عزيزة: يهمّني تعريف الغرب بالنمط الغنائي الطربي الأصيل

الفنانة اللبنانية حققت الذهبية في برنامج هواة عن فئة الطرب

الفنانة عزيزة
الفنانة عزيزة
TT

عزيزة: يهمّني تعريف الغرب بالنمط الغنائي الطربي الأصيل

الفنانة عزيزة
الفنانة عزيزة

قالت الفنانة عزيزة إنها ترغب في إيصال الطرب العربي الأصيل من خلال موهبتها الغنائية، لأنه برأيها يملك قيمة فنيّة لا تقارن مع غيرها من الفنون. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أجتهد اليوم للقيام بعمل مسرحي استعراضي شبيه بتلك المعروفة بها أعمال برودواي وباريس ولندن، فهبة طوجي وصلت إلى العالمية وشاركت بموهبتها الفذّة في عمل عالمي، وما أنويه بدوري هو تقديم عمل مشابه ولكن بالعربية».
وكانت شركة ستار سيستم لصاحبها أمين أبي ياغي، قد أقامت مؤخرا حفلا لإطلاق فيديو كليب للفنانة اللبنانية عزيزة أدت فيه أغنية «يا صلاة الزين» المعروفة. وعن سبب اختيارها هذه الأغنية في إطلالتها الأولى أمام وسائل الإعلام، أجابت: «لطالما تأثّرت بأغاني الفنانين العرب من الرعيل القديم الذين تركوا أثرا كبيرا فينا، وشكلوا مدارس فنيّة بأعمالهم التي تدرّس في الجامعات العربية والغربية، أمثال محمد عبد الوهاب وسيد مكّاوي وزكريا أحمد وغيرهم. فلقد تربّيت على هذا النوع من الأغاني من خلال والدي الذي ورثت عنه صوته الجميل، وقررت أن أدخل عالم الغناء من هذا الباب العريض خاصة، للثراء الذي يحمله من ناحية ولغيابه عن الساحة الغنائية حاليا وجهله من قبل شباب اليوم من ناحية ثانية». ولكن ألا تجدين بذلك مغامرة محفوفة بالخطر لكون جيل اليوم مشغولا بأغان من نوع آخر؟ ترد: «في الحقيقة لا أعدها مغامرة خطيرة بقدر ما هي نوع من الغناء الذي نفتقده حاليا ونشتاق إليه. ولمجرّد تلوينه بتوزيع موسيقي حديث (نفّذه ميشال فاضل)، فإنني أعتبره عملا أصيلا تمّ تحديثه بطريقة راقية ليلائم أهواء الشباب، ولا أنوي المضي في تجديد أغان قديمة، ولكني رغبت في أن أبدأ من هنا». وعمّا إذا هي خائفة من هذه التجربة تقول: «لا يمكن القول بأن لا شعور بالخوف عندي، فهي مسؤولية كبيرة وعلي أن أكون على مستواها، ولكن في المقابل أي عمل نقوم به بحبّ وشغف فلا بد أن يلقى النجاح، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على مجال الغناء بل على مختلف المجالات الأخرى». وتابعت: «شباب اليوم منشغل بأنماط موسيقية قد لا تشبهنا أحيانا كثيرة ومن المؤسف ألا يتعرّفوا إلى هويّتنا الفنيّة الحقيقية، وعلى أمل أن أحقق طموحي في إيصال الموسيقى العربية وأسلوبي الشخصي في الغناء إلى الغرب، فأنا متمسّكة بهذا الفنّ الذي سيبقى بمثابة هوّيتي الغنائية».
غنّت عزيزة في حفل إطلاق أغنيتها المصوّرة الجديدة «يا صلاة الزين» فلفتت الحضور بشخصيتها الفنية التي لا تشبه أحدا من زملائها. فكانت تطرب تارة وترقص تارة أخرى وتنسجم مع الموسيقى إلى حدّ جعلها تدندنها دون كلام. فشكّلت في أدائها لوحة استعراضية في حدّ ذاتها جمعت فيها الأصيل والحديث معا. «هذه هي شخصيتي في الغناء قديمة ومتشبثّة بالأصالة نعم، ولكني أقدمها في قالب جديد عصري يشبهني بديناميكيتي وحيويتي وأصالتي العربية». وعندما سألتها عما إذا هناك من تشابه بينها وبين الفنانة حنين التي تعتمد في غنائها على أعمال أصيلة، أجابت: «أحبّ كثيرا خطّ حنين في أسلوبها الغنائي، ولكنّها في أدائها الذي أخذته نحو الموسيقى الكوبية لا أعده يشبهني لا من بعيد ولا من قريب، لا بل أنا أذهب في غنائي إلى موسيقى التانغو أكثر وهو النمط الغربي الذي أدخله محمد عبد الوهاب إلى موسيقاه العربية إضافة إلى الرومبا وغيرها».
ولم تتوان عزيزة عن التفاعل مع الناس وهي على خشبة المسرح، طالبة منهم مجاراتها في الغناء مرة وبالتصفيق مرة أخرى، وتعلّق: «في كلّ مرة أقف فيها على الخشبة أتفاعل بصورة لاشعورية مع الحضور، فلا يمكنني أن أبقى جامدة ومن دون حركة، بل أحاول قدر الإمكان التفاعل مع الناس».
وتؤكّد عزيزة التي سبق أن عرفها الجمهور اللبناني من خلال مشاركتها في برنامج الهواة «استوديو الفن» في عام 2010، عندما نالت الميدالية الذهبية عن فئة الطرب، أنها تحبّ التعاون في أغانيها المقبلة مع الموسيقيين، ميشال فاضل ومروان خوري، اللذين يتناسبان بخطّهما الموسيقي مع هويّتها الغنائية.
حمل ألبومها السابق الذي صدر في عام 2014 اسم «عزيزة» واليوم تغني «يا صلاة الزين» التي تتضمن مقطع (عزيزة شابة)، فلماذا تمسّكها بهذا الاسم؟ توضح: «لأنه وبكلّ بساطة لقبي الفنّي الذي لولاه لما كنت موجودة هنا اليوم، أنا صاحبة (لوك) عصري باسم قديم، ولقد اخترته شخصيا بعد أن استوحيته من موسيقى (عزيزة) المعروفة للراحل محمد عبد الوهاب، وعندما حملته ارتدى حلّة حديثة إن بشكلي الخارجي أو بأدائي العصري».
وخلال الحفل قدّمت الفنانة عزيزة، التي تجيد العزف على العود، أغاني للراحلين، وردة الجزائرية وفريد الأطرش وداليدا، وهم من الفنانين الذين تأثّرت بمسيرتهم الفنيّة وما زالت تستمع حتى اليوم لأغانيهم. وعما تعلّمته من هؤلاء تقول: «لقد اكتسبت من محمد عبد الوهاب إحساسه المرهف بالموسيقى والكلمة، وتجديده في الموسيقى الشرقية من خلال إيقاعات غربية لم يسبق أن استخدمها أحد قبله، أما بالنسبة لداليدا فلقد تأثّرت بحضورها المسرحي، الذي كانت تزوّده بالفرح حتى لو لامس نصوصا حزينة فهي تبهرني، أما الراحلة وردة فهي رمز فني لا يتكرّر من حيث أناقة الغناء والإحساس الراقي».
وعن أغنيتها المصوّرة الجديدة (يا صلاة الزين) تقول: «لقد جمعت بين الرؤية العصرية التي أتطلّع إليها في أدائي، ولوحات استعراضية شبيهة بتلك التي عُرفت بهما الفنانتان شيريهان وداليدا، ولقد علّمنا المخرج (سمير سرياني) وأنا على الموجة نفسها فجاء العمل يشبهني إلى حدّ كبير». ويذكر أن الأغنية من ألحان زكريا أحمد ومن تأليف الشاعر بيرم التونسي ومن توزيع الموسيقي ميشال فاضل.
وعما إذا تأثرت بأداء أحد الفنانين الذين سبق أن غنّوا (يا صلاة الزين) أجابت: «لقد استمعت إليها مليّا بأصوات سيدّ مكاوي وزكريا أحمد وكذلك عصام رجّي الذي غنّاها بأداء رائع، ولكني صبغتها بشخصيتي دون أن أتأثر بأحد منهم».
وعزيزة التي تخصّصت في الإعلام المرئي والمسموع تصف لقاءها الأخير مع أهل الصحافة والإعلام بالممتع لتقول: «كنت أترقّب هذا اللقاء بشغف وأنتظر ردود فعلهم بحماس، فكانت مناسبة حلوة زوّدتني بجرعة كبيرة من الإيجابية وحفّزتني على إكمال مسيرتي بفرح، فاستيقظت في اليوم التالي هادئة ومبتسمة وكأنني أحلّق على غيمة بيضاء».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».