مصر: احتفالية لمجمع اللغة العربية ومؤتمر بمكتبة الإسكندرية

مصر: احتفالية لمجمع اللغة العربية  ومؤتمر بمكتبة الإسكندرية
TT

مصر: احتفالية لمجمع اللغة العربية ومؤتمر بمكتبة الإسكندرية

مصر: احتفالية لمجمع اللغة العربية  ومؤتمر بمكتبة الإسكندرية

في مصر تنوعت مظاهر الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، ما بين مؤسسات رسمية وأهلية، فمن جهته ينظم مجمع اللغة العربية بالقاهرة احتفالية موسعة ظهر يوم غد الاثنين، بقاعة الاحتفالات الكبرى بالمجمع.
يفتتح الجلسة الاحتفالية ويديرها الدكتور محمود الربيعي (نائب رئيس المجمع)، تعقبها محاضرة يلقيها الدكتور حسن الشافعي (رئيس المجمع) تدور حول إصدار قانون جديد لحماية اللغة العربية في مصر، ثم محاضرة الدكتور عبد الحكيم راضي (عضو المجمع) بعنوان: «مختارات من الشعر العربي الذي تغنى بجماليات اللغة العربية»، ويختتمها الدكتور حافظ شمس الدين (عضو المجمع) بمحاضرة بعنوان: «لغتنا العربية إلى أين؟». يحضر الاحتفال مجموعة من علماء اللغة والباحثين والمهتمين باللغة العربية من الصحافيين والإعلاميين والكتاب.
من ناحية أخرى، نظمت جامعة الدول العربية احتفالية باليوم العالمي للغة العربية يومي 16 و17 الماضيين، تضمنت برامج وأنشطة متنوعة تحتفي بالعربية «كلغة جامعة للعرب وإطار حضاري ولغوي لهم»، وذلك بمشاركة وحضور مسؤولين من منظمات «الألكسو»، «اسسكو»، و«اليونيسكو»، وبمشاركة مسؤولين ومتخصصين من 21 دولة عربية. قدمت الاحتفالية رؤية حول واقع العربية ودورها، وتخللتها ورش عمل على مدار اليومين حول واقع اللغة العربية، وكيفية حمايتها، وهي الأولى التي يتم عقدها في الجامعة. وكذلك، عقد متحف أمير الشعراء أحمد شوقي بالقاهرة، ورشة شعرية لغير الناطقين باللغة العربية، بدأت يوم الخميس الماضي استضاف خلالها مجموعة من طلاب شرق آسيا من الدارسين بجامعة الأزهر بالقاهرة، لتعليم فنون الشعر والإلقاء والخطابة وموسيقى الشعر والعَروض وكل ما يتعلق بالبلاغة العربية، . وتستمر الفعاليات بتدريس علم عَروض الشعر العربي وطريقة إلقائه، وتعليم أساسيات النحو والبلاغة العربية.
كما ينظم اتحاد الكتاب المصري ندوة موسعة، يشارك فيها مجموعة من الباحثين والمختصين، تتناول قضايا اللغة العربية، وكيفية النهوض بها، والمشكلات التي تعوقها، في مناهج التعليم، ومؤسسات المجتمع.
وبالمناسبة نفسها، استضافت لجنة العلاقات الثقافية بكلية الألسن جامعة عين شمس الشاعر أحمد سويلم الحائز على جائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام 2016 في ندوة بعنوان «لغتنا الجميلة والطفل». ودعا سويلم في كلمته إلى ضرورة الاهتمام بتعليم الأطفال اللغة العربية الفصحى بشكل مبسط، وذلك من خلال مجموعة من الكتب المتخصصة التي تمثل المراحل العمرية المختلفة للطفل، كما استعرض خبراته في الكتابة الشعرية المتخصصة للطفل من خلال كتابته لقصائد ومسرحيات للأطفال.
وفي إطار الاحتفال ذاته، نظمت جمعية حماة اللغة العربية، مجموعة من الأنشطة الثقافية، ركزت على دور الجمعيات الأهلية في حماية اللغة العربية، وتنمية مهارات تعلمها والتعريف بجمالياتها.
وأعدت وزارة الثقافة برنامجا شاملا ومتنوعا للاحتفال بهذه المناسبة، حيث ينظم المجلس الأعلى للثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة الكثير من الفعاليات تتضمن ندوات ومحاضرات ولقاءات شعرية وأدبية وورشا فنية، ومعرضا للخط، وأمسيات ثقافية، وحلقات نقاشية على مستوى الأقاليم الخمس للهيئة بجميع أنحاء الجمهورية. وفي مكتبة الإسكندرية ينظم مركز المخطوطات بالمكتبة احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعنوان «لغتنا الجميلة وقضايا العصر» بحضور الدكتور عبد الله التطاوي والدكتور محمد مصطفى أبو شوارب والدكتور أحمد عكاشة والدكتور علاء رأفت والدكتور عيد بلبع والدكتور ممدوح الرمالي والدكتورة إيمان السعيد والدكتور سامح الأنصاري، والشعراء فؤاد طمان وفضل شبلول وعبد المنعم سالم، والصحافي مصطفى عبد الله. تبدأ فعاليات الاحتفالية غدا الاثنين 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في العاشرة صباحا بمركز المؤتمرات بالمكتبة، وتستمر على مدار اليوم.
كما تنظم المكتبة، في السياق نفسه، مؤتمرا بعنوان «لغة الضاد نحو المستقبل»، الذي يحضره لفيف من علماء العربية وأعضاء مجمع الخالدين والشعراء والشخصيات العامة؛ لمناقشة التحديات العصرية التي تواجه مستقبل اللغة العربية، وذلك يومي الخميس والجمعة 23 - 22 ديسمبر الحالي، وستقوم المكتبة بطبع أبحاث المؤتمر وما تم فيه من مداخلات ونقاشات في كتاب خاص بهذه المناسبة.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.