الحزب الشيوعي الصيني يدعو إلى التسلح النووي ردًا على ترامب

التوتر بين الصين والولايات المتحدة اتخذ منحى جديدا، منذ أن خالف الرئيس المنتخب دونالد ترامب تقليدا دبلوماسيا متبعا منذ أربعة عقود، عندما تحدث مباشرة مع رئيسة تايوان تساي إنغ وين، في خطوة هددت بإحداث شرخ كبير مع بكين، حيث تمثل تشككًا في سياسة «الصين الواحدة» التي تتبناها واشنطن. وبعد أن ردت بكين بتصريحات من مسؤوليها على حادثة المكالمة، والتي انتقدها كثير من الدوائر الرسمية في واشنطن، صعَّدت في الأمس من لهجتها وطالبت باتخاذ خطوات في مجال التسليح النووي.
صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية المقربة من الحزب الشيوعي، طالبت الخميس بزيادة الإنفاق العسكري بشكل «كبير» وبناء مزيد من الأسلحة النووية، ردًّا على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وقالت الصحيفة إن على الصين «بناء مزيد من الأسلحة النووية الاستراتيجية وتسريع نشر الصاروخ (دي إف – 41) الباليستي بعيد المدى» لحماية مصالحها، في حال حاول ترامب محاصرة البلاد «بطريقة غير مقبولة».
وخلال حملته الانتخابية اتهم ترامب القطب الصيني بالتلاعب بالعملة، وفرض ضرائب غير عادلة على الصادرات الأميركية وعسكرة بحر الصين الجنوبي. وأكدت الصحيفة في المقال الذي نشر بالإنجليزية والصينية أنه «يجب زيادة الإنفاق العسكري الصيني في عام 2017 بشكل كبير».
وقالت الصحيفة: «نحن بحاجة للاستعداد بشكل أفضل عسكريا، فيما يتعلق بقضية تايوان لضمان عقاب هؤلاء الذين يدعون إلى استقلال تايوان، وأخذ الاحتياطات اللازمة في حال حدوث استفزازات أميركية في بحر الصين الجنوبي». وهاجمت الصحيفة ترامب قائلة إنه «عاجز عن إطباق فمه» ودانت «استفزازاته وافتراءاته».
ويثير تعامل ترامب مع الصين الاهتمام منذ أن اتصلت به رئيسة تايوان تساي إنغ وين الأسبوع الماضي لتهنئته بالفوز بالمقعد الرئاسي. وكان الاتصال قد أثار غضب الصين التي تعتبر تايوان إقليما مُنشقا عنها وترفض تعامل الحكومات الأخرى معها. وكان الاتصال الهاتفي هو الأول من نوعه بين رئيس منتخب أو رئيس فعلي للولايات المتحدة مع زعيم تايواني منذ أن حول الرئيس الأميركي جيمي كارتر الاعتراف الدبلوماسي من تايوان إلى الصين عام 1979، مُعترفا بتايوان جزءا من «صين واحدة».
كما طلبت الصين من واشنطن منع دخول الرئيسة التايوانية الأراضي الأميركية بعد تقارير أفادت بأنها قد تحط في نيويورك لإجراء محادثات مع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل، في طريقها إلى أميركا الوسطى. وتقيم تايوان علاقات دبلوماسية مع 22 دولة، ويقوم قادتها بزيارات منتظمة إلى مجموعة صغيرة من حلفائها في أميركا الوسطى ومنطقة الكاريبي، مع التوقف في الولايات المتحدة غالبا للقاء سياسيين متعاطفين.
وأفادت صحيفة «ليبرتي تايمز» التايوانية بأن الرئيسة تساي إنغ وين قد تسعى للقاء مسؤولين مهمين في فريق ترامب أثناء توقفها في نيويورك في طريقها إلى نيكاراغوا وغواتيمالا والسلفادور، رغم أن مكتبها لم يؤكد الجولة لوكالة الصحافة الفرنسية. غير أن الخارجية الصينية دعت الولايات المتحدة إلى منعها من الدخول. وقالت الخارجية الصينية، في فاكس إلى وكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس الأربعاء، إن نوايا تساي «واضحة (...) نأمل أن تحترم الولايات المتحدة مبدأ وحدة الصين والبيانات المشتركة الأميركية الصينية الثلاثة، وأن تمنع عبورها». كما حذرت من إعطاء واشنطن «إشارة خاطئة إلى قوى استقلال تايوان».
وعين ترامب، الأربعاء، حاكم ولاية أيوا تيري برانستاد، سفيرا لواشنطن في بكين. وردت بكين بوصف برانستاد بأنه «صديق قديم»، ما يشير إلى أن ترشيحه لهذا المنصب قد يكون له تأثير في تخفيف التوترات مع الصين. ويعرف برانستاد الرئيس الصيني شي جينبينغ منذ 1985 عندما كان شي يزور أيوا بوصفه مسؤولا في الحكومة. برانستاد وافق على عرض من ترامب، والتقى مع الفريق الانتقالي لترامب، وقال عقب اللقاء: «أُتيحت لنا فرصة لإجراء مناقشات بشأن عدد من الأمور، ولا يسعني أن أدلي بأي تعليق في الوقت الحالي، سوى أنني فخور بدعمي دونالد ترامب خلال انتخابات الرئاسة».
إلا أن صحيفة «تشاينا ديلي» الحكومية بقيت متشائمة من مستقبل العلاقات الصينية الأميركية. وقالت الصحيفة في مقال نشر الخميس، إنه على الرغم من أن الصين ردت على تصريحات ترامب بتعقل «جدير بالثناء»، فإن مزيدًا من الاستفزازات من سياسي لا يمكن توقع تصرفاته قد تضر بالعلاقات بين البلدين.
وأضافت الصحيفة: «على الصين تحضير نفسها للأسوأ»، مؤكدة أن «ما حدث في الأسابيع الماضية يشير أن العلاقات الصينية - الأميركية تواجه مرحلة من عدم اليقين أكثر من أي وقت مضى» بسبب تصريحات ترامب.
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد أوردت الأحد نقلا عن مصادر مطلعة، أنه كان هناك تخطيط لهذه المكالمة الهاتفية منذ أسابيع، بهدف إرسال رسالة مفادها حدوث تغيير كبير في سياسات واشنطن تجاه الصين وتايوان. ولم يسبق لأي رئيس أميركي فعلي أو منتخب أن تحدث إلى رئيس تايواني منذ قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع الجزيرة المستقلة بحكم الأمر الواقع، عام 1979.