التحالف يستهدف مخازن أسلحة في صنعاء ويسقط {باليستيًا} للانقلابيين في مأرب

تواصل المواجهات في تعز والجيش يدعو السكان لدعم تأمين المناطق المحررة

ضباط في التحالف العربي لدى تفقدهم جبهات القتال بين محافظتي لحج وتعز مطلع الشهر الحالي («الشرق الأوسط»)
ضباط في التحالف العربي لدى تفقدهم جبهات القتال بين محافظتي لحج وتعز مطلع الشهر الحالي («الشرق الأوسط»)
TT

التحالف يستهدف مخازن أسلحة في صنعاء ويسقط {باليستيًا} للانقلابيين في مأرب

ضباط في التحالف العربي لدى تفقدهم جبهات القتال بين محافظتي لحج وتعز مطلع الشهر الحالي («الشرق الأوسط»)
ضباط في التحالف العربي لدى تفقدهم جبهات القتال بين محافظتي لحج وتعز مطلع الشهر الحالي («الشرق الأوسط»)

نفذت قوات التحالف العربي أمس سلسلة غارات جوية على مواقع وتجمعات ومخازن أسلحة للميليشيات الانقلابية في صنعاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين منذ عامين في اليمن. وقالت مصادر في الجيش الوطني اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن أربع غارات جوية استهدفت جبل النهدين المطل على دار الرئاسة فيما استهدفت غارات أخرى منصة ميدان السبعين جنوب المحافظة التي كانت الميليشيات تخطط لإقامة احتفالات مركزية فيها عصر أمس، مضيفة أن غارات مماثلة استهدفت الأمن المركزي ومواقع عسكرية في منطقة بني مطر غرب مدينة صنعاء.
كما اعترضت دفاعات التحالف العربي بمحافظة مأرب، فجر أمس، صاروخًا باليستيًا أطلقته الميليشيات الانقلابية باتجاه المحافظة التي تبعد عن صنعاء نحو 180 كيلومترًا. وقال ضباط عسكريون لـ«الشرق الأوسط» إن الصاروخ الباليستي انفجر في سماء مأرب بعدما تم اعتراضه من قبل دفاعات التحالف العربي «الباتريوت»، حيث دأبت الميليشيات على استهداف محافظة مأرب بالصواريخ الباليستية بشكل شبه يومي إلا أن دفاعات التحالف الجوية دائمًا ما تتصدى لها قبيل أن تسقط وتسبب جرائم كبيرة في المدينة.
كذلك، تجددت المواجهات بين قوات الجيش الوطني والميليشيات الانقلابية في محافظة حجة أمس عقب هجمات مباغتة للميليشيات ومحاولات تسلل فاشلة إلى مواقع الجيش بالمحافظة. وكان المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة بجبهتي حرض وميدي٬ أكد مقتل القيادي الحوثي حسين راشد الحسوي مسؤول التسليح والإمداد في جبهتي حرض وميدي مع أكثر من 15 من مرافقيه بغارة جوية لطيران التحالف أول من أمس.
وجاءت تلك التطورات بعد ساعات من اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش المسنودة من طيران التحالف العربي٬ والميليشيات في قطاع «اللواء 25 ميكا» بوادي بن عبد الله بجبهة حرض الحدودية٬ والتي سقط على إثرها العشرات من الميليشيات بين قتيل وجريح.
وفي جبهات القتال بمحافظة صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين، تواصلت أمس المعارك بين قوات الجيش الوطني والميليشيات، حيث أشارت مصادر محلية إلى أن العشرات من الميليشيات لقوا مصرعهم في جبهات باقم بشمال المحافظة، بينهم قيادات في الحرس الجمهوري التابع للرئيس السابق علي عبد الله صالح. وكانت قوات الجيش اليمني بإسناد قوات تابعة للتحالف قد تمكنت خلال الفترة الماضية من تحرير منفذ علب الحدودي والسيطرة على مواقع عسكرية ومدينة شمال مديرية باقم بمحافظة صعدة.
كذلك، تجددت المواجهات بين الجيش اليمني والميليشيات في محافظة تعز، وتحديدًا في حي مدرسة محمد علي عثمان ومحيط معسكر التشريفات، شرق المدينة، جراء محاولة الميليشيات التسلل إلى مواقع الجيش. وتعرضت أحياء الكمب وبازرعة والشرف وثعبات وصالة، شرق مدينة تعز، إلى قصف الميليشيات في تبتي الجعشة والسلال، ومنطقة العدنة والصرمين والقصر وتبة سوفياتيل‏. وتمكنت مدفعية الجيش اليمني، المسنودة من طيران التحالف العربي التي تقودها السعودية، من الرد على قصف الميليشيات المتواصل، ليلا ونهارا.
وقالت مصادر عسكرية ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش اليمني يواصل تصديه لكل محاولات تسلل تقوم بها ميليشيات الحوثي وصالح في مدينة تعز خاصة في الجبهتين الشرقية والغربية، في محاولة مستميتة منها لاستعادة مواقع تم دحرهم منها». وأضافت المصادر أن «الميليشيات تواصل قصفها على جميع أحياء تعز الشرقية».
ويأتي ذلك في الوقت الذي واصلت فيه ميليشيات الحوثي وصالح قصفها وشن هجماتها على مواقع الجيش اليمني في جبهات حيفان والصلو الريفية، جنوب تعز، في الوقت الذي تدفع بتعزيزات عسكرية من مواقعها في حيفان إلى جبهة الأحكوم في الجبهة ذاتها، والقصف المستمر على قرى الشرف والصيار في الصلو.
من جانبه، يواصل طيران التحالف العربي شن غاراته على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح في مناطق متفرقة من محافظة تعز، جنوب العاصمة صنعاء. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن طيران التحالف شن غاراته على مخازن أسلحة تتبع الميليشيات الانقلابية في منطقة الجبلين بمديرية المخا الساحلية، غرب تعز، وكذلك مواقع وتجمعات في معسكر اللواء 22 حرس في الجند، إلى الشرق من مدينة تعز.
بدوره، دعا قائد «اللواء 22 ميكا»، العميد ركن صادق سرحان، جميع أهالي محافظة تعز إلى «مساندة جهود تأمين المناطق المحررة في مدينة تعز». وقال إن «الحفاظ على أمن مدينة تعز يمثل ضرورة بالغة ومسؤولية أولى لقطع الطريق أمام من يسعون للنيل من محافظة تعز الصامدة»، وأن اللواء 22 ميكا ملزم بمساندة إدارة أمن تعز وتأمين المناطق المحررة في المدينة إلى جانب مرابطة أفراده في جبهات الشرف للتصدي الميليشيات الانقلابية.
وفي جبهات كهبوب وكرش شمال غربي محافظة لحج المحاذية لمحافظة تعز، ساد الجبهات أمس هدوء حذر بعد فشل الميليشيات في اختراق مواقع الجيش اليمني في سلسلة الجبال الاستراتيجية المطلة على باب المندب وأيضا جبهات كرش الاستراتيجية التي تربط محافظتي تعز ولحج ببعضها البعض.
وبخصوص تطورات جبهات بيحان شرق محافظة شبوة، حيث تشهد هي الأخرى مواجهات متقطعة بين الميليشيات من جهة وقوات الجيش اليمني من جهة ثانية، تركزت المواجهات في مديرية عسيلان التي تربط شبوة مع محافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وقوات صالح منذ أكثر من عام ونيف من اندلاع الحرب في البلاد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.