الفوعة وكفريا ومضايا والزبداني «الحلقات الأضعف» في الصراع السوري

حكاية 4 مدن وبلدات تدفع ثمن نزاع أكبر منها

سوري يمر أمس بجانب خان الجمرك القديم في حلب الذي يسيطر عليه قوات النظام (رويترز)
سوري يمر أمس بجانب خان الجمرك القديم في حلب الذي يسيطر عليه قوات النظام (رويترز)
TT

الفوعة وكفريا ومضايا والزبداني «الحلقات الأضعف» في الصراع السوري

سوري يمر أمس بجانب خان الجمرك القديم في حلب الذي يسيطر عليه قوات النظام (رويترز)
سوري يمر أمس بجانب خان الجمرك القديم في حلب الذي يسيطر عليه قوات النظام (رويترز)

في سبتمبر (أيلول) 2015 تم عمليا ربط مصير 4 مدن وبلدات سورية بعضها ببعض. وكانت عندما تُقصف إحداها يصار إلى إمطار البقية بوابل من القذائف والصواريخ، وعندما تدخل المساعدات الإنسانية إلى واحدة منها فذلك يعني تلقائيا أن المناطق الـ3 الأخرى ستتنفس الصعداء.
ولقد أعادت التطورات التي تشهدها مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، ملف «المدن والبلدات الأربع» كفريا والفوعة ومضايا والزبداني إلى الواجهة مع اشتراط حلفاء النظام إجلاء عدد من الجرحى والحالات المرضية من الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما المعارضة في ريف محافظة إدلب، مقابل السماح بخروج ما تبقى من مدنيين ومقاتلين من الأحياء الشرقية لحلب.
ويوم أمس ترقب أهالي مدينة مضايا الواقعة في محافظة ريف دمشق يوم أمس عن كثب المعلومات الواردة عن إمكانية إخلاء جرحى ومرضى محاصرين داخل البلدة كجزء من الاتفاق الأخير الذي يشمل كلاً من حلب والفوعة وكفريا والزبداني ومضايا. وقال أبو عبد الرحمن الناشط المقيم في مضايا، القريبة من الحدود مع لبنان، إن أهاليها لم يتبلغوا حتى ساعات ما بعد ظهر يوم أمس أي قرار بإخلاء عدد من الجرحى منها. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنّهم يعيشون في حصار مطبق منذ سنة ونصف، مستهجنا ربط مصير 40 ألف مدني بمصير مدنيين آخرين موجودين في مناطق سورية أخرى. وأضاف: «لقد ربطوا مصيرنا بوقت سابق بمصير الفوعة وكفريا، وها هم اليوم يربطون أحوالنا بأحوال حلب. وكأننا في هذه المدن الـ4 بتنا ندفع ثمن كل النزاعات التي تحصل في سوريا أو خارجها».
من ناحية ثانية، ذكر أبو عبد الرحمن أن الطعام متوافر حاليا في مضايا نتيجة إدخال الأمم المتحدة مساعدات كل 4 أو 5 أشهر، لافتا إلى أن ما يفتقر إليه الأهالي بشكل أساسي هو وسائل التدفئة. ثم تابع: «كما أننا نرزح تحت وضع صحي صعب جدًا، إذ لا وجود لأي طبيب متخصص في المدينة. هناك طبيب بيطري واحد لـ40 ألف شخص، وهو على تواصل يومي مع أطباء بالخارج كي يساهم بتخفيف الآلام ومعالجة السكان».
أما فيما يتعلق بمدينة الزبداني، فأشارت مصادر معارضة في ريف دمشق إلى أن من تبقى فيها نحو 50 عائلة، هي بمعظمها عائلات المقاتلين أبناء المدينة، ولفتت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه خلال الأيام الـ15 الماضية تعرضت المدينتان الواقعتان في غرب المحافظة لقصف جاء بإطار رد الفعل على ما يحصل في حلب كما على القذائف التي أطلقت على كفريا والفوعة.
ويسري على المدن والبلدات الأربع السابق ذكرها اتفاق تم التوصل إليه في 28 سبتمبر 2015 بين النظام السوري بإشراف مباشر من إيران وفصائل المعارضة بوساطة من الأمم المتحدة. يتضمن الاتفاق وقفا لإطلاق النار، وينص على وجوب أن تحصل عمليات الإجلاء منها وإدخال المساعدات بشكل متزامن. وكانت قد حاصرت عدة فصائل معارضة مدينة الفوعة وبلدة كفريا خلال مارس (آذار) 2015، بعدما سيطرت على مدينة إدلب وريفها، في حين حاصرت قوات النظام وما يسمى «حزب الله» مدينتي الزبداني ومضايا في يوليو (تموز) من العام نفسه.
وتبعد كفريا والفوعة اللتان تضمان أكثرية شيعية 10 كيلومترات عن مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة ويفصلهما الواحدة عن الأخرى نحو ثلاثة كيلومترات. ويعيش في الفوعة 35 ألف نسمة بينما يبلغ عدد سكان بلدة كفريا 15 ألفا، أي أن مجموع عدد السكان في المدينة والبلدة المجاورة 50 ألفا. وفي حين يؤكد إعلام النظام أن سكان الفوعة وكفريا يخضعون لـ«حصار تجويعي» يتزامن مع عمليات قصف مستمرة، تتحدث المعارضة عن «جسر جوي» يصل الفوعة وكفريا مع مناطق النظام، ويمدّ من بقي بداخلهما باحتياجاتهم الأساسية.
بالمقابل، تبعد مدينة الزبداني عن مضايا نحو كيلومترين وتسكنهما أكثرية سنّيّة متجمعة حاليًا في مضايا التي تضم 40 ألف نسمة معظمهم من أهالي الزبداني الذين هجروا نتيجة المواجهات العنيفة التي اندلعت عام 2015 بين مقاتلي المعارضة داخلها وقوات النظام وما يسمى «حزب الله». ولا يقطن في الزبداني في الوقت الراهن إلا عدد قليل من المقاتلين وعوائلهم.
هذا، كانت قد تمت أول عملية إخلاءٍ لجرحى ومدنيين وفق الاتفاقية الموقعة في سبتمبر 2015 يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين أخرج نحو 140 مدنيًا وجريحًا من الزبداني ومضايا، تحت رعاية أممية إلى لبنان، ومنه ثم نقلوا جوًا إلى تركيا، وبعد ذلك عبر معظمهم إلى محافظة إدلب، بالتزامن مع خروج نحو 300 شخص من كفريا والفوعة نحو تركيا التي غادروها جوًا إلى لبنان فسوريا.
كذلك شهدت هذه المدن البلدات في 21 (أبريل (نيسان) 2016 استكمالاً لعملية التبادل فتمّ التوصل لاتفاق يقضي بإخراج 250 شخصًا من مضايا والزبداني مقابل إخراج العدد نفسه من كفريا والفوعة. وفي 19 أغسطس (آب) 2016 تمكن المفاوض الإيراني من التوصل لاتفاق جديد ما بين «جيش الفتح» يقضي بإخلاء 18 حالة مرضية من مضايا المحاصرة شرط إخلاء العدد نفسه مقابلها من الفوعة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.