمشق من خلال اعتماد «المصالحات الوطنية» استراتيجية أثبتت نجاحها بالنسبة لهم، وبالتحديد لرسم ملامح «سوريا المفيدة». وللعلم، فإن هذه «المصالحات» الإجبارية في نظر المعارضة فرضت بموجب سياسة التجويع والحصار. وشملت هذه السياسة في الآونة الأخيرة مدن وبلدات داريا ومعضمية الشام وخان الشيح وقدسيا والهامة الواقعة جميعها في المحافظة التي تحيط مناطقها بالعاصمة السورية.
هيثم المالح، المسؤول القانوني في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» قال إن «ما يحصل أبعد حتى من عملية إحلال سكان مكان المواطنين الأصليين للمناطق. فهو حقيقة مشروع توسعي إيراني كبير وشامل لم تخجل طهران من الإعلان عنه أكثر من مرة من خلال حديثها عن امتدادها على 4 عواصم هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء». واعتبر المالح في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أن الصور التي تناقلتها وسائل إعلام إيرانية في الساعات الماضية، تُظهر قاسم سليماني وهو يتجول على أنقاض الأحياء القديمة لمدينة حلب، إنما تؤكد هذه النظرية، علما بأن من قاتل فعليًا في المدينة ليست قوات الأسد بل الميليشيات الشيعية التي أتت بها إيران من أنحاء العالم». وأضاف: «من المؤسف جدًا أنّه في القرن الـ21 هناك من يطرح مشروعا مماثلا بغطاء من الأمم المتحدة التي تشرف فعليا على عمليات التهجير التي يتعرّض لها السوريون وآخرها في حلب».
وفي الشأن نفسه، تجدر الإشارة إلى أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعد تهجير سكان مدينة داريا زار المدينة المهجرة المتاخمة لدمشق في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلّق على الاتهامات التي تطاله بتنفيذ مخطط يقضي بتغيير ديموغرافي في البلاد، بالقول: «عمليًا سوريا كأي بلد متنوع... الحالة الديموغرافية تتبدل عبر الأجيال بسبب مصالح الناس الاقتصادية... والحالة الاجتماعية والظروف السياسية تتنوع. لذلك لا تستطيع أن ترى مدينة كبرى ولا صغرى... طبعا لا أتحدث عن الريف... فالقرى وضع مختلف... لكن المدن دائما تكون متنوعة وخصوصا داريا... والمدن التي تكون قريبة من المدن الكبرى كدمشق وحلب فهي مدن متنوعة لا يمكن أن تكون من لون واحد وشكل واحد». وهذا مع أنه كان قال في وقت سابق أن «سوريا لمن يدافع عنها أيًا ما تكون جنسيته».
محمد سرميني، مدير مركز «جسور للدراسات» يعتبر أن «مخطط التغيير الديموغرافي ليس حديث العهد بل يعود لثمانينات القرن الماضي حين حاول النظام توزيع العلويين الموجودين في الأرياف على المدن، وأبرزها دمشق وحمص وحماه. وهو عاد إلى هذا المخطط في عام 2012، لكن مع إحلال الشيعة بدل العلويين وبالتحديد من الإيرانيين والعراقيين». وتابع سرميني لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه أن «التغيير الديموغرافي الحاصل طائفي بامتياز ويندرج بإطار مشروع الهلال الخصيب الذي تهدف إيران من خلاله لإقامة تكتلات شيعية تحمي مصالحها في المنطقة اليوم وفي المستقبل».
ثم قال: «ليس مستغربًا أن تكون 80 في المائة من القوى المقاتلة إلى جانب النظام في حلب ميليشيات شيعية ستسكن الأحياء الشرقية بعدما تم تهجير سكانها»، لافتًا إلى أن «المقاتلين العراقيين والإيرانيين سيحضرون عوائلهم ليستوطنوا في أحياء ومنازل السكان السوريين الأصليين»، ومنبهًا إلى أن «ما يحصل اليوم في سوريا يشبه إلى حد بعيد ما حصل في فلسطين».
المعارضة السورية تتخوف من تكرار مخطط التغيير الديموغرافي في أحياء حلب الشرقية
غداة نشر مواقع إيرانية صورًا لقاسم سليماني وهو يتجول في المدينة
المعارضة السورية تتخوف من تكرار مخطط التغيير الديموغرافي في أحياء حلب الشرقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة