نيكي هايلي.. ثالث امرأة على التوالي تسمّى سفيرة لأميركا لدى الأمم المتحدة

سيدة أعمال وسياسية هندية سيخية الأصل لمخاطبة العالم

نيكي هايلي.. ثالث امرأة على التوالي تسمّى سفيرة لأميركا لدى الأمم المتحدة
TT

نيكي هايلي.. ثالث امرأة على التوالي تسمّى سفيرة لأميركا لدى الأمم المتحدة

نيكي هايلي.. ثالث امرأة على التوالي تسمّى سفيرة لأميركا لدى الأمم المتحدة

كان اسمها الأصلي نيمراتا رانداوا.. وهو الآن نيكي هايلي. وكانت من أتباع الديانة السيخية.. وهي اليوم مسيحية تتبع المذهب البروتستانتي (الكنيسة النظامية). وكانت مُحاسِبة قانونية، وتحوّلت بعد ذلك إلى قطاع الأعمال والتجارة، ثم صارت سياسية. وكانت تصف نفسها بأنها «سوداء».. ثم أخذت تعتبر نفسها «سمراء»، وهي تصر اليوم على أنها «بيضاء».
وفي مضمار السياسة، انتمت هايلي في شبابها إلى الحزب الديمقراطي، قبل أن تنقل ولاءها إلى الحزب الجمهوري. وكانت من كبار المعجبين بهيلاري كلينتون، لتصفها لاحقًا بأنها «كارثة». وأخيرًا، وليس آخرًا عندما رشّح دونالد ترامب نفسه لرئاسة الجمهورية كانت بين الشخصيات الجمهورية التي وقفت ضده، لكنها قبلت فيما بعد أن تكون سفيرته لدى الأمم المتحدة، أي المدافع عن مواقفه وسياساته أمام العالم بأسره.
في عام 1966، تسلم آجيت سينغ رانداوا، المدرّس في جامعة البنجاب الزراعية في الهند ردًا بالقبول من جامعة بريتش كولومبيا، في مدينة فانكوفر بكندا، فسافر إلى كندا واستقر هناك. ولاحقًا تزوّج آجيت المحامية الشابة راج كاوور رانداوا، وعاش الزوجان في فانكوفر حتى حصول آجيت على الدكتوراه عام 1969.
وفي العام التالي (1970) انتقلت العائلة إلى ولاية ساوث كارولينا على الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة، إذ انضم آجيت إلى جهاز التدريس في كلية فورهيس، وهي كلية جامعية ذات خلفية سوداء. وسكنت العائلة في مدينة بامبرغ الصغيرة التي لا تبعد سوى 5 أميال عن حرم الكلية. وتقاعد بعد 29 عامًا من التدريس، وكانت زوجته قد أنجبت ولدين وبنتين، بينهم نيمراتا التي كانوا ينادونها دائمًا «نيكي» أي «الصغيرة».
ولدت نيمراتا (نيكي) يوم 20 يناير (كانون الثاني) 1972. وفي سن الثانية عشرة بدأت العمل حيث كانت تساعد أمها في متجر «إكزوتيكا إنترناشونال» للملابس، الذي كانت تملكه الأم. وفي الوقت ذاته كانت طالبة مجتهدة، أنهت دراستها الثانوية في مدينة أورانجبرغ، ثم تخرّجت بدرجة بكالوريوس في المحاسبة في جامعة كليمسون، إحدى أكبر جامعات الولاية وأكثرها احترامًا ومكانة. ويقال إنها حتى في تلك المرحلة المبكرة من حياتها كانت متحمسة للمبادرات الفردية والحرية الاقتصادية، وتنظر بعين الشك لما تراه تدخّل الحكومة والترهل الوظيفي.
وحين تتذكر أمها طفولتها تقول: «كانت نيكي وهي صغيرة تختلف عن أختها، وحتى عن أخويها. كانت فصيحة وكثيرة الكلام، كما كانت كثيرة النظريات والتفسيرات والتحليلات، بجانب تحليها بالشجاعة والجرأة». وذات يوم وكانت في سن خمس سنوات، بروضة الأطفال، قالت لأمها إنها تود المشاركة في مسابقة ملكة جمال بامبرغ للصغيرات، لكن في تلك الفترة من تاريخ الولاية الجنوبية المحافظة واجهت العائلة مشكلة لونها.
فهل هي سوداء أو بيضاء؟ إذ كانت المدينة، كعشرات غيرها في الجنوب الأميركي، منقسمة إلى قسمين: واحد يسكنه البيض والثاني السود.
وكانت كل جماعة تجري مسابقة ملكة جمال منفصلة عن الأخرى.. إذ ذهبت العائلة إلى المسؤولين عن مسابقة ملكة الجمال البيضاء، فردوا عليهم بأنها ليست بيضاء. ثم ذهبوا إلى المسؤولين عن مسابقة ملكة الجمال السوداء، فقالوا لهم إنها ليست سوداء. وكانت هذه التجربة شديدة الوقع على الصغيرة وأثَّرت عليها في مستقبل حياتها. إذ صارت بعد ذلك تصف نفسها بأنها «سمراء»، ولم يتغير الحال إلا بعد زواجها من مايكل هايلي، وهو شاب أبيض، وهكذا صارت تقول إنها «بيضاء».
سيدة أعمال ناجحة

نجحت هايلي (وهي أم لولد وبنت) في مجالي المحاسبة والتجارة، وبفضل شخصيتها القوية ومزاياها القيادية وطموحها الشديد اشتهرت بوصفها إحدى ألمع سيدات الأعمال في بامبرغ، ثم على مستوى الولاية. وهو ما شجعها على اقتحام مضمار العمل السياسي.
وفعلاً، عام 2004، ترشحت لعضوية كونغرس ولاية ساوث كارولينا وفازت لتصبح أول أميركية آسيوية تحقق هذا الإنجاز. ومن منبرها السياسي، ومن خلفيتها التجارية، صارت من الأصوات المرتفعة والفعالة في الدفاع عن حرية الاستثمار وتخفيض الضرائب على الشركات. وتحولت تدريجيًا من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري الأكثر ميلاً للنهج الاقتصادي اليميني المحافظ. وفي عام 2006، ترشحت وفازت مرة ثانية بالتزكية هذه المرة. وفازت للمرة الثالثة على منافسها من الحزب الديمقراطي بغالبية 88 في المائة مقابل 17 في المائة.

حاكمة الولاية
واستمرت مسيرة الطموح والتقدم، إذ ترشحت هايلي في عام 2009 لمنصب حاكم ولاية ساوث كارولينا ولم تجد صعوبة بالفوز لتغدو أول امرأة تفوز بالمنصب وأول سياسي غير أبيض يحكم هذه الولاية الجنوبية البيضاء المحافظة خلال 300 سنة. ويُذكر أنه في ذلك الوقت، شهدت ولايات جنوبية أخرى مماثلة تغييرات مشابهة، إذ فاز الهندي الأصل بوب جيندال بمنصب حاكم ولاية لويزيانا، والأسود دوغلاس وايلدر بمنصب حاكم ولاية فيرجينيا. والواقع أن صعود الثلاثة إلى القمة في بيئاتهم الجنوبية المحافظة، الحساسة في مسائل العرق واللون وكذلك الجنس، لم يكن سهلاً.. وبالأخص، وفي حالة هايلي، المرأة، غير البيضاء، الهندية - السيخية الأصل.
وحقًا، في أول خطاب لها كحاكمة للولاية، قالت: «أعتز بأنني بنت مهاجرين من الهند»، وبسرعة البرق فتحت على نفسها أبواب الجحيم من عنصريين من كل المشارب. ومن التغريدات العنصرية التي نالت من هايلي تساؤل أحدهم في موقع «تويتر»: «لماذا غيرّتِ اسمك الهندي إلى اسم أميركي؟»، وقول ثانٍ: «حتى بيضاوات ساوث كارولينا عندي فيهم رأي سلبي»، وثالث: «لست مسيحية. ففي أعماقك أنت من السيخ. مثل أوباما المسلم».
ولم يسلم من التهكم العنصري زوجها (المسيحي البروتستانتي الأبيض) مايكل هايلي، وهذا مع أنه يعمل في الحرس الوطني بالولاية، وسبق له أن حارب مع القوات الأميركية في أفغانستان. وخلال آخر حملة انتخابية لهايلي لمنصب حاكمة الولاية، واجهت الزوجة والزوج اتهامات الخيانة الزوجية. وانتقد آخرون سجل الزوج في أفغانستان، وتصريحاته عن «الحرب ضد الإرهاب»، وكذلك لحضوره حفلاً للسيخ مع زوجته إبان زيارتهما إلى الهند، ويومذاك (كما يقال) أعطاه مستضيفوه من السيخ سيفًا رمزيًا لوّح به وأرعب الحاضرين الهنود.

هويتها السياسية
قبل أسبوعين نشرت صحيفة «واشنطن بوست» عن هايلي أنها «تتأرجح في آرائها العنصرية والعرقية، فهي في مرات انتقدت سود الولاية وحمّلتهم مسؤولية كثرة الجرائم، وفي مرات انتقدت المهاجرين من المكسيك ودعت إلى إبعاد «المهاجرين غير القانونيين منهم»، ومرات انتقدت الرئيس باراك أوباما (في موضوع مواجهة الإرهاب) ملمحة بأن «تساهله» المزعوم ناجم عن كونه «مسلمًا متخفيًا»، وأنه «يجامل (إخوانه الإرهابيين)». كذلك قالت الصحيفة إن هايلي «تستغل خلفيتها لتحسين صورتها ونقد معارضيها. لكن، بمقدور معارضيها استغلال خلفيتها للإساءة إلى صورتها».
وبالفعل، خلال السنوات القليلة الماضية، انضم إلى ناقدي هايلي ساسة من أصول أجنبية، وبعضهم من أصل هندي، بل وبعضهم في ساوث كارولينا ذاتها. ومن بين اتهاماتهم أنها في سبيل تحقيق طموحاتها نسيت خلفيتها الهندية، وانحازت إلى الأغلبية البيضاء، وتركت دين عائلتها، واعتنقت المسيحية. وكما غمزت هي من قناة أوباما مشككة بمسيحيته، قال هؤلاء إنها «سيخية متخفية». ووصلت ردود مناوئيها إلى الذروة في عام 2014، عندما ترشحت وفازت للمرة الثانية، بمنصب الحاكمية، إذ انتقدها قادة في الحزب الديمقراطي بأنها تنكر خلفيتها الهندية ولونها وتتبنى سياسات ظالمة ضد الأقليات والسود. وقال أحدهم: «نيكي ليست من الأقليات والملونين. إنها مع البيض رغم سحنتها».

هايلي وترامب
على صعيد آخر، فيما يتعلق بعلاقة نيكي هايلي بالرئيس المنتخب دونالد ترامب، كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» أخيرًا أن هايلي دخلت في مشادات مع ترامب خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. وبدأت بتأييدها مرشحًا جمهوريًا آخر هو السيناتور ماركو روبيو (من ولاية فلوريدا). ولهذا، استبعدها ترامب من قائمة المرشحين ليختار واحدا منهم نائبا له (في النهاية اختار مايك بينس، حاكم ولاية إنديانا). أما أبرز مآخذ هايلي على ترامب فهي أنه: أولا: لم يعلن بوضوح أنه يدين منظمة «كو كلوكس كلان» البيضاء العنصرية. وثانيا: يتحدث بصوت عال وهو هائج، لكن، «ليس من يصرخ داخل غرفة هو الأصلح». وثالثا: يحيط نفسه بمستشارين من «نوع واحد» (رجال بيض). ورابعًا: يشتم النساء، ولا يحترمهن.
وفي المقابل، اتهمها ترامب في تغريداته: أولاً «نسيت نيكي أنها طلبت منى التبرع لصالح حملتها الانتخابية في عام 2009». وثانيا: «نيكي امرأة ضعيفة». وثالثا: «تتسامح مع المهاجرين غير القانونيين، بسبب خلفيتها».
ولكن، مع نهاية الحملة الانتخابية، وخلال مقابلة مع تلفزيون «سي إن إن»، تراجعت هايلي قليلاً عن انتقاداتها، ربما بعدما شعرت أن ترامب قد يختارها لمنصب مهم في إدارته، فقالت: «لم أنتقد ترامب شخصيا، بل أعتبره صديقًا». ثم، بعدما اختارها سفيرة لدى الأمم المتحدة، أصدرت بيانًا قالت فيه: «لقد قبلت العمل في إدارة ترامب لأنني أحس بأنني قدمت أشياء كثيرة لرفع مستوى المواطنين في ولاية ساوث كارولينا، وفي تقديم خدمات كثيرة كنت وعدتهم بتقديمها، وستكون هذه سنوات تغيير مثيرة في تاريخ الولايات المتحدة..»، وأردفت: «.. وعندما يطلب رئيس الولايات المتحدة من شخص تولي منصب وطني يجب تلبية الطلب».

في السياسة الخارجية
بعد اختيار هايلي لمنصب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، فإنها ستصبح وجه أميركا أمام العالم، والمدافع عن سياساتها في أرفع منبر دولي، فما أبرز مواقفها في الشؤون الدولية؟
صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» نشرتا معلومات لا بأس بها عن آرائها في مواضيع مهمة. منها في موضوع إسرائيل وفلسطين أنها في عام 2015، منعت ولاية ساوث كارولينا من المشاركة في حملة شعبية أميركية ضد الاستثمارات الأميركية في إسرائيل (اسم الحملة: «بي دي إس»: مقاطعة، ومعاقبة، ومعارضة الاستثمار)، وكانت إسرائيل، يوم أعلن ترامب اختيارها سفيرة لدى الأمم المتحدة، أول دولة ترحب بذلك. في المقابل، في موضوع اللاجئين السوريين، لم تنضم هايلي إلى قادة الحزب الجمهوري الذي عارضوا دخولهم الولايات المتحدة، مع أنها لم ترحب بهم بصورة واضحة في ساوث كارولينا. وقالت كلامًا يوحي بترددها.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»