مخاوف من «نهضة» في صفوف المتطرفين كرد فعل على مصير حلب

الغطاء الروسي ـ الإيراني وتفاقم خلافات الفصائل عاملان سرّعا بسقوط المدينة

مواطن سوري من أحياء حلب الشرقية لدى عودته بسيارته إلى حي خان العسل الذي مازال بيد المعارضة (غيتي)
مواطن سوري من أحياء حلب الشرقية لدى عودته بسيارته إلى حي خان العسل الذي مازال بيد المعارضة (غيتي)
TT

مخاوف من «نهضة» في صفوف المتطرفين كرد فعل على مصير حلب

مواطن سوري من أحياء حلب الشرقية لدى عودته بسيارته إلى حي خان العسل الذي مازال بيد المعارضة (غيتي)
مواطن سوري من أحياء حلب الشرقية لدى عودته بسيارته إلى حي خان العسل الذي مازال بيد المعارضة (غيتي)

يعبّر أكثر من طرف في المشهد السوري عن مخاوفه من نهضة في صفوف المجموعات المتطرفة بوصفها رد فعل على مصير مدينة حلب وعلى الارتكابات التي سجلتها الأمم المتحدة خلال محاولة القوات المهاجمة السيطرة على الأحياء الشرقية للمدينة، قبل التوصل لاتفاق على إجلاء المقاتلين وعوائلهم ومن يرغب من المدنيين إلى الريف الغربي. ويحدث هذا، بموازاة انصراف قوى وفصائل المعارضة السورية لتقاذف مسؤولية سقوط حلب، واقتناعها بوجوب وضع استراتيجية جديدة تضمن وحدة الصف المعارض لتخطي الخسارة الأخيرة والمضي في مواجهة النظام السوري وحلفائه.
مصدر معارض أعرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن خشيته من «تفاقم ظاهرة الانشقاقات في صفوف الفصائل المعتدلة وانضمام أعداد من العناصر المقاتلة مؤخرا للتنظيمات المتطرفة، وبخاصة (فتح الشام)، نظرا لحالة الاستياء العارمة مما شهدته الأحياء الشرقية لحلب من إعدامات ميدانية واحتجاز آلاف الشبان وإجبارهم على التجنيد الإجباري والعودة إلى المدينة لقتال عناصر المعارضة». ومن جانب آخر، رأى الباحث السياسي والخبير الاستراتيجي اللبناني، ماريو أبو زيد، أن «كل الجهود الدولية التي كانت تبذل لتطويق المنظمات الإرهابية وإضعافها ضُربت بعرض الحائط بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها مدينة حلب»، لافتا إلى أن «المعلومات التي لدينا تفيد بتنامي عدد عناصر المجموعات المتطرفة رد فعل على قصف المدنيين في حلب». وأردف: «إذا كانت المعارك ستتخذ النمط نفسه في باقي المناطق السورية، فسنكون على موعد مع مشكلة كبيرة».
في هذه الأثناء، مجموعات المعارضة السياسية والعسكرية على حد سواء تبحث في أسباب سقوط حلب. ويكشف أحد المقاتلين داخل الأحياء الشرقية للمدينة عن أنّه كان لديهم من المؤن والذخيرة ما يكفيهم لعام ونصف للصمود والاستمرار في التصدي لهجمات قوات النظام ومحاولة توسعة نطاق سيطرتهم داخل المدينة، إلا أن عوامل عدة ساهمت في تراجع قدراتهم العسكرية خلال الشهر الماضي. ومن بين الأسباب، الخلافات التي تحولت إلى مواجهات بين عدد من الفصائل، وأدّت لسيطرة بعضهم على مستودعات لمجموعات أخرى ما أدّى تلقائيا لإضعافها وتشتيت تركيزها على المعركة الأساسية.
وبحسب المقاتل نفسه الذي فضّل - التكتم على هويته - فإن استثمار النظام وحلفائه هذه الثغرة والدعم الروسي والإيراني اللامحدود واتخاذهم قرارا نهائيا بالسيطرة على كامل حلب غير آبهين بمصير عشرات آلاف المدنيين، كان السبب الرئيسي الذي أدّى لانهيار دفاعات المعارضة وسقوط المدينة عسكريا.
في المقابل قال أبو زيد: «لعل القصف غير المسبوق الذي تعرضت له الأحياء الشرقية في الآونة الأخيرة، إن كان من الطيران الحربي النظامي أو الطيران الروسي، كان له الأثر الأكبر في دفع المعارضة إلى خطوط خلفية». واستبعد أبو زيد، من ثم، أن يكون حجم المؤن أو الذخائر سببا رئيسيا وراء الانهيارات التي حصلت، لافتا إلى أن «نوعية السلاح الذي يستخدمه النظام وحلفاؤه، وأبرزهم موسكو، وبالتالي الأفضلية الجوية التي يتمتعون بها والقوة الكبيرة الضاربة برًا، مقابل نقص توفر السلاح النوعي لدى فصائل المعارضة وأبرزه الصواريخ المضادة للطائرات، كلها عوامل كان لها الأثر الأكبر في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه».
وأشار أبو زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المفاوضات التي كانت قائمة دوليًا، وبخاصة بين الروس والأميركيين لمحاولة فصل مجموعات المعارضة المعتدلة عن تلك المتطرفة، انعكست سلبا في الميدان بحيث جرى وقف الدعم عن عدد كبير من هذه المجموعات كما أثّرت على وحدة الصف المعارض».
فيما يخصها، تتجنب المعارضة السياسية تحميل الفصائل العسكرية أي مسؤولية لما آلت إليه الأوضاع في حلب، وتعتبر الهجمة الشرسة التي يقودها الروس هي التي فعلت فعلها. وفي هذا السياق، قال محمد يحيى مكتبي، عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» لـ«الشرق الأوسط» إن «المسؤولية المباشرة لما تشهده حلب يتحملها النظام السوري وداعموه وأبرزهم روسيا وإيران»، محملا أيضا «الفصائل العابرة للحدود أي (داعش) وفروع (القاعدة) جزءا من المسؤولية، تماما كصمت وتخاذل المجتمع الدولي وأصدقاء الشعب السوري». وأضاف مكتبي: «كما أن استخدام موسكو الأسلحة المحرمة دوليا من القنابل الارتجاجية والفوسفورية والأسلحة الكيماوية مقابل عدم امتلاك المعارضة الأسلحة النوعية كان له دور أساسي في سيطرة النظام وحلفائه على المدينة».
أما مدير مركز «جسور للدراسات»، محمد سرميني، فيرد سقوط حلب إلى «التدخل الروسي المباشر في المعركة بعدما فشلت كل محاولات النظام والميليشيات الإيرانية والعراقية السابقة باقتحام الأحياء الشرقية». ولفت سرميني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القصف الروسي كان شديدا لدرجة غيّرت موازين القوى لصالح النظام، فيما ظلّت قدرات المعارضة هي نفسها ما أدّى لتراجعها بشكل تلقائي». وشدد سرميني على أن «الفصائلية» في صفوف المعارضة كانت من الأسباب الرئيسية أيضا التي أدّت إلى خسارة معركة حلب.
مشيرًا إلى «تنوع الفصائل والمجموعات المقاتلة وتعدد أجنداتها ورؤاها وأهدافها التفصيلية». ثم أردف: «غياب القرار السياسي والعسكري الموحد، والاقتتال الداخلي كان لهما أثرهما الكبير لحسم المعركة لصالح النظام؛ وبالتالي إذا لم يتم تغيير المنهج المعتمد من قبل الفصائل من خلال التحول من الفصائلية إلى القيادة العسكرية المتماسكة، فما شهدناه في حلب سيسري على باقي المناطق السورية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.