احتدام القتال في خمس جبهات بتعز

محلل سياسي: تحرير المحافظة يحسن بيئة التفاوض

احتدام القتال في خمس جبهات بتعز
TT

احتدام القتال في خمس جبهات بتعز

احتدام القتال في خمس جبهات بتعز

اشتدت المعارك بين قوات الجيش اليمني ضد ميليشات الحوثي وصالح في محافظة تعز خلال اليومين الماضيين، وزادت حدة الاشتباكات في خمس جبهات، استطاعت خلالها قوات الجيش هزيمة الميليشيات التي خسرت كثيرا من القتلى والجرحى.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبهات التي شهدت حدة في المعارك هي «الدفاع الجوي، والأربعين، والضباب، والأحكوم (هيجة العبد)، وصبر الشقب».
وفي الجبهات الأخرى، شهدت المناطق الشرقية والغربية وجبهة الصلو الريفية (جنوب المدينة)، قصفا متبادلا بالأسلحة الثقيلة، وفقا للمتحدث، الذي أضاف أن قوات الجيش تمكنت من تحقيق تقدم بإسناد من طيران التحالف الذي نفذ غاراته الجوية على عدة أهداف في معسكرات الميليشيات في الحوبان، لافتا إلى سقوط خمسة قتلى وعدد من الجرحى في صفوف الانقلاب، أمام رصد 7 جرحى بصفوف الجيش اليمني والمدنيين جراء القصف العشوائي والمواجهات.
وحول استكمال قوات الجيش اليمني السيطرة على السلسلة الجبلية الممتدة على طول طريق تعز وعدن، قال الحساني إن «سيطرة الجيش على موقعي جبل عنعن وجبل الصوالحة، التابعة لمديرية المقاطرة بمحافظة لحج والمحاذية لحيفان بتعز، والمطلة على سوق الربوع الواقع على طريق تعز - عدن، جنوب تعز، كان قبل أيام، وإن الحديث عن تطهير كامل للسلسة الجبلية المطلة على طريق هيجة العبد ليس صحيحا»، مشيرا إلى أن «ميليشيات الحوثي وصالح ما تزال تواصل قصفها على طريق هيجة العبد من مواقعها في تبة الخزان وتبة الدبعي وتبة الخضر في الأحكوم، وتستهدف حركة السيارة والمرور في طريق هيجة العبد».
هزت انفجارات عنيفة أحياء مدينة تعز جراء استمرار قصف ميليشيات الحوثي وصالح الأحياء السكنية ومواقع الجيش اليمني في مختلف الجبهات القتالية في المدينة والريف.
كما قصفت الميليشيات بشكل أعنف من مواقعها في شارع الخمسين، شمال المدينة، على منفذ الضباب، جنوب غربي تعز، وهو المنفذ الرابط بين مدينة تعز وقرى الحُجرية، أكبر قضاء في تعز، ومدينة التربة وعدن، وتم السيطرة عليه في أواخر أغسطس (آب) الماضي، وسقطت قذيفة مدفعية على حافلة على الطريق، وقتل جراء ذلك مدنيون وأصيب شخص على الأقل، بحسب مصادر محلية.
وجددت الميليشيات الانقلابية قصفها العنيف أيضا على أحياء الروضة ومشروع المياه وزيد الموشطي والأحياء المحيطة بمعسكر الدفاع الجوي وبير باشا، من مواقع تمركزها المختلفة في الحوبان، شرقا، والخمسين، شمال تعز، ما تسببت في خسائر مادية في أوساط المدنيين وسقوط جرحى.
وبحسب مصادر عسكرية، تواصل قوات الجيش اليمني «تصديها لمحاولات تسلل الميليشيات، المصحوبة بغطاء ناري كثيف على مواقع الجيش، في محيط المكلل وجوار مدرسة محمد علي عثمان، شرق المدينة، ومحيط الدفاع الجوي، شمال غربي المدينة، ومنطقة الشرف في جبهة الصلو، جنوبا، وأجبروهم على التراجع والفرار بعد سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات».
وأضافت المصادر أن «قوات الجيش تواصل تصديها وقصفها مصادر إطلاق النار، وقصفت مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في معسكر الأمن المركزي وتبة سوفياتل، شرق المدين، وفي الحرير (شمالا)، ومواقع وتجمعات للميليشيات والمخلوع في وادي الزبيرة بمنطقة قدس (جنوب تعز)».
وفي جبهة الصلو الريفية (جنوب المدينة)، تشهد منطقة الشرف اشتباكات متقطعة بين مجاميع من الميليشيات الانقلابية، خلفت عددا من القتلى والجرحى في صفوفهم، على إثر خلاف نشب بينهم على ذمة قضايا أخلاقية قام بها أفراد الميليشيات الانقلابية القادمون من خارج تعز، وشوهد عدد من الأطقم العسكرية التي تحمل جثثا ومصابين من الميليشيات، حيث لا يزال الوضع متوترا وسط اتهامات متبادلة بالخيانة، وذلك بحسب ما نشره «إعلام اللواء 35 مدرع التابع للجيش اليمني».
إلى ذلك، قال المحلل السياسي، باسم الحكيمي، إن «تحرير تعز من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية سيحسن الأرضيّة التفاوضية للشرعية، لأن تعز عمق جيو استراتيجي لليمن كلها، فهي الرابط بين الشمال والجنوب وهي حاملة المشروع الوطني».
وأضاف الحكيمي لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع الإنساني في تعز بلغ حدا لا يُطاق في ظل استمرار الميليشيات في حصارها لجميع مداخل المدينة، وفي الوقت الذي لا تزال فيها تعز من دون كهرباء ولا ماء ولا محروقات ولا مساعدات إنسانية تخفف على المواطنين».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.