الإرهاب يواصل مسلسل استهداف دور العبادة والأماكن المقدسة

أبرزها المسجد النبوي الشريف و«القديح».. وكنيسة القديسين

استهداف المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
استهداف المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
TT

الإرهاب يواصل مسلسل استهداف دور العبادة والأماكن المقدسة

استهداف المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
استهداف المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة («الشرق الأوسط»)

واصل الإرهاب الغادر استهداف دور العبادة والأماكن المقدسة بمعزل عن هوية ديانة القاتل والقتيل، وزارت يد الغدر القاهرة أمس مجددا بتفجير إرهابي في كنيسة بقلب العاصمة المصرية، ليرسم خريطة ممتدة من الخليج إلى غرب أفريقيا، ليتقاطع مع حوادث مماثلة حول العالم.
ففي مصر شهد العام 2013 أوسع موجة لاستهداف الكنائس في البلاد، بأكثر من 38 كنيسة تعرضت للحرق ونهب محتوياتها وتفجير بعضها، كذلك الاعتداء على 23 كنيسة اعتداء جزئيا بإلقاء الحجارة والمولوتوف وإطلاق الأعيرة النارية وحصارها، في موجة احتجاجات أنصار جماعة الإخوان المسلمين على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة.
ورغم اتساع نطاق العنف في عام 2013 ظل حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية منطبعا في ذاكرة المصريين مسلمين وأقباطا، إذ مثل الهجوم الأكبر والأكثر إيلاما في استهداف مسيحيي مصر خلال أربعة عقود شابها العنف الطائفي.
وكان الإرهاب قد أطل برأسه مع أول أيام العام الجديد في يناير (كانون الثاني) عام 2011، أمام كنيسة القديسين «مارى جرجس والأنبا بطرس» بمنطقة سيدي بشر، شرقي محافظة الإسكندرية (غرب القاهرة)، وأدى إلى مصرع 21 شخصا وإصابة 79 آخرين أغلبهم من المسيحيين، من بينهم ضابط شرطة و3 جنود كانوا يحرسون الكنيسة.
وشهدت دول الخليج، والمملكة العربية السعودية خصوصا، مع تصاعد تهديدات «داعش» الإقليمية، انتهاكات عدة في استهداف دور العبادة، وكان المسجد هو خطة الهدف الأولى، وكانت النساء والأطفال هم أوائل من يسقط وآخر من يفكر فيه المعتدون على حرمات المكان المقدس دينيا، والمسار فيها ضرب الصف والمقرات الدينية الخاصة بالشيعة في السعودية.
غالبا ما تشير مسارات الأحداث إلى حرصهم على استهداف دور العبادة في حدود من يعيشون بأقلية، هدفا للطائفية، فكان مسجد قرية «القديح» الذي وقع في شهر مايو (أيار) من العام 2015، أول استهدافات التنظيم الإرهابي، الذي راح ضحيته أكثر من عشرين شخصا وعشرات الجرحى، تلاها بأسبوع محاولة تفجير تصدت لها القوات الأمنية وبعض المدنيين، من تفجير مسجد «العنود» بمدينة الدمام، وراح ضحيته أربعة أشخاص.
لكن ذلك المسار الذي كان في بدئه يريد الفتنة الطائفية، تعدت أهدافه إلى استهداف المساجد بعمومها، ولعل تفجير مسجد قوات الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير (جنوب السعودية) أحد تلك الحوادث البارزة، حيث استهدف إرهابي بمساعدة طالب عسكري خان زملاءه، في أغسطس (آب) من العام الماضي، ومهد للمنفذ تنفيذ عمليته في المسجد أثناء أداء صلاة الظهر، مما نجم عن ذلك مقتل خمسة عشر شخصا وإصابة سبعة آخرين، معظمهم من طلبة التدريب وجنود قوات الطوارئ الخاصة، الذين كانوا يستعدون لحزم رحالهم للتوجه في مهمة الحج ما قبل الماضي.
وفي استهداف يثبت العمل على استراتيجية القتل الشامل، كان مسجد «المشهد» بمنطقة نجران (جنوب السعودية) الذي يعد أحد أكبر المساجد التي يعتادها الشيعة من الطائفة الإسماعيلية بالمنطقة، حيث استهدف انتحاري المصلين بالمسجد، لكن اليقظة الداخلية حجّمت من الخسائر في الأرواح حيث قُتل اثنان، وجُرح أكثر من عشرين شخصا، في تفجير تبناه تنظيم داعش كسابقاته.
لعل الأبرز في قضايا استهداف دور العبادة، هو استهداف المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، ذي الحرمة الأكبر وفي زمان أشد حرمة، حيث حاول إرهابي استهداف المسجد لكن رجال الأمن الذين اشتبهوا بالانتحاري، جنّبوا آلاف المسلمين خطر استهدافهم ومكّنوهم من إتمام رحلتهم الإيمانية في شهر رمضان المبارك الماضي.
وعلى المنوال ذاته، لكن من خارج الحدود، كانت ميليشيا الحوثي ومعاونوهم، ذوي هدف أبعد، حيث حاول صاروخ أطلقته الميليشيات في أكتوبر (تشرين الأول) استهداف قبلة المسلمين في مكة المكرمة، لكن قوات الدفاع الجوي أسقطته على بعد 62كلم من المدينة، مما جعل الأمر استفزازا كبيرا لمشاعر المسلمين، وكشف الكثير من الأهداف للتنظيمات.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.