ليبيا: تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس

حفتر توعد بتحريرها في عملية خاطفة... وباريس تؤكد دعمها للسراج

عناصر داعمة لحكومة السراج تستعرض اسلحتها في منطقة الجيزة البحرية في سرت (غيتي)
عناصر داعمة لحكومة السراج تستعرض اسلحتها في منطقة الجيزة البحرية في سرت (غيتي)
TT

ليبيا: تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس

عناصر داعمة لحكومة السراج تستعرض اسلحتها في منطقة الجيزة البحرية في سرت (غيتي)
عناصر داعمة لحكومة السراج تستعرض اسلحتها في منطقة الجيزة البحرية في سرت (غيتي)

تجددت أمس الاشتباكات بشكل مفاجئ بين الميليشيات المسلحة التي تتصارع على السلطة والنفوذ في العاصمة الليبية طرابلس، في وقت صعَّد فيه الجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر من وتيرة تهديداته، وأعلن عزمه تحرير العاصمة من قبضة الميليشيات، التي تسيطر عليها منذ عامين، في عملية عسكرية خاطفة. وقال سكان وناشطون محليون، إن طائرات حربية مجهولة حلَّقت فوق سماء المدينة بعد ظهر أمس بالتزامن مع هذه الاشتباكات، لكن لم تُعرف الجهة التابعة لها. واندلعت اشتباكات بين ميليشيات مسلحة بعضها موالٍ لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، وأخرى يُعتقد أنها تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا برئاسة خليفة الغويل في عدة مناطق بالعاصمة، كان أبرزها وفقا لما أكده شهود عيان ومصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» في حي الأكواخ، ومنطقة أبو سليم قرب الجسر الحديدي، وبحي الزهور بطريق المطار.
والتزمت حكومة السراج الصمت حيال أحداث اشتباكات تشهدها العاصمة، بينما كشفت قوة الردع والتدخل المشتركة في محور أبو سليم عما وصفته بهجوم مسلح مدعوم بالدبابات والأسلحة المتوسطة.
وأضافت، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن هذا الهجوم «قامت به مجموعة من المجرمين متحالفة مع المدعو بشير الروياتي، تتمركز في طريق المطار وآخر مشروع الهضبة وصلاح الدين ومعسكر اليرموك، استهدف المنطقة المحيطة بحي الأكواخ وفي وقت صلاة الجمعة، في محاولة فاشلة لاقتحام منطقة أبو سليم»، على حد تعبيرها.
وقالت القوة إنه «على الفور خرج الدعم من السرايا التابعة لنا وتم دحر هؤلاء المجرمين»، لكنها لم تذكر ما إذا كان هناك أي قتلى أو جرحى جراء هذه الاشتباكات. وكانت القوة قد أعلنت في بيان أصدرته مساء أول من أمس، عن مقتل أحد عناصرها على أيدي مجموعة مسلحة قالت إنها تمارس الخطف والابتزاز والسرقة في منطقة مشروع الهضبة الزراعي، مشيرة إلى اعتقال أحد الأفراد البارزين في هذا التشكيل العصابي الذي يتبع إحدى الكتائب العسكرية. وقالت إنه تم التحقيق معه من قبل مكتب البحث الجنائي في طرابلس، حيث اعترف بقيامه ومعه آخرون بهذه الجرائم وغيرها، ولا يزال البحث مستمرا عن بقية المطلوبين.
في المقابل، أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي العقيد أحمد المسماري، عما أسماه جهوزية قوات الجيش لمعركة طرابلس المترقبة، وقال إنها لن ستكون سريعة وخاطفة، وليست معركة كبرى أو طويلة الأمد.
وقال المسماري، في تصريحات لوكالة «سبوتنيك» الروسية: «لدينا خطط جاهزة ومعدة مسبقا، ولدينا قواعد جوية بالقرب من طرابلس، ومن المناطق المحتمل حدوث بها اشتباكات».
كما اعتبر أن «طرابلس هدف استراتيجي للعمليات العسكرية الخاصة بالقضاء على الإرهاب»، على حد قوله. إلى ذلك، أكدت فرنسا مجددا على لسان وزير خارجيتها، جان مارك إيرولت، الذي اتصل هاتفيا بالسراج، على دعمها لحكومة الوفاق الوطني والجهود التي تبذلها من أجل تحقيق المصالحة وإرساء الأمن وإدارة موارد البلاد لما فيه مصلحة جميع الليبيين.
وقال بيان نشرته وزارة الخارجية الفرنسية عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، إن إيرولت أكد «التزامنا بدعم حكومة الوفاق الوطني والمجلس الرئاسي، وجهودهما الرامية إلى تحقيق وحدة جميع القوى الليبية تحت سلطتهما».
وبعدما اعتبر أنه من المهم أن تستعيد ليبيا السلم والاستقرار لكي تهزم الإرهاب، أكّد الوزير الفرنسي دعمه لعملية الوساطة التي يقودها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن كوبلر.
إلى ذلك، قالت البعثة الأممية إن خطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا 2017، تسعى لجمع 151 مليون دولار أميركي لتوفير أكثر الاحتياجات الحيوية والمنقذة للأرواح، لما يصل إلى 940 ألف شخص.
وتتناول الخطة احتياجات النازحين، والعائدين، وأكثر الليبيين ضعفًا من غير النازحين، والمهاجرين، واللاجئين وطالبي اللجوء، ممن هم في حاجة ماسة إلى الرعاية الصحية المنقذة للأرواح، والحماية، والوصول إلى السلع والخدمات الأساسية مثل الغذاء، ومياه الشرب، وخدمات الصرف الصحي، والمأوى والتعليم. وقال الدكتور جعفر حسين، منسق الشؤون الإنسانية بالإنابة في ليبيا: «إن شدة الأزمة الإنسانية في ليبيا لا يتم الإبلاغ عنها بالشكل الكافي، كما أنها تعاني نقصًا في التمويل. فالوضع في ليبيا لا يمكن إغفاله. لذا، نحن ندعو المجتمع الدولي لمساعدتنا في إنقاذ الأرواح، وحماية المدنيين والتخفيف من أثر النزاع على أكثر الفئات ضعفًا على مدى الـ12 شهرًا المقبلة».
وأضاف، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نتطلع للعمل مع الأطراف المعنية كافة في ليبيا، وعلى المستوى الدولي، لضمان وصول العمل الإنساني الفعال والقائم على المبادئ الإنسانية للمحتاجين».
وتقول البعثة إن آلاف الأشخاص في ليبيا يعيشون في ظروف غير آمنة، حيث يكونون عرضة للعنف وعدم القدرة على الوصول للمساعدات الطبية الحرجة، وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأساسية. كما أن نظام الرعاية الصحية الليبي على شفا الانهيار، حيث أصبحت حياة 1.3 مليون شخص عرضة للخطر، من دون الوصول الفوري إلى الرعاية الصحية الطارئة والأدوية الأساسية.
وحذرت من أنه من دون توافر مساعدات الحماية الملحَّة، فسوف تستمر معاناة الضعفاء من الليبيين، والمهاجرين، واللاجئين، وطالبي اللجوء، من تقييد حرية الحركة والتنقل، والتمييز والتهميش، والتعرض لخطر الوفاة أو الإصابة جراء الألغام والمتفجرات.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.