خطوة أحادية جديدة في صنعاء بطلها «البرلمان المعطل»

حكومة الانقلاب تحوز ثقة مجلس النواب الملغاة ولايته

يمني يعمل في مطعم وسط العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يعمل في مطعم وسط العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

خطوة أحادية جديدة في صنعاء بطلها «البرلمان المعطل»

يمني يعمل في مطعم وسط العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يعمل في مطعم وسط العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)

منح النواب المؤيدون للانقلاب في مجلس النواب (البرلمان المعطل)، والموالون للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أمس، الثقة للحكومة الانقلابية التي شكلها الانقلابيون (الحوثي – صالح)، نهاية الشهر الماضي.
وتضم الحكومة الانقلابية (وهي مناصفة بين أتباع صالح والحوثيين) نحو 42 وزيرا، ويرأسها نائب وزير التربية والتعليم السابق، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، وهو من القيادات المؤيدة لصالح.
وتأتي الخطوة في إطار سلسلة الخطوات أحادية الجانب التي يقدم عليها الانقلابيون، في تحد سافر لقرارات مجلس الأمن الدولي وتحديدا القرار 2216، الذي منع الانقلابيين من اتخاذ خطوات أحادية، كما تقول الحكومة اليمنية، التي اعتبرت أنه «منذ 21 من سبتمبر (أيلول) 2014، يوم الانقلاب على الدولة وعلى المؤسسات الحكومية واحتلالها من قبل الميليشيات الحوثية وبدعم من قوات صالح، والانقلابيون يتخذون خطوات أحادية»، وقال السكرتير الصحافي لرئاسة مجلس الوزراء اليمني، غمدان الشريف، إن الخطوات الأحادية التي يتخذها الانقلابيون تعد بمثابة بحث «عن شرعنة لانقلابهم الذي رفضه الشعب اليمني ووقف صمام أمان ضد هذا المشروع الإيراني الذي يهدف إلى إعادة الإمامة لليمن من جديد».
واستعرض الشريف - في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» - جملة من الإجراءات التي اتخذها الانقلابيون، بدءا بـ«محاصرة الرئيس، وحل البرلمان، وتأسيس ما يسمى لجنة ثورية لحكم اليمن، ومن ثم أعلنت عن تأسيس مجلس سياسي، ومن ثم حكومة، وكل هذه الخطوات رفضها شعبنا اليمني والمجتمع الدولي والخليجي والعربي، وكانت مرفوضة من الجميع، كونها تعيق عملية السلام وجهود المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد».
وأضاف: «كنا في الحكومة الشرعية ندرك جيدا أن الانقلابيين لا يريدون السلام الدائم والعادل لليمن، بقدر ما يريدون شرعنة انقلابهم والإبقاء على الميليشيات في العاصمة صنعاء، وألا ينزع من عصاباتهم السلاح، وهو ما جاء في مبادرة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لذلك كانت ملاحظاتنا عليها ألا سلام في اليمن إلا من خلال تخلي الميليشيات عن السلاح والانسحاب من المدن وعودة السلطة الشرعية ممثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى العاصمة صنعاء».
وأكد السكرتير الصحافي لرئاسة الحكومة اليمنية أن «كل الخطوات الأحادية التي اتخذتها الميليشيات أسقطها الشعب اليمني والجيش والمقاومة. فكما تعرفون صمود المقاومة الشعبية والجيش الوطني هو من أسقط اللجنة الثورية، وهو كذلك من سوف يسقط المجلس السياسي والحكومة الانقلابية، وسوف يتوج بنصر لإعادة الدولة وإنهاء الانقلاب»، كما أكد أن «كل الخطوات غير شرعية، وأغلب أعضاء البرلمان هم من مؤيدي الشرعية ويرفضون الانقلاب. وبحسب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فالتصويت في البرلمان يجب أن يحظى بالإجماع التوافقي، وهم لا يملكون في البرلمان أكثر من 78 عضوًا. فكل الخطوات التي اتخذوها منذ أول يوم لانقلابهم غير قانونية وغير دستورية وغير شرعية، ولو كانت هذه الميليشيات الانقلابية تمتثل للقانون لما حاصرت الرئيس الشرعي الذي انتخبه الشعب اليمني بغالبية وتوافق كل القوى السياسية والدولية. وإذا كانت تحترم القانون والمؤسسات الدستورية لماذا تقوم بالاعتقالات وتعدم المدنيين وتفجر منازل كل من يخالفهم الرأي؟».
ويؤكد مراقبون أن كل الخطوات أحادية الجانب التي اتخذها الانقلابيون طوال الفترة الماضية، تزامنت مع التحركات التي كان يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. فخلال مشاورات الكويت وقبيل اختتامها، أقدم الانقلابيون على تشكيل ما سمي «المجلس السياسي الأعلى»، وكان ذلك أحد أسباب فشل مشاورات السلام بالكويت، وخلال الأسبوع قبل الماضي، وعقب عودة المبعوث الأممي إلى المنطقة لاستئناف مساعيه للتوصل إلى اتفاق للذهاب إلى جولة مشاورات جديدة، أعلن الانقلابيون عن تشكيلتهم الحكومية. ويقول المراقبون إن كل هذه الخطوات أدت إلى عرقلة مساعي السلام، سواء التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة، أو تلك الجهود الدولية كالتي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي.
الحكومة اليمنية تؤكد بالقول إنها مع السلام «ولكن السلام الدائم والعادل والذي يتطلع إليه شعبنا اليمني والقائم على المرجعيات الأساسية للحل في اليمن والمتفق عليها من الأمم المتحدة وتحظى بتأييد الجميع، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216». وأردف السكرتير الصحافي للحكومة اليمنية بأن «الشعب اليمني سيواصل قتاله ونضاله من أجل استعادة دولته وإنهاء الانقلاب»، وتابع: «نحن في الحكومة أيادينا ممدودة للسلام في حال خضعت الميليشيات للقرارات الأممية بخطوات عملية، تبدأ بالانسحاب وتسليم السلاح وعودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة صنعاء»، مشيرا إلى أن الحكومة الانقلابية في صنعاء «ستنتهي قريبًا، فهي لن ترى النور، فقد ولدت ميتة برفض المجتمع الدولي والإقليمي واليمني وهو الأهم في ذلك، وقد أُبلغنا من ولد الشيخ أن المجتمع الدولي يرفض هذه الحكومة كما رفض كل الخطوات الانقلابية التي قامت بها الميليشيات».
ومنذ إعلان التشكيلة الحكومية للانقلابيين في صنعاء في 28 من الشهر الماضي، لم تحظ بأي اعتراف إقليمي أو دولي، وعلى العكس من ذلك لاقت تنديدا من قبل معظم الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الراعية لعملية السلام في اليمن.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.