وفاة اثنين بمواد متفجرة قبيل تنفيذ «عملية إرهابية» في البحرين

مصدر أمني لـ «الشرق الأوسط»: نجاة مطلوب في حوادث سابقة برفقتهما

وفاة اثنين بمواد متفجرة قبيل تنفيذ «عملية إرهابية» في البحرين
TT

وفاة اثنين بمواد متفجرة قبيل تنفيذ «عملية إرهابية» في البحرين

وفاة اثنين بمواد متفجرة قبيل تنفيذ «عملية إرهابية» في البحرين

أعلنت البحرين أمس، عثورها على جثتين متفحمتين داخل سيارة في منطقة المقشع الواقعة على طريق البديع السريع خارج المنامة، وذلك بعد تلقي عمليات وزارة الداخلية بلاغا بوقوع انفجار في سيارة مدنية. وقال شهود إنهم سمعوا دوي انفجار «قوي» قبل أن تشتعل النار في السيارة وأكدوا أن السلطات طوقت المنطقة.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن الوزارة أن «الجهات المختصة انتقلت إلى الموقع على الفور، وأن المعاينة المبدئية كشفت عن العثور على جثتين متفحمتين وإصابة ثالث بحروق جرى نقله إلى المستشفى للعلاج».
وبحسب معلومات تلقتها «الشرق الأوسط» من مصدر أمني بحريني، فإن الجهات التي تقف وراء الحادث هي الجهات التي اعتادت استهداف رجال الأمن، وزرع القنابل في كل حادث تشهده البحرين، وأضاف أن المصاب الذي نجا من حادث انفجار السيارة، أحد المطلوبين أمنيا بسبب نشاطه في زرع القنابل وتصنيع المتفجرات.
وأوضح المصدر الأمني أن احتمال أن تكون السيارة مفخخة أمر وارد، ولكنه قال: «إن الراجح حاليا أن السيارة كانت تحمل قنبلة لزرعها في أحد المواقع لاستهداف رجال الأمن»، وأضاف: «جرى تجهيز القنبلة ووضعت في السيارة لنقلها إلى الموقع المستهدف إلا أنها انفجرت أثناء الانتقال إلى الموقع المستهدف»، كما أكد أن قوة الانفجار تشير إلى استخدام مواد متطورة في صنع القنبلة، أو وجود مواد في السيارة بالإضافة إلى القنبلة، وتابع «تقارير المختبر الجنائي ستكشف عن المواد التي تحتويها القنبلة وهل السيارة كانت مشركة أم لا؟».
ويعد احتمال تفخيخ السيارة تطورا أمنيا خطيرا، وقالت وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، إن الجهات المختصة انتقلت إلى الموقع على الفور وإن المعاينة المبدئية كشفت عن العثور على جثتين متفحمتين وإصابة ثالث بحروق جرى نقله إلى المستشفى للعلاج.
وأضافت الوزارة أن الفحص المبدئي يشير إلى وجود مواد متفجرة بداخل السيارة التي تعرضت للانفجار، مؤكدة أنها تباشر أعمال البحث والتحري للكشف عن ملابسات الواقعة والمتورطين فيها.
وصرح مصدر مسؤول في وزارة الصحة البحرينية بوصول شاب يبلغ من العمر 22 سنة لدائرة الطوارئ والحوادث بمجمع السلمانية الطبي، أمس، مصابا بإصابات مختلفة في جسده بسبب تعرضه لانفجار بمنطقة المقشع، وقال: «باشر أطباء الطوارئ عملهم لإسعافه، وبعد التشخيص المبدئي والفحوصات الأولية تبين أن المصاب تعرض لحروق من الدرجة الثانية ووصفت بالسطحية، وبإصابات متفرقة في الرقبة واليدين والرجلين».
إضافة إلى ذلك، أكد طبيب إنعاش طوارئ السلمانية أن المريض يخضع الآن للملاحظة بغرفة الإنعاش، وسيجري في وقت لاحق من مساء اليوم نقله إلى غرفة العمليات لإجراء عملية تنظيف للحروق التي تأثر بها جراء الانفجار.
ونقلت وكالات أنباء، أن السيارة المحروقة «عثر فيها على مواد متفجرة»،
وفي سياق أمني آخر، تعرض ثلاثة من رجال الدفاع المدني لإصابات متفرقة، وفقا للمدير العام للإدارة العامة للدفاع المدني، الذي أعلن أن «عملا إرهابيا تمثل في تفجير قنبلة محلية الصنع، استهدف رجال الدفاع المدني أثناء أدائهم واجبهم بإخماد إطارات مشتعلة على شارع الجنبية بمدخل منطقة القرية».
وأشار المدير العام للإدارة العامة للدفاع المدني إلى إحالة أحد المصابين إلى المستشفى وما زال يتلقى العلاج، بينما عولج البقية وغادروا المستشفى.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.