الميليشيات تفتح النار على مصلين في البيضاء

قصف عشوائي متواصل للانقلابيين في تعز

عناصر موالية للحوثي وصالح ضمن مشاركتها في استعراض للأسلحة بصنعاء (رويترز)
عناصر موالية للحوثي وصالح ضمن مشاركتها في استعراض للأسلحة بصنعاء (رويترز)
TT

الميليشيات تفتح النار على مصلين في البيضاء

عناصر موالية للحوثي وصالح ضمن مشاركتها في استعراض للأسلحة بصنعاء (رويترز)
عناصر موالية للحوثي وصالح ضمن مشاركتها في استعراض للأسلحة بصنعاء (رويترز)

ارتكبت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، أمس، جريمة جديدة في مسجد بمدينة البيضاء، من خلال إطلاق الرصاص الحي وبشكل عشوائي واختطاف عدد من المصلين.
وأفادت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن «الميليشيات اقتحمت مسجد التوحيد، وسط مدينة البيضاء، بعشرات المسلحين، في محاولة منها لاختطاف خطيب الجمعة بعدما صعد إلى المنبر ليلقي خطبة الجمعة، وفرض خطيب تابع لها، وهو ما رفضه المصلون الذين تجمعوا، وعلى أثره قامت الميليشيات بإطلاق الرصاص الحي داخل المسجد، مما تسبب في سقوط إصابات في عدد من المصلين واختطاف آخرين».
يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه محافظة البيضاء مواجهات عنيفة في جبهات القتال المختلفة، أحرزت فيها قوات الجيش اليمني والقوات الموالية لها من أبناء محافظة البيضاء تقدما كبيرا واستعادت مواقع في قيفة رداع كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية.
وقال الناشط السياسي، أحمد الحمزي، من أبناء البيضاء لـ«الشرق الأوسط» إن «محافظة البيضاء شهدت مؤخرا اشتباكات عنيفة في مختلف الجبهات، أسفرت عن استعادة الجيش اليمني والقوات الموالية لها مواقع كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية بما فيها جبل كساد الاستراتيجي في منطقة الزاهر وبعض المواقع في ذي ناعم ومواقع أخرى في بلاد قيفة رداع، وبعد استعادة هذه المواقع باتت تشهد هدوءا حذرا، إلا أن هناك تكثيفا من قبل القوات وتصعيدا من هجماتها ضد الميليشيات الانقلابية في الزاهر والصومعة والوهبية والعبدية وقيفة رداع وطواف وذي ناعم».
وأضاف أن «هناك غضبا شعبيا عارما من أبناء محافظة البيضاء وسخطا على ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بعد اقتحامها لمسجد خلال صلاة الجمعة، حيث إن هذه الميليشيات تؤجج من عملياتها الطائفية والعنصرية ضد المواطنين وفرض نهجها وفكرها على الناس بقوة السلاح».
وأكد الحمزي أن «الميليشيات الانقلابية قصفت بالكاتيوشا وقذائف الهاون وبشكل عنيف وهستيري منازل المواطنين في مناطق الأجردعي والقوعة في مديرية الزاهر، مما تسبب في خسائر مادية جراء تضرر المنازل وسقوط جرحى من المدنيين، في حين تمكنت القوات من التصدي لهجمات الميليشيات على مواقعها في العبل وحمة الحصم في قيفة رداع»، مشيرا إلى أن «منطقة ذي ناعم شهدت مواجهات وبشكل أعنف في مواقع المشبي وكعواش وجميل، بعد هجوم شنته قوات الجيش على مواقع الميليشيات، مما أدى إلى سقوط 3 قتلى وجرح آخرين».
وفي تعز، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح ارتكاب مجازرها الجديدة بحق المدنيين العُزل من خلال استمرارها في القصف الهستيري وبمختلف الأسلحة على أحياء تعز السكنية وقرى حيفان والصلو الريفية، جنوب المدينة، ومواقع الجيش اليمني في جبهات القتال.
كما تواصل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وبشكل شبه يومي، محاولاتها المستميتة في استعادة مواقع خسرتها خلال الأيام الماضية في الجبهة الشرقية والغربية، وتركزت المحاولات على استعادة موقع الدفاع الجوي، شمال غربي تعز، وجبل هان الاستراتيجي في الضباب، وتخسر بذلك يوميا العشرات من عناصرها في محاولاتها التي تتصدى لها قوات الجيش اليمني.
وقال الناشط الحقوقي مختار القدسي، إنه «مع فشلها المتكرر في استعادة مواقع تم دحرهم منها، تعمد الميليشيات الانقلابية، قصف الأحياء السكنية لترتكب مجازر جديدة إضافة إلى استمرارها في الحصار المطبق على جميع مداخل مدينة تعز واحتجازها ونهبها أي مساعدات إغاثية لأهالي المدينة، وكثفت من قصفها العنيف أمس على جبهة الشقب بصبر».
ميدانيا، يواصل طيران التحالف العربية تحليقه المستمر على سماء تعز وشن غاراته على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية. وبحسب شهود عيان: «شنت طائرات التحالف غاراتها على مواقع الميلشيات في معسكر اللواء22 بالجند شرق مدينة تعز».
وحول ما يجري من انتهاكات تمارسها ميليشيات الحوثي وصالح في تعز وإصرار أهالي المحافظة على استمرار مواجهة الميليشيات الانقلابية حتى دحرهم من المحافظة وفك الحصار عنها، قال وزير حقوق الإنسان اليمني، عزب الدين الأصبحي، إن «هناك ثلاث حقائق يجب التذكير بها عن معركة تعز، وستبقى الحقيقة الكبرى هي هذه المعركة ستنتهي بانتصار تعز كحاملة لتيار التغيير وكحائط أخير دافع عن الانتماء إلى هذا العصر وصد سيل الكراهية العجيب لخطاب دمر البشر قبل أن يدمر الحجر».
وتحدث عبر منشور له نشره في صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة به على «فيسبوك»، أن الحقائق الثلاث هي «الأولى عندما خرجت تعز للتصدي لمشروع الحوثي وصالح إنما خرجت ضد مشروع كان ولا يزال يستهدف كل اليمن وقلبها تعز، ولأن إعادة مشروع الإمامة وترسخ حالة الاستلاب المكاني والزماني الذي يريده الحوثي ومعه صالح سيدمر أي حلم ببناء دولة أو حفاظ على كرامة لهذا الشعب لقرن كامل وأكثر وسيرسخ حكما قائما على الذل والاستبداد الممنهج، فتعز لا يمكن لها أن تقبل ذلك، وهذا ما حدث من تصديها لهذا المشروع».
وأضاف: «علينا ألا نربط نضالنا أبدا بزيادة دعم الشرعية أو قوة مدد الأشقاء، فالمعركة هي معركة شعب ضد جلاديه ومن أجل كرامته والبقية عوامل مساعدة، وعدم قوتها لا يضعف إرادتنا».
الحقيقة الثانية «لم يكن أمام تعز ترف اختيار موعد معركتها مع هذا المشروع المدمر، فلم تعط ميليشيا الحوثي بدعم وتخطيط صالح لتعز فرصة اختيار ولا حتى أن تبقى على الحياد، لقد هجم هؤلاء كما يليق بأعداء مملوئين بحقد غريب ومزهوين بقوة كاذبة وغرور تاريخي يستخف بكل ما هو ضدهم خاصة إذا جاء من تعز أو الجنوب أو تهامة، لهذا هجموا بكل بربرية القرون الوسطى وما تَرَكُوا للضحية حتى ترف أن تصرخ من هول الفاجعة. فقاومت مدينة الثقافة بكل ما تملك من عزيمة كبيرة وصدق حقيقي وسلاح محدود. وتصدت تعز لجحافل القتلة وهم يجتاحون عدن لأن تعز تؤمن أن هذا عمقها ودفاع عن ذاتها، وأظنها نجحت في صد المشروع بل وهده تماما مهما كابر القتلة».
وعن الحقيقة الثالثة يؤكد وزير حقوق الإنسان اليمني أن «انتصار تعز بصفتها عمق الوطن في جنوبه إلى حضرموت وغربه حتى ميدي وشرقه حتى مأرب الجوف، بل وشماله حتى صعدة، هو انتصار لكرامة شعب ووقف لمشروع جاء من خارج هذا العصر ليهدد كل استقرار في المنطقة وليس اليمن فقط. وحتى لو كابر المكابرون وشكك المحايدون بهذه الحقيقة وأرادوا سلب تعز هذا التاج، فإنه لا يهم، لأن معركة تعز مثل معارك المدن الكبرى ومسيرات التاريخ العظيمة في الدفاع عن الحياة، لا يقدر فعلها إلا بعد وقت طويل. ويجب أن نعرف أنه لن يدرك أهمية هذا الدور وما تقوم به تعز من قبل الأغلبية الصامتة المسلوبة الإرادة الممتهنة الكرامة إلا متأخرا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.