الكرملين: تيلرسون يقيم علاقات عمل جيدة مع بوتين

رحب الكرملين أمس بتعيين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ريكس تيلرسون وزيرا للخارجية، قائلا إنه «مهني ويقيم علاقات عمل جيدة» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال مستشار الكرملين، يوري أوشاكوف، للصحافيين بعيد التعيين إن «المسؤولين الروس، وليس فقط الرئيس يقيمون علاقات جيدة، علاقات عمل مع تيلرسون. إنه شخصية قوية، ومهني جدا في مجاله».
في الوقت نفسه اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تيلرسون شخصية «برغماتية». وقال خلال مؤتمر صحافي في بلغراد كما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس»: «نأمل في أن تشكل هذه البرغماتية قاعدة متينة لتطوير علاقات مفيدة للتعاون الروسي - الأميركي ولحل المشكلات الدولية».
وأضاف موضحا: «نحن مستعدون للعمل مع أي شريك يرغب في علاقات تتطور على قدم المساواة مع روسيا».
وقال الكرملين، أمس، إن الرئيس فلاديمير بوتين فضلا عن كثير من المسؤولين الروس تربطهم علاقات جيدة مع ريكس تيلرسون الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل.
وفي ظل هذا المعطى الجديد، يبدو أن وداع إدارة أوباما واستقبال إدارة دونالد ترامب دخل مرحلته النشطة بالنسبة للمسؤولين الروس، خصوصا بعد أن كثرت انتقاداتهم للتعاون الأميركي - الروسي في الفترات السابقة، وأبدوا أمس في المقابل ترحيبهم بالتعيينات الجديدة التي أعلن عنها ترامب، وتمنياتهم بالأفضل للعلاقات الثنائية في عهده.
ومع هذا تحاول موسكو الحفاظ على قسط من الموضوعية وسط بهجة عارمة لفوز ترامب، وتدعو إلى التريث في انتظار أن يدخل الرئيس المنتخب إلى البيت الأبيض ويبدأ عمله لمعرفة ما إذا كان سيطبق وعوده التي أطلقها، لا سيما بشأن التعاون مع روسيا أم لا.
وكانت العلاقات الروسية - الأميركية سابقا ولاحقا، موضوعا رئيسيا تناوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حديث لوسائل إعلام يابانية، كما كان الموضوع ذاته أمس محط اهتمام وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف. وكان واضحا أن بوتين ولافروف ركزا في حديثهما حول العلاقات مع الولايات المتحدة على طبيعة تلك العلاقات، وأن تقوم بعيدا عن فكرة «استثنائية» الولايات المتحدة بوصفها قوة عظمى، وعلى أساس المساواة في الحقوق أو الندية، وهو ما لم يتحقق في عهد أوباما، حتى حينما حاول بوتين إطلاق العلاقات على تلك الأسس تحت شعار العمل معا «ضد الإرهاب في سوريا».
وكان بوتين قد استهل حديثه لوسائل الإعلام اليابانية عن علاقات بلاده مع الإدارات الأميركية بالإشارة إلى أن «الإدارة الحالية كانت تنوي كذلك تطوير العلاقات مع روسيا»، لافتا النظر إلى أن ذلك لم يحدث «لكن ليس بسبب روسيا». وانتقد بوتين الإدارة الحالية في سياق عرضه أحد أمثلة فشل التعاون بين البلدين، وتحديدا الأزمة السورية، إذ قال بوتين إن إدارة أوباما «قدمت اقتراحات حول الأزمة السورية، وفجأة صرحت في الأمم المتحدة بأنها لا تنوي الحديث معنا حول أي أمر»، حسب قوله. ومع هذا فإنه هناك مسائل أساسية تحدد العلاقات بين الجانبين، وتحديدا الشعار الذي رفعه أوباما حول «استثنائية القومية الأميركية»، حسب قول بوتين الذي، وإن كان قد وصف الشعب الأميركي والولايات المتحدة بأنها «دولة عظمى وشعب عظيم»، لكنه يرى في «استثنائية الولايات المتحدة» أمرا «زائدا عن الحد ويخلق مشكلات محددة في العلاقات وليس مع روسيا وحدها».
ومن النقطة ذاتها «الدولة العظمى واستثنائية الولايات المتحدة» ينطلق بوتين بداية في حديثه عن ترامب، ويقول بهذا الصدد إن الرئيس الأميركي المنتخب «رفع شعارات بأن يجعل الولايات المتحدة دولة عظمى مجددا»، داعيا إلى التريث لمعرفة كيف سينفذ ترامب وعوده بهذا الخصوص، ومعربا عن أمله في الوقت ذاته بأن «لا تكون هنا (أي في تطبيق ترامب لوعوده حول الدولة العظمى) أي عقبات لتطوير التعاون بين البلدين». كما أعرب بوتين عن قناعته بأن «المصالح الرئيسية لروسيا والولايات المتحدة تتطلب تطبيع العلاقات بين بلدينا»، لافتًا إلى أنه شخصيا يرى أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب مستعد للعمل المشترك، داعيا من جديد إلى التريث و«الانتظار حتى توليه مهام منصبه رسميا وتشكيل إدارته».
في غضون ذلك، كان وزير الخارجية الروسي يشكو من سياسة إدارة أوباما، وتحديدا ممارساتها حول الأزمة السورية، وفشل التعاون بينها وبين روسيا، محملا المسؤولية، في تصريحات أمس، عن ذلك الفشل، واشنطن.
وبالمقابل، رحب وزير الخارجية الروسي بطريقة غير مباشرة بتعيين ريكس تيلرسون وزيرا للخارجية في إدارة ترامب، إذ نقلت وكالة «نوفوستي» عن لافروف قوله إن روسيا ترى أن الولايات المتحدة باختيارها هذا تعبر عن استعدادها للعمل مع شركائها. وبدا لافروف وكأنه يكيل المديح للإدارة الأميركية الجديدة، وفي تصريحات له أمس من العاصمة الصربية بلغراد أعرب عن اعتقاده بأن «الرئيس ترامب ووزير الخارجية الجديد (يقصد ريكس تيلرسون) لم يكونا ضد تطوير علاقات التعاون مع روسيا، بل على العكس»، ووصفهما بأنهما «أناس برغماتيون»، معربا عن أمله في أن «تكون تلك البرغماتية أساسا جيدا لبناء علاقات المنفعة المتبادلة، في التعاون الأميركي - الروسي، وكذلك من وجهة نظر حل المشكلات الدولية» حسب قوله.
أما بخصوص اختيار ترامب رئيس شركة «إكسون موبيل» النفطية لمنصب وزير الخارجية، فقد أكد لافروف أن موسكو تتعامل مع هذا التعيين على أنه قرار من الرئيس الأميركي المنتخب، مكررا استعداد روسيا للعمل «مع أي شركاء يهتمون لتطوير العلاقات الندية مع روسيا».
وكانت العلاقات الأميركية - الروسية أمس محط اهتمام كذلك من جانب الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف، الذي قال في حديث لوكالة «أسوشييتد برس» إن «العالم بحاجة ماسة للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة»، محذرا من أنه في حال لم ينطلق حوار بين البلدين فإن «الجميع سيبدأون بالتسلح»، وبالنسبة لدونالد ترامب فقد اعتبر غورباتشوف أنه «لا يمتلك الخبرة السياسية»، إلا أن هذا قد يكون أمرا جيدا حسب قوله.
وبينما كان الروس يتحدثون حول الإدارة الجديدة، كرر الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما في حديث صحافي أمس اتهاماته لروسيا بالتدخل في سير الانتخابات الأميركية بمساعدة قراصنة، شنوا هجمات على مواقع رسمية أميركية. وقال أوباما إن «محاولات روسيا التأثير على الانتخابات الأميركية بدأت منذ أيام الاتحاد السوفياتي. والآن هم (أي روسيا) قاموا باختراق البريد الإلكتروني ونشر الرسائل».