جدل حاد في المغرب حول إلغاء مجانية التعليم

بعد اقتراح المجلس الأعلى للتعليم فرض مساهمات مالية على طلاب الأسر الميسورة

جدل حاد في المغرب حول إلغاء مجانية التعليم
TT

جدل حاد في المغرب حول إلغاء مجانية التعليم

جدل حاد في المغرب حول إلغاء مجانية التعليم

تثير إمكانية إلغاء مجانية التعليم في المغرب جدلا حادا بعد اقتراح المجلس الأعلى للتعليم فرض مساهمات مالية على الطلاب الذين ينتمون إلى أسر ميسورة.
وتحدثت الصحافة المغربية في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن إصدار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي توصية لإنهاء مجانية التعليم الحكومي. وأثار ذلك غضب النقابات العمالية وهيئات أولياء الأمور والطلبة، الذين نددوا بما وصفوه بـ«خوصصة التعليم» عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ونشر المجلس بيانا توضيحيا في مسعى منه لتهدئة الجدل القائم، مؤكدا على ضمان «مجانية التعليم الإلزامي، بأسلاكه الثلاثة الأولي والابتدائي والإعدادي، باعتباره واجبا على الدولة».
وأضاف البيان موضحا أن «رسوم التسجيل هي مجرد شكل من أشكال التضامن الوطني، يتجلى في مساهمة الأسر الميسورة في حسن سير المدرسة ونجاعة أدائها».
وبحسب المجلس، فإن هذه الرسوم «لا تشكل بأي حال من الأحوال المقابل المالي لتكاليف الدراسة، ولا تفيد أي تراجع عن مجانية التعليم».
ودافع رئيس المجلس عمر عزيمان، وهو أيضا أحد مستشاري الملك محمد السادس، في مقابلة مع القناة التلفزيونية المغربية الثانية عن موقف المجلس، مؤكدا أنه مجرد اقتراح تم تقديمه للحكومة «المكلفة تطبيق هذا الرأي أو التخلي عنه إن بدا لها أنه غير صالح، وباستطاعتها أن توفر موارد أخرى إضافية لتمويل التعليم».
وقال عزيمان إنه «من الضروري تنويع مصادر تمويل منظومة التعليم. وهناك إمكانية فرض رسوم التسجيل على أولياء التلاميذ الميسورين، أما الفقراء فلا حديث عن أدائهم لرسوم التسجيل في التعليم بشكل كلي».
ويحظى هذا الإجراء بدعم من حزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، الذي فاز في الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكد وزير التعليم العالي المنتهية ولايته لحسن الداودي أنه «مؤيد للتضامن بين الأغنياء والفقراء». وفي هذا السياق قال الداودي لوكالة الصحافة الفرنسية «إن الأمر لا يتعلق بمجانية (التعليم)، فهذه مجرد رسوم تسجيل لضمان توقف الأغنياء على الاستفادة من النظام».
وما زال المدافعون عن مجانية التعليم في المغرب يتخوفون من هذا الإجراء. وبهذا الخصوص يقول النقابي العربي حبشي إن محاولة فرض رسوم التسجيل هي «محاولة ملتفة لخصخصة التعليم»، مؤكدا أن «مجانية التعليم إنجاز لا يجب المس به، لا سيما أن الطبقة الغنية وجزءا من الطبقة الوسطى تركوا المدارس الحكومية للذهاب إلى المدارس الخاصة».
وتساءل حبشي «كيف نقنع المواطنين بدفع رسوم التسجيل بينما تخرج المدارس الحكومية العاطلين عن العمل؟ قبل أن نقرر فرض رسوم تسجيل علينا إعداد نظام تعليمي ذي جودة متوافقة مع سوق العمل».
ومن جهتها، ترى الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد (يسار) نبيلة منيب أن «الدولة تشجع الخاص على حساب العام»، متحدثة عن «نظام ذي سرعتين» يترافق مع «عدم وجود رؤية أو استراتيجية».
ويعاني قطاع التعليم في المغرب من وجود صفوف مكتظة في المدارس، وإغلاق مدارس أخرى، بالإضافة إلى نقص حاد في صفوف المعلمين، والتسرب المدرسي والجدل الذي لا ينتهي حول تعريب التعليم.
وتصل نسبة الأمية في المملكة المغربية إلى 30 في المائة، ولا تستطيع نصف المغربيات اللواتي يتجاوز عمرهن 15 عاما القراءة والكتابة.
وقد انتقد العاهل المغربي محمد السادس بشدة السياسة التعليمية في بلاده التي تعاني من مشاكل عدة.
ويعترف الداودي أن «قطاع التعليم يعاني من الكثير من المشاكل، مثل تدريب المعلمين وعددهم وكثافة الفصول الدراسية»، علما بأن الدولة تخصص 25 في المائة من ميزانيتها للتعليم، وأطلقت «رؤية استراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية» بحلول عام 2030، تهدف إلى «تشييد مدرسة جديدة تكون مدرسة للإنصاف وتكافؤ الفرص، مدرسة الجودة للجميع، ومدرسة لاندماج الفرد والتطور الاجتماعي».
وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) إن المغرب واحد من الدول الـ25 الأقل تقدما فيما يتعلق بقطاع المدارس.
ويذهب أولاد الأسر الغنية أو الميسورة إلى مدارس خاصة، تتبع إجمالا النظام التعليمي الفرنسي، بينما تغلق عشرات المدارس الحكومية أبوابها سنويا في الغالب لإفساح المجال أمام مشاريع عقارية.
وتؤكد لجنة حقوق الطفل، التابعة للأمم المتحدة، أن قطاع التعليم الخاص في المغرب يتطور «بسرعة كبيرة»، مشيرة إلى أن خصخصة التعليم قد تؤدي إلى «زيادة عدم المساواة الموجودة أصلا».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».