«الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» المغربيان يوقعان وثيقة للعمل المشترك لمواجهة «العدالة والتنمية»

وقع حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربيين المعارضين أمس في الرباط وثيقة للعمل المشترك أعلنا من خلالها عن قيام تحالف سياسي بينهما يستند على برنامج عمل للمرحلة المقبلة، وهي مبادرة أتت بعد انسحاب حزب الاستقلال من حكومة عبد الإله ابن كيران وانتقاله إلى المعارضة.
وتضمنت وثيقة العمل المشترك 14 بندا تحدد مختلف مجالات التنسيق بينهما وأهمها التنسيق في المحطات الانتخابية، والعملين النقابي والبرلماني.
وكان حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، حاضرا بقوة في الوثيقة وفي هذا التحالف الذي ظهر بشكل واضح أنه يسعى لمواجهة هذا الحزب «الظلامي»، وأمينه العام رئيس الحكومة.
وخصص حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، في اللقاء الصحافي المشترك بينه وبين إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي عقد أمس بمقر حزب الاستقلال، عقب التوقيع على الوثيقة، جزءا كبيرا من حديثه لتوجيه انتقادات لاذعة لابن كيران، وكيل الاتهامات له، ونعته بأقذع النعوت. وتنبأ الحليفان الجديدان أن الحكومة الحالية لن تكمل ولايتها، وأن انتخابات سابقة لأوانها لا شك قادمة على الرغم من تأكيدهما أنهما لن يسعيا لإسقاطها.
وفي هذا السياق، وصف شباط الحزبين بـ«ثنائي الأمل»، الذي سيعمل على تحرير الشعب المغربي من الديكتاتورية. وأقر بأن خلافه مع ابن كيران كان «خلافا جوهريا بين الخير والشر، والنور والظلام». وأضاف أن الحزبين لن يسعيا إلى إسقاط الحكومة لأن ذلك يشكل انقلابا على الديمقراطية، بيد أنه أضاف أن الحكومة سيسقطها ابن كيران وأصحابه، وقال «لدي إحساس بأنه ستكون هناك انتخابات سابقة لأوانها».
وعدت وثيقة العمل المشترك فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية، التي جرت في 2011، «معاكسا لتطلعات الصف الديمقراطي، حيث بوأت استحقاقات 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحزب الظلامي صدارة النتائج، ومكنته من تشكيل أغلبية برلمانية وحكومة غير منسجمة، تشتغل تحت هيمنة هذا الحزب ورغباته المعلنة في التراجع عن كل المكتسبات الدستورية، وتعطيل عمل المؤسسات، واختيار الحلول السهلة للمعضلات الاقتصادية، عبر الزيادة في أسعار المحروقات وضرب الحركة النقابية، وغيرها من القرارات اللاشعبية، التي فضحت قصوره في تحمل المسؤولية الحكومية، بل افتضحت نياته المضمرة للسطو على الدولة والمجتمع».
واستعرض قياديا الحزبين «تاريخهما المشترك» وعاد بهما الحنين إلى فترة ما قبل الاستقلال، ودعا كل منهما إلى تجاهل الخلافات السابقة بينهما والتطلع إلى المستقبل.
وفي هذا السياق، طالب لشكر بـ«ألا يحاول أي أحد الاصطياد في الماء العكر بشأن هذا العمل النبيل والترفع عن الخصومات»، بعدما انصبت مختلف الأسئلة حول الاتهامات التي تبادلها الحزبان في السابق، ومنها الانتقادات التي وجهها شباط إلى الزعيم الاشتراكي الراحل المهدي بن بركة.
وقال لشكر «أشعر بفخر أننا نضع أيدينا في يد قيادة حزب الاستقلال لأننا كنا دائما الأبناء الشرعيين للحركة الوطنية»، وأضاف أن الحزبين يسعيان إلى إنجاز مهمة تاريخية هي تحقيق الوضوح السياسي في البلاد وأن يكون للرأي العام سلطة حقيقية.
وردا على سؤال حول ما إذا كان من المرجح أن يلتحق بهذا التحالف حزب التقدم والاشتراكية أحد مكونات «الكتلة التاريخية»، المشارك في الحكومة، أكد لشكر أكثر من مرة على أن التحالف الحالي هو «تحالف بين حزبين فقط»، ولم يعط أي إشارة إلى إمكانية انضمام أحزاب المعارضة الأخرى إليه وعلى رأسها حزب الأصالة والمعاصرة.
وحول ما إذا كان الحزبان متفقين على إقرار الملكية البرلمانية التي شكلت أحد مطالب المؤتمر الأخير لحزبه، قال لشكر إن الملكية البرلمانية تحققت في نصوص الدستور الجديد، وما يتعين فعله هو تفعيل القوانين التنظيمية التي جاء بها الدستور خلال الولاية التشريعية الحالية، لأن الملكية البرلمانية ليست عنوانا فقط.
وتعهد الحزبان من خلال وثيقة العمل التي أعدتها لجنة مشتركة ترأسها الحبيب المالكي القيادي والوزير السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي، وتوفيق حجيرة القيادي والوزير السابق في حزب الاستقلال، على التنسيق في مختلف المجالات والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بدءا من قضية الصحراء وملف الحدود مع الجزائر إلى «قضايا الحقوق الفردية، والإجهاض، وعقوبة الإعدام، وتزويج القاصرات».
ولتنفيذ هذا المشروع أعلن الحزبان عن تنظيم عدة ندوات ولقاءات وقوافل ستجوب مختلف مناطق المغرب.

حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، وإدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، وأعضاء من المكتب السياسي للحزبين، بعد التوقيع على وثيقة العمل المشترك في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)