تضامن عربي ودولي واسع مع مصر في مواجهة حادث تفجير الكنيسة

السعودية تدين بشدة الهجوم الإرهابي > بوتين يهاتف السيسي ويؤكد مواصلة التعاون في مكافحة الإرهاب

محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري يتحدث إلى ممثلي وسائل الإعلام أمام الكنيسة البطرسية بعد التفجير أمس (رويترز)
محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري يتحدث إلى ممثلي وسائل الإعلام أمام الكنيسة البطرسية بعد التفجير أمس (رويترز)
TT

تضامن عربي ودولي واسع مع مصر في مواجهة حادث تفجير الكنيسة

محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري يتحدث إلى ممثلي وسائل الإعلام أمام الكنيسة البطرسية بعد التفجير أمس (رويترز)
محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري يتحدث إلى ممثلي وسائل الإعلام أمام الكنيسة البطرسية بعد التفجير أمس (رويترز)

عبر عدد من زعماء ورؤساء الدول العربية والغربية عن تضامنهم الكامل مع مصر في مواجهة الحادث الإرهابي، الذي وقع أمس بالكنيسة «البطرسية» وسط القاهرة، وأسفر عن عشرات القتلى والمصابين. حيث أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها، وبأشد العبارات، التفجير. وأكد مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية أن «هذا العمل الإرهابي الجبان يرفضه الدين الإسلامي الحنيف، كما ترفضه بقية الأديان والقيم والمبادئ الإنسانية والأعراف والمواثيق الدولية».
وكان مصدر مسؤول بوزارة الخارجية، أعرب يوم أمس أيضًا عن إدانة بلاده واستنكارها الشديدين للتفجيرات التي وقعت بالقرب من ملعب في مدينة إسطنبول التركية، وميناء في العاصمة الصومالية مقديشو، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى.
وجدد المصدر التأكيد على تضامن السعودية ومؤازرتها للدول الشقيقة في التصدي للإرهاب وصوره. فيما بعث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ببرقية تعزية إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عبر فيها عن خالص تعازيه، مؤكدا «استنكار بلاده وإدانتها الشديدة لهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في مصر». كما أرسل ولي العهد الكويتي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وكذلك الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس الوزراء، ببرقيتين مماثلتين، عبرا فيهما عن مواساتهما لضحايا الانفجار. من جانبه، أكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، وقوف دولة الإمارات (قيادة وحكومة وشعبا) مع مصر في مواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله. وقال إن «دولة الإمارات إذ تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية ورفضها المبدئي والدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب، تؤكد دعمها للقيادة المصرية في كل ما تتخذه من خطوات وإجراءات حازمة للقضاء على الإرهاب واستئصاله والحفاظ على أمن مصر واستقرارها». وأضاف أن «هذا الحادث الإرهابي يتنافى تماما مع كل المبادئ والقيم الإنسانية والدينية، وأن مثل هذه الأعمال الإجرامية تتطلب وحدة الصف والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد لإفشال كل المخططات الإرهابية السوداء».
وفي العاصمة السعودية الرياض، أدان الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بشدة التفجير الإرهابي الذي وقع أمس في القاهرة، واستهدف الكاتدرائية المرقسية، ووصفه بأنه عمل إرهابي جبان يتنافى مع كل القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية.
وعبر الأمين العام عن استنكار دول مجلس التعاون الخليجي هذه الجريمة المروعة، ووقوفها إلى جانب الحكومة المصرية في جهودها لمكافحة التنظيمات الإرهابية والفتن والتطرف.
بدورها، أدانت الحكومة الأردنية الحادث، مؤكدة تضامن الأردن مع الحكومة والشعب المصري في مواجهة الإرهاب. وقال محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن «الأردن يدين هذا العمل الإرهابي الجبان الذي يستهدف أماكن العبادة».
وأدانت الخارجية العراقية الحادث، معربة عن تضامن العراق مع «الشقيقة» مصر «في مواجهة كل محاولات المساس بأمنها الداخلي. كما قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تعازيه لنظيره المصري. من جانبه، أدان أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية التفجير. وقال إن الجامعة تتضامن بقوة مع مصر في مواجهتها للإرهاب، مشددا على ثقته بقدرة المجتمع المصري على هزيمة هذا الشر بكل الوسائل. كما أدان البرلمان العربي في جلسته المنعقدة في مقر الأمانة العامة للجامعة التفجير، وأشار إلى أن استهداف دور العبادة وقتل الأبرياء «أعمال إرهابية جبانة تخالف تعاليم الأديان السماوية كافة».
كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي التفجير، وقدم الأمين العام الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين التعازي لعائلات القتلى ولمصر حكومة وشعبًا.
وتلقى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفيًا من الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي قدم خالص تعازيه وتعازي الشعب اللبناني في ضحايا الحادث الإرهابي. كما بعث الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ببرقية تعزية إلى الرئيس السيسي.
وأدانت وزارة الخارجية البحرينية التفجير. وقالت الوزارة إن العمل الإرهابي يتنافى مع كل المبادئ الدينية والقيم الأخلاقية والإنسانية.
وأدانت دولة قطر التفجير، وجددت وزارة الخارجية التأكيد على موقف دولة قطر الثابت من رفض العنف والإرهاب مهما كانت دوافعه أو مسبباته.
دوليا، أكدت فرنسا تضامنها الكامل مع مصر، وقال وزير الخارجية جون مارك إيرولت: «لقد تلقيت بحزن نبأ الهجوم البغيض الذي وقع وقت قداس الأحد»، معربا عن تعازيه لأسر الضحايا، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال مع نظيره المصري عن استعداد بلاده لمواصلة التعاون الوثيق مع مصر لمكافحة الإرهاب، كما أكدت السفارة البريطانية في القاهرة أنها على اتصال مع السلطات المصرية بشأن الهجوم.
وشددت الولايات المتحدة على وقوفها مع مصر في مواجهة الأعمال الإرهابية كافة، ودعمها لمستقبل يشمل الاستقرار والأمن والازدهار لكل المصريين. وقال بيان للسفارة الأميركية في القاهرة، إن التفجير الذي استهدف الكنيسة والأقباط المصريين «ينم عن الكراهية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.