اتفاق روسي ـ تركي لخروج المعارضة من حلب

الفصائل وآلاف المدنيين يستعدون للخروج على دفعات إلى الريف الغربي وإدلب

مدنيون يفرون من القصف الوحشي الذي طال حي بستان القصر، أمس، باتجاه حي الفردوس الذي سيطر عليه النظام في الأيام السابقة (أ.ف.ب)  -  عنصر من جيش نظام الأسد يقف بالقرب من مدرعة عسكرية في حلب القديمة، أمس، بعد أسابيع من معارك عنيفة (أ.ف.ب)
مدنيون يفرون من القصف الوحشي الذي طال حي بستان القصر، أمس، باتجاه حي الفردوس الذي سيطر عليه النظام في الأيام السابقة (أ.ف.ب) - عنصر من جيش نظام الأسد يقف بالقرب من مدرعة عسكرية في حلب القديمة، أمس، بعد أسابيع من معارك عنيفة (أ.ف.ب)
TT

اتفاق روسي ـ تركي لخروج المعارضة من حلب

مدنيون يفرون من القصف الوحشي الذي طال حي بستان القصر، أمس، باتجاه حي الفردوس الذي سيطر عليه النظام في الأيام السابقة (أ.ف.ب)  -  عنصر من جيش نظام الأسد يقف بالقرب من مدرعة عسكرية في حلب القديمة، أمس، بعد أسابيع من معارك عنيفة (أ.ف.ب)
مدنيون يفرون من القصف الوحشي الذي طال حي بستان القصر، أمس، باتجاه حي الفردوس الذي سيطر عليه النظام في الأيام السابقة (أ.ف.ب) - عنصر من جيش نظام الأسد يقف بالقرب من مدرعة عسكرية في حلب القديمة، أمس، بعد أسابيع من معارك عنيفة (أ.ف.ب)

تتحضر فصائل المعارضة وآلاف المدنيين لإخلاء ما تبقى من أحياء واقعة شرق مدينة حلب تحت سيطرتهم، تنفيذا لاتفاق تركي - روسي على انسحابهم إلى الريف الغربي للمدينة أو إلى إدلب. وقال مصدر قيادي معارض لا يزال موجودا في حلب، لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية الإخلاء ستتم على دفعات وتبدأ ليل الثلاثاء - الأربعاء.
ونقلت «رويترز» تأكيد مصدر عسكري من النظام السوري، أمس، أنه جرى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في حلب، وقال إن إجلاء مقاتلي المعارضة سيبدأ في الخامسة صباح الأربعاء (اليوم) بالتوقيت المحلي.
وقال المصدر إن قوات المعارضة سيغادرون صوب ريف غرب حلب.
أكد فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، التوصل لاتفاق حول خروج مسلحي المعارضة السورية من شرق حلب، ووصف في تصريحات صحافية قبل الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي، أمس، الاتفاق بأنه «يعني النهاية عمليًا»، وأضاف أنه «لا داعي لأن يخرج المدنيون من هناك، وكل التحضيرات الإنسانية ستجري على الأرض في أماكن وجودهم».
ونقلت وسائل إعلام عن مصدر من الحكومة التركية تأكيده أن تركيا وروسيا ستكونان الجهة الضامنة لاتفاق خروج المسلحين من شرق حلب.
وأعلن مصدر بالحكومة التركية أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب بدءا من الساعة 15.00 بتوقيت غرينتش ويمكن للمدنيين والمقاتلين مغادرة المدينة بحافلات إلى إدلب حتى ليل الأربعاء. وأبلغ «رويترز» أنه سيكون بإمكان مقاتلي المعارضة حمل أسلحة خفيفة بناء على الاتفاق الذي تم التوصل له بعد مفاوضات بين تركيا وروسيا اللتين ستضمنان تنفيذه.
وقال مسؤول من جماعة لواء السلطان مراد المعارضة السورية، أمس، إن «أول حافلات ستغادر حلب ليل اليوم (أمس) الثلاثاء أو صباح غد (اليوم) الأربعاء».
من جهته، أكد أحد مقاتلي تجمع «فاستقم كما أمرت»، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن «كل الفصائل مستعدة للانسحاب من الأحياء الشرقية في حال كان الاتفاق يتحدث عن خروج آمن للمدنيين من دون المرور بمناطق النظام».
وأعلن ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي في «حركة نور الدين الزنكي»، مساء الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق لإجلاء المدنيين والمقاتلين من شرق حلب برعاية روسية تركية، على أن يدخل حيز التنفيذ خلال ساعات. وقال اليوسف لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم التوصل إلى اتفاق لإجلاء أهالي حلب المدنيين والجرحى والمسلحين بسلاحهم الخفيف من الأحياء المحاصرة في شرق حلب».
وينص الاتفاق، بحسب اليوسف، على أن يختار المغادرون وجهتهم بين ريف حلب الغربي أو باتجاه محافظة إدلب.
ولا يزال 840 مقاتلا يرابطون على آخر الجبهات المشتعلة شرق حلب، وقد نجحوا أمس بشن هجوم على حي جمعية الزهراء الواقع في الأطراف الغربية من مدينة حلب في محاولة لتخفيف الضغط عن الأحياء التي لا تزال خاضعة لسيطرتهم. وبحسب مصدر عسكري معارض موجود شرق المدينة فإن العدد الإجمالي لمسلحي المعارضة الذين لا يزالون في المنطقة الشرقية هو نحو 840. 170 منهم من «فتح الشام»، 220 من «أحرار الشام»، و450 من «حركة نور الدين الزنكي» و«تجمع فاستقم كما أمرت». وحمّل المصدر المذكور، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «الزنكي» مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في حلب؛ «فهم رفضوا مؤخرا مقترحا بخروج كل مقاتلي الفصائل بالسلاح الفردي وأصروا على إخراج سلاحهم الثقيل الذي يقتصر على عدد قليل من المدرعات وسيارات النقل الرباعي، وهو ما أعطى حجة للروس لاقتراف المذبحة المستمرة في المدينة». وأضاف المصدر: «كما أن حركة الزنكي وبعد تحالفها مع (فتح الشام) ومجموعة أبو عمارة وسيطرتها على مستودعات ومخازن الفصائل الرئيسية في المدينة ساهمت بسقوط المدينة عسكريا علما بأننا كنا قادرين على القتال والحفاظ على أحيائنا لأكثر من سنة ونصف».
وتواكب المعارضة السياسية، وعلى رأسها الائتلاف السوري، الحراك الدولي الحاصل للتصدي للعمليات العسكرية الحاصلة في حلب، وفي هذا السياق، أشار عضو الائتلاف أحمد رمضان إلى «سلسلة اتصالات مكثفة شاركت فيها أطراف دولية متعددة أبرزها أوروبا وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وأميركا ساهمت بالتوصل لاتفاق على تأمين ممر آمن للمدنيين والمقاتلين المحاصرين على حد سواء»، لافتا إلى أن «وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ مساء على أن يتم تحريك المدنيين الساعة الخامسة من صباح الأربعاء باتجاه إدلب».
وأوضح رمضان أن «المفاوضات تولتها أنقرة وموسكو مدعومة عربيا وبمتابعة أميركية للتصدي للإبادة المستمرة في الأحياء الشرقية حيث تحصل إعدامات ميدانية، ويتم قتل الجرحى داخل المستشفيات الميدانية وكذلك تجنيد الشبان الذين يتم إلقاء القبض عليهم لقتال الجيش الحر، وقد تم توثيق اختفاء 1500 شاب يُرجح أنه يتم تجنيدهم في معسكرات تابعة لإيران». وتحدث رمضان لـ«الشرق الأوسط» عن موقف أميركي ملتبس بملف حلب، لافتا إلى أن «دخول واشنطن بوقت سابق لخلق مسار متواز مع مسار المفاوضات التي كانت قائمة في أنقرة بين روسيا والفصائل المقاتلة، وعرضها على موسكو قضايا لم تكن مطروحة أصلا أدّى لوضع حد للمسارين ودفع الروس للتصعيد».
ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن متحدث عسكري في النظام السوري قوله إنهم قد يعلنون السيطرة الكاملة على شرق حلب في أي لحظة مع تقدمهم نحو المعارضة المتحصنة في بضعة أحياء، متوقعا أن تسقط تلك الأحياء الثلاثاء (أمس) أو الأربعاء. وذكر المتحدث أن قوات النظام تواصل التقدم صوب حي السكري وما تبقى من حي سيف الدولة وجزء من حي العامرية وحي تل الزرازير، لافتا إلى أنه عندما تستعيد القوات النظامية السيطرة على هذه المناطق فستنتهي عمليتها في المناطق الشرقية من المدينة. وأشار إلى أن «المعارضة المسلحة ما زالت ترفض الانسحاب من المدينة».
ونهار أمس وقبل إعلان الاتفاق على خروج المعارضة من حلب، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستمرار الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، وفصائل المعارضة من جانب آخر، قرب دوار المالية ومسجد الرسول الأعظم بحي جمعية الزهراء الواقع في الأطراف الغربية من مدينة حلب، إثر هجوم للفصائل في محاولة للتقدم في الحي، لافتا إلى أن «الاشتباكات ترافقت مع عمليات قصف مكثف من قبل الفصائل بعشرات القذائف التي استهدفت مناطق سيطرة قوات النظام وتمركزاتها في الحي، ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى». وتأتي عملية الهجوم هذه مع تمكن قوات النظام من تضييق الخناق وقضم مزيد من القسم الجنوبي الغربي المتبقي للفصائل في أحياء حلب الشرقية، حيث سيطرت خلال الـ24 ساعة الماضية على أحياء بستان القصر والكلاسة وجسر الحج والفردوس وما تبقى من حلب القديمة، حيث تقوم بتمشيط الأحياء والحارات والمناطق التي سيطرت عليها، مع مواصلتها قصفها المكثف على ما تبقى من أحياء تحت سيطرة الفصائل، وهي أجزاء من صلاح الدين وسيف الدولة والعامرية وأحياء المشهد والأنصاري وأجزاء واسعة من السكري.



اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
TT

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)

شدد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني على ضرورة اتخاذ إجراءات أممية حازمة لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وعلى إسناد جهود الحكومة في بلاده لنزع الألغام التي زرعتها الجماعة بكثافة في محافظة الحديدة.

وفي حين تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة باتجاه إسرائيل، أتت تصريحات الزنداني خلال استقباله في الرياض، الأحد، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، اللواء متقاعد مايكل بيري.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن وزير الخارجية اطلع من المسؤول الأممي، على نشاط البعثة والقضايا المتصلة بمهامها، ومسار مواءمة عملها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن الوزير الزنداني تطرق إلى التهديدات الحوثية للملاحة الدولية، مشدداً على ضرورة اتخاذ مواقف حازمة من عمليات تهريب الأسلحة إلى ميليشيات الحوثي، مع تأكيده على أهمية عمل البعثة الأممية على إسناد جهود الحكومة لنزع الألغام التي زرعتها الميليشيات بكثافة وعشوائية في الحديدة.

ونسبت الوكالة الحكومية إلى المسؤول الأممي أنه عبَّر عن تقديره لتعاون ودعم الحكومة والسلطات المحلية في المديريات المحررة من الحديدة، وأنه أكد التزام البعثة بالعمل وفقاً لقرار ولايتها واستعدادها لمعالجة كافة التحديات والإشكاليات بالشراكة مع الحكومة اليمنية.

وسبق أن دعت الحكومة اليمنية البعثة الأممية الخاصة بالحديدة والمنشأة عقب اتفاق استوكهولم في أواخر 2018 إلى نقل مقرها إلى المناطق المحررة لكي تستطيع ممارسة دورها بعيداً عن ضغوط الحوثيين الذين يسيطرون على معظم مناطق الحديدة وعلى موانئها.

وتتهم الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية باستغلال موانئ الحديدة وسواحلها لاستقبال الأسلحة المهربة من إيران إلى جانب النفط الإيراني، فضلاً عن استخدام المحافظة لشن الهجمات البحرية ضد السفن والتعاون مع الجماعات الإرهابية في القرن الأفريقي.

هجمات حوثية

في سياق الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، تبنت الجماعة، مساء السبت، تنفيذ عملية عسكرية ضد هدف حيوي إسرائيلي في إيلات، بعدد من الطائرات المسيَّرة، وفق بيان لمتحدثها العسكري يحيى سريع.

وبحسب البيان الحوثي، حققت الهجمات أهدافها، وهو ما لم يؤكده الجيش الإسرائيلي، الذي عادة ما يشير إلى الهجمات القادمة من اتجاه اليمن.

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة زعموا أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

وفي حين توعد المتحدث العسكري الحوثي باستمرار الهجمات حتى توقف العمليات الإسرائيلية في غزة ولبنان، كان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي تبنى، الخميس الماضي، في خطبته الأسبوعية تنفيذ عمليات عسكرية بـ29 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيَّرة، خلال أسبوع.

وزعم الحوثي أن جماعته شنت هجمات باتجاه العمق الإسرائيلي، وباتجاه سفن أميركية حربية في البحر الأحمر والبحر العربي، وأن الهجمات أجبرت حاملة الطائرات «إبراهام لينكولن» على الابتعاد من موقعها في البحر العربي مئات الأميال.

وبخصوص هجمات واشنطن، في الأسبوع الماضي، على مواقع الجماعة، قال الحوثي إن الضربات التي طالت محافظات عدة، لم يكن لها أي تأثير على قدرات جماعته العسكرية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، في سياق مزاعمها لمناصرة الفلسطينيين في غزة. وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

واشنطن استخدمت مقاتلات «إف 35» في ضرب مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

ورداً على التصعيد، فإن الجماعة تلقت نحو 800 غارة غربية بقيادة أميركا، أملاً في الحد من قدرتها على شن الهجمات البحرية. وإلى ذلك استهدفت إسرائيل مرتين مواقع خاضعة للجماعة في محافظة الحديدة من بينها مستودعات الوقود رداً على الهجمات.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.