وفاة صحافي جزائري في السجن ومطالب بفتح باب التحقيق

بعد اتهامه بالإساءة للرئيس ... وعائلته ترفض تسلم الجثمان

وفاة صحافي جزائري في السجن ومطالب بفتح باب التحقيق
TT

وفاة صحافي جزائري في السجن ومطالب بفتح باب التحقيق

وفاة صحافي جزائري في السجن ومطالب بفتح باب التحقيق

أعلنت وزارة العدل الجزائرية أمس، وفاة الصحافي محمد تامالت في مستشفى تابع للسجن، بعد خمسة أشهر من إدانته بعامين سجنا، بتهمة الإساءة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وإهانة مسؤولين مدنيين وعسكريين. واتهمت عائلة الصحافي، الذي عرف بحدة مواقفه من السلطات، حراس السجن بضربه ما أدى إلى وفاته.
وذكرت الوزارة في بيان أن علامات نقص في التركيز ظهرت على الصحافي، وهو في سجنه يوم 20 أغسطس (آب) الماضي، بعد نحو شهر من الحكم عليه بالسجن. وأوضح البيان أن إدارة المؤسسة العقابية نقلت الصحافي المدون إلى المستشفى، على إثر تدهور حالته الصحية «حيث استفاد من تحاليل بيولوجية وأشعة أظهرت أن المعني مصاب بجلطة دماغية، جراء ارتفاع حاد للضغط الدموي، وهو ما تطلب إخضاعه لعملية جراحية مستعجلة على مستوى الرأس من طرف المختص في جراحة الأعصاب».
وبحسب الوزارة فقد «اكتشف الطاقم الطبي، الذي كان يعالج الصحافي، التهابات على مستوى الرئتين بعد فترة، فقرر وضعه تحت العلاج المناسب لتتم في الرابع من الشهر الجاري تصفية الرئتين من التقيحات، وتم أخذ عينة منها إلى مركز التحاليل المعمقة بالعاصمة»، مضيفة أن حالة تامالت ازدادت سوءا يوم أمس، وأنه توفي في نفس اليوم.
وتابعت الوزارة، بأن الصحافي شن إضرابا عن الطعام منذ اليوم الأول لدخوله السجن، من دون توضيح سبب الإضراب، فيما صرح محاموه بأن ذلك الإضراب جاء احتجاجا على اعتقاله وسجنه، ذلك أن محمد كان يرى أن ما عبر عنه من مواقف تجاه المسؤولين في الدولة يندرج في إطار حرية التعبير.
وذكرت الوزارة أن أفراد عائلة الصحافي ومسؤولين بالسفارة البريطانية بالجزائر زاروه في السجن وبالمستشفى، علما بأن الصحافي، الذي كان يشتغل لفائدة وسائل إعلام أجنبية، كان يملك الجنسية البريطانية. وقد أثارت قضيته بحدة نقاشا في الصحافة حول حدود حرية التعبير.
وقال عبد القادر تامالت، شقيق محمد، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إنه رفض التوقيع على وثيقة رسمية تطلب من العائلة الموافقة على تشريح الجثة، كشرط لتسلمه بغرض الدفن. وأوضح أنه طلب فتح تحقيق في ظروف الوفاة، وبدا مصرًا على أن شقيقه تعرض للضرب لإجباره على توقيف الإضراب عن الطعام.
واحتج الصحافي على إدانته أثناء محاكمته، وقال لهيئة المحكمة إن القصيدة الشعرية التي نشرها في صفحته بـ«فيسبوك»، والتي توبع بسببها «تتضمن هجاء ضد الرئيس، والهجاء فن وليس سبا وشتما». أما القاضي الذي نطق بالحكم فقد أعاب عليه «التجريح» بحق رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء عبد المالك سلال، وعدة وزراء وقادة بالمؤسسة العسكرية بشبكة التواصل الاجتماعي، وفي الصحيفة الإلكترونية التي يشرف عليها ويكتب بها. وقد طالت انتقاداته أبناء هؤلاء المسؤولين أيضا.
وقال أمين سيدهم، محامي الصحافي الراحل، في اتصال هاتفي، إن الجهة التي اعتقلت الصحافي وأخضعته للتحقيق، لم يعد لها وجود قانوني، وهي «دائرة الاستعلام والأمن» (المخابرات العسكرية)، التي تم حلها العام الماضي، وعزل مديرها الجنرال محمد مدين، واستبدلت بثلاث مديريات أمنية ملحقة برئاسة الجمهورية، وعين على رأسها الجنرال عثمان طرطاق، مسؤول قسم محاربة الجاسوسية سابقا.
وذكر رئيس الوزراء عبد المالك سلال، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، نشرت الشهر الماضي بخصوص قضية تامالت، إن دستور البلاد «عزز الحريات الفردية والجماعية، ومنع توقيع عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر. ومن جهة أخرى أكد القانون الأول في البلاد على مبدأ المساواة أمام القانون ووجوب احترام الحياة الخاصة والشرف والأعراض، فلا يملك جزائري مهما كانت مهنته حق السب والقذف والتحريض على العنف». ونفى سلال أن يكون تامالت سجين رأي بقوله: «لا يوجد سجين رأي واحد، كما أن الحبس قرار قضائي لا تملكه الحكومة، والجزائر بلد قوانين ومؤسسات، واحتراما لهذا المبدأ أمنع نفسي عن التعليق على أحكام القضاء في أي ملف كان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم