بكين ارتاحت لفوز ترامب لتبتعد عن «توازن» كلينتون

شهر العسل تعكر بمكالمة.. وتهدد بـ«الصين الواحدة» أساس «الاستقرار»

صورة أرشيفية لمجلة صينية تحت عنوان «كيف فاز ترامب؟».. ووسائل الإعلام الصينية حذرت أمس من التراجع عن سياسة «الصين واحدة» (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمجلة صينية تحت عنوان «كيف فاز ترامب؟».. ووسائل الإعلام الصينية حذرت أمس من التراجع عن سياسة «الصين واحدة» (أ.ف.ب)
TT

بكين ارتاحت لفوز ترامب لتبتعد عن «توازن» كلينتون

صورة أرشيفية لمجلة صينية تحت عنوان «كيف فاز ترامب؟».. ووسائل الإعلام الصينية حذرت أمس من التراجع عن سياسة «الصين واحدة» (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمجلة صينية تحت عنوان «كيف فاز ترامب؟».. ووسائل الإعلام الصينية حذرت أمس من التراجع عن سياسة «الصين واحدة» (أ.ف.ب)

كان فوز مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، في الانتخابات الأميركية لعام 2016، ليصبح بذلك الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، بمثابة صدمة على الصعيدين الأميركي والدولي، لكن اعتبره البعض انتصارا لبكين، التي لم تعد تواجه احتمال سياسات هيلاري كلينتون التخويفية واستراتيجيتها القائمة على إعادة التوازن في منطقة المحيط الهادئ، ودعمها دولا آسيوية مجاورة لإثارة القلق في الداخل الصيني، خصوصا فيما يخص نزاع السيادة القائم في بحر الصين الجنوبي.
لكن تصريحات ترامب خلال الأيام الأخيرة تجاه الصين قلبت الموازين، وخلقت توترا بين بكين وواشنطن لم يكن متوقعا. إذ أعربت بكين أمس الاثنين عن «قلقها البالغ» عقب تصريحات ترامب بأن أميركا ليست مضطرة إلى الالتزام بسياستها القائمة منذ فترة طويلة الخاصة بالاحتفاظ بالعلاقات الدبلوماسية الرسمية لبكين. ويشار إلى أن سياسة «الصين واحدة»، تعني أن الحزب الشيوعي الحاكم في الصين يطلب من الدول الأخرى تجنب أي اعتراف دبلوماسي رسمي بتايوان، رغم أن الولايات المتحدة تحتفظ بكثير من القنوات غير الرسمية معها. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جينج شوانج، للصحافيين في بكين أمس الاثنين: «سياسة (الصين الواحدة) أساس مهم للعلاقات الصينية - الأميركية».
وأضاف جينج شوانج، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية من واشنطن: «إذا تم تدمير هذا الأساس، فلن تكون هناك علاقة سليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة». وأوضح أن «الصين تحث الإدارة الجديدة بتفهم أهمية قضية تايوان، والتعامل مع هذه المشكلة بحرص».
ورفضت رئيسة تايوان تساي إنج وين التعليق أمس على تصريحات ترامب. وقال المتحدث الرئاسي أليكس هوانج: «ليس لدينا تعليق على هذا الأمر».
اعتمد المعلقون في تحليلاتهم حول العلاقة بين البلدين على تلقي بكين إعلان فوز ترامب بارتياح، وقامت بإرسال برقية، رغم أن هذا تصرف بروتوكولي معتاد، إلا أنها أشارت إلى أن الصين والولايات المتحدة تتحملان مسؤولية حفظ السلام العالمي وتعزيز التنمية والازدهار والاستقرار بوصفهما تحتلان أكبر اقتصادات في العالم، وأن ترامب سيكون مشغولا، على عكس هيلاري كلينتون، بالقضايا المحلية، نائيا بنفسه عن التدخلات والتكتلات الإقليمية والتجارية مثل عزمه الانسحاب من منظمة دول المحيط الهادي، وهذا ما أثلج قلب بكين.
وأشادت صحف رسمية صينية بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ووصفته بالزعيم الأقدر على رسم العلاقات بين القوى العظمى. واعتبرت هذه الصحف أن اتصال ترامب الهاتفي بالرئيس الصيني شي جين بينغ أظهر تفاؤلا حيال علاقات البلدين خلال السنوات الأربع المقبلة. ومن جانبه، قال ترامب إنه موافق مع الرئيس الصيني في رأيه حول العلاقات الأميركية الصينية، معربا عن ثقته بأن العلاقات بين البلدين ستحقق تطورا أفضل في المستقبل.
وأعربت بكين عن تطلعها إلى العمل مع الإدارة الأميركية الجديد دون صراع ودون مواجهة، لتوسيع التعاون على المستوى الثنائي والإقليمي والعالمي وفي شتى المجالات على أساس الاحترام المتبادل، واحتواء الخلافات بطريقة بناءة لتحقيق الفائدة للشعبين.
السفير الصيني لدى واشنطن، تسوي تيان كاي، عكس هذا التوجه في تصريح لشبكة «سي إن إن»، قائلا إن الصين لا تريد أي حرب، سواء كانت تجارية أو غيرها من الحروب مع أي دولة، مضيفا أن الصين مستعدة، وتعتزم العمل مع أي شركاء آخرين من أجل استمرار الاستقرار والرخاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وترى بالتأكيد الولايات المتحدة شريكا مهما.
لكن الواقع يأتي بغير المتوقع، حيث فتح ترامب، قبل أسابيع من تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) النار على الصين من خلال تصريحاته على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «توتير»، طارحا السؤال حول ما إذا كانت الصين قد سألت أميركا إذا ما كان تخفيضها قيمة عملتها خطوة جيدة، أو أنها تشاورت مع أميركا حول موضوع إقامة مجمع عسكري ضخم في بحر الصين الجنوبي. وجاءت محادثة ترامب هاتفيا مع تساي إنج وين رئيسة تايوان غير المعترف بها دوليا، القشة التي قصمت ظهر البعير. الصين تعتبر الجزيرة جزءا لا يتجزأ من أراضيها، وأن أي محاولات من قبل واشنطن لإنهاء التفاهم القائم بين البلدين على «صين واحدة» منذ 1979 انقلاب في العلاقات.
الحزب الشيوعي الحاكم يعتبر تايوان إقليما مارقا، تجب «إعادة توحيده» مع البر الرئيسي. وعلى الرغم من أن كثيرين في تايوان يفضلون الاستقلال الرسمي عن الصين، فإن معظم المواطنين يفضل الوضع الحالي القائم.
قال جينج شوانج، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن الصين قدمت شكوى إلى الولايات المتحدة، وحثتها على الالتزام بتعهدها فيما يتعلق بسياسة «صين واحدة»، مضيفا: «يجب توضيح أن هناك صينا واحدة، وأن تايوان جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين، وأن كل هذه الحقائق معترف بها دوليا». وأوضح: «نحث الجانب الأميركي على الالتزام بسياسة صين واحدة، وكذا البيانات المشتركة الصينية - الأميركية، والتعامل بحذر وبشكل مناسب مع القضايا المتعلقة بتايوان، لتجنب أي تشويش غير ضروري للصورة الأكبر للعلاقات الصينية - الأميركية».
وتعتبر الصين بلسان وزير خارجية الصيني وانغ يي، أن المكالمة الهاتفية حيلة صغيرة من جانب تايوان لن يغير من التوافق الدولي والأميركي حول القضية.
المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني بالبيت الأبيض، ند برايس، صرح للإعلام المحلي، وهذا ما أبرزته وكالة الأنباء الصينية الرسمية، قائلا: «سنظل ملتزمين بقوة بسياسة صين واحدة بناء على البيانات المشتركة الثلاثة الصينية - الأميركية»، مضيفا: «من مصلحتنا الأساسية علاقات سلمية ومستقرة عبر المضيق». كما انتقدت الدوائر المتنفذة وأصحاب القرار في المؤسسة السياسية الأميركية هذا التغيير المفاجئ في السياسة تجاه «صين واحدة».
الغريب أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قرر ترشيح حاكم ولاية آيوا تيري برانستاد سفيرا للولايات المتحدة لدى الصين، وهذا ما أبرزته «بي بي سي» في تغطيتها للخلاف، معتبرة أن اختيار برانستاد، الذي ينظر إليه الصينيون على أنه «صديق قديم للصين» مفاجأة، خصوصا عقب الخطوة التي أقدم عليها ترامب بالتحدث إلى رئيسة تايوان التي أغضبت بكين.
وردا على هذا الاختيار، قال لو كانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إنه أيا كان من سيصبح السفير الأميركي في بكين، فإن الصين مستعدة للعمل من أجل تحقيق علاقات سليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة، مضيفا أن «السفير الأميركي لدى الصين سيكون بمثابة جسر بين حكومتي البلدين». واستطرد المتحدث أن برانستاد، صديق قديم للشعب الصيني، وأسهم كثيرا في التبادلات الصينية الأميركية.
وقال وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كسنجر، الذي قام عام 1971 بزيارة سرية إلى الصين مهدت الطريق نحو إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين في 1979، خلال لقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ هذا الشهر، إنه يأمل أن تستمر الإدارة الأميركية الجديدة بعلاقات جيدة وقائمة بين البلدين.
وقال ترامب، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» أمس الأول (الأحد)، إنه يتفهم تماما سياسة الولايات المتحدة في الاعتراف بصين واحدة فقط، وعدم التعامل بصورة منفصلة مع دول مثل تايوان. وأضاف: «لكنني لا أعرف لماذا يتوجب علينا الالتزام بسياسة الصين الواحدة، إلا إذا أبرمنا اتفاقا مع الصين له علاقة بقضايا أخرى، من بينها التجارة».
تعتبر العلاقات الصينية الأميركية من أعقد العلاقات الدولية، ويصعب التنبؤ بالتغيرات التي ستطرأ عليها مستقبلا. الصين لا تريد الدخول في صراع مباشر مع الولايات المتحدة، وتفضل أن ينحصر التعاون بين البلدين في الدائرة الاقتصادية المربحة للجانبين، خصوصا في ظل وعود ترامب خلال الحملة الانتخابية لتعزيز البنية التحتية للولايات المتحدة.
وتظهر أحدث الأرقام الصادرة من الحكومة الأميركية، أن عجز الميزان التجاري مع الصين بلغ مستوى غير مسبوق العام الماضي، ووصل العجز التجاري في نهاية فبراير (شباط) هذا العام إلى 57 مليار دولار.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.