اتهامات لحكومة السراج بالتورط في الهجوم على الهلال النفطي الليبي

مجلس الأمن متخوف من هروب أتباع «داعش» من سرت إلى مناطق أخرى

اتهامات لحكومة السراج بالتورط في الهجوم على الهلال النفطي الليبي
TT

اتهامات لحكومة السراج بالتورط في الهجوم على الهلال النفطي الليبي

اتهامات لحكومة السراج بالتورط في الهجوم على الهلال النفطي الليبي

اتهمت السلطات والجيش في شرق ليبيا حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة والموجودة في العاصمة طرابلس برئاسة فائز السراج، بالتورط في الهجوم الذي تعرضت له منطقة الهلال النفطي أول من أمس.
ونفى السراج علاقة المجلس الرئاسي لحكومته بالتصعيد العسكري في منطقة الهلال النفطي، وقال، في بيان نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه «لا صحة لما تتداوله بعض وسائل الإعلام بشأن صدور أي تعليمات أو أوامر لأي قوة كانت بالتحرك نحو المنطقة»، داعيا إلى أن تكون مناطق إنتاج وتصدير النفط خارج أي صراعات، وأن يدار النفط عن طريق المؤسسة الليبية للنفط، وتحت حماية الدولة الليبية.
في المقابل، شن المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق، هجوما لاذعا على محاولة تحالف قال: إنه جمع ميليشيات مسلحة من تنظيم القاعدة وأخرى جهوية، تحت اسم «غرفة تحرير الحقول والموانئ النفطية»، التابعة لوزارة دفاع المجلس الرئاسي لحكومة السراج غير الشرعي، واتهمها بمحاولة السيطرة على منطقة الهلال النفطي، واعتبر أن هذا العمل يؤكد أن مجلس السراج مجرد كيان واقع تحت سيطرة الميليشيات المسلحة الجهوية والمتطرفة، ويظهر عدم صدقه ووزارة دفاعه التي نفت في السابق أي نية للهجوم على منطقة الهلال النفطي، أو اتخاذ منطقة الجفرة تحديدا منصة لأي عمليات ذات طابع مسلح، تؤدي إلى تكدير الأمن والسلم الأهلي، أو تضر بالمؤسسات أو المنشآت أو وحدة البلاد، وقال في هذا السياق: «بهذا الهجوم نقدم دليلا إضافيا للمجتمع الدولي على عدم حسن نيات تلك التيارات المسيطرة على المجلس الرئاسي، وهي التيارات نفسها التي انقلبت على المسار الديمقراطي عبر عملية (فجر ليبيا) المسلحة، وتسببت في الانقسام السياسي والمؤسسي، الذي تعاني البلاد والمواطن من ويلاته حتى الآن».
من جانبها، قالت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني والموالية لمجلس النواب، إنها «لم تفاجأ بما أقدمت عليه عصابات مسلحة تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة السراج، وبإيعاز صريح من وزير دفاع حكومته المزعومة، حيث حاولت وبشكل مباغت الهجوم على منطقة الهلال النفطي».
وأضافت حكومة الثني، في بيان لها، أنها لم تستغرب أن «يتنصل السراج ومجموعته أمام إرادة الليبيين من ذلك العمل الجبان، بعد أن كانوا يتابعون تلك العملية الإرهابية حيث كانوا يتوقعون لها النجاح بعد أن حصلوا على دعم استخباراتي ومادي خارجي»، ورأت أن هذا العمل الإرهابي، الذي يتزامن مع تفجير سيارتين مفخختين أمام معسكر الصاعقة في مدينة بنغازي، يعكس بشكل واضح أن الوقت بدأ ينفد أمام مجلس السراج وكذلك العصابات المسلحة التي يرعاها ويعتبرها نواة لحرسه الرئاسي.
وقالت حكومة الثني، إنها تضع نفسها تحت إمرة قيادة الجيش كجنود للدفاع عن هذا الحصن الأخير، الذي يمثل مصدر حياة أو موت للأجيال القادمة من الليبيين، على حد تعبيرها.
من جهته، رأى علي القطراني، أحد الأعضاء المقاطعين لمجلس السراج الرئاسي، أن ما وصفه بالبيان الهزيل للمجلس الرئاسي عقب دحر الهجوم، هو محاولة فاشلة منه للتنصل من المساءلة القانونية عبر دعمه وإعطائه الشرعية هذه الجماعات من خلال وزارة دفاعه. فيما قال أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، إن الميليشيات التي نفذت الهجوم الفاشل تتبع لتنظيم القاعدة ومتحالفة مع حكومة السراج، معتبرا أنها متورطة في الهجوم. وأضاف أن البيان الصادر عن غرفة تحرير الحقول والموانئ النفطية، الذي تبنى الهجوم، يشير إلى رئاسة الوزراء ووزير الدفاع، لكن بعد فشل الهجوم «تبرأوا منه في بيان لا يقنع طفلا صغيرا»، على حد قوله.
كما اتهم المسماري القوات المشاركة في عملية «البنيان المرصوص» ضد تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية بتقديم الدعم لمن سماها بالميليشيات الإرهابية، التي حاولت السيطرة على الموانئ النفطية، وتابع: «لن نكتفي بصد هجوم المجموعات فقط، بل سنطاردها إلى عقر دارها وإلى مناطق الامتداد اللوجيستي في منطقة الجفرة»، لافتا النظر إلى محاولة الإرهابيين استغلال الليل للتسلل مجددا للسيطرة على منطقة الهلال النفطي. واعتبر أن القيادة العامة للجيش تحاول إبقاء مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، خارج التجاذبات السياسية.
وشنت «كتائب سرايا بنغازي»، وهي خليط من الفصائل ذات التوجه المتطرف، الهجوم بعد عدة أشهر من الهدوء، في محاولة لاحتلال هذه المنطقة التي تخضع لسيطرة قوات الجيش، والتي يقودها المشير خليفة حفتر الموالي لحكومة شرق ليبيا، الموازية لحكومة الوفاق الوطني المستقرة في طرابلس. وقال العقيد مفتاح المقريف، آمر حرس المنشآت النفطية، إن قواته قامت بتجهيز سد دفاعي على تخوم بلدة رأس لانوف، الواقعة على بعد 40 كلم شرقًا من أماكن وجود ميليشيات سرايا بنغازي، مؤكدا أن «جميع الحقول والموانئ أصبحت تحت سيطرة قوات الجيش».
وتحتاج ليبيا الغارقة في الفوضى والانقسامات منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، إلى إعادة إطلاق قطاعها النفطي الذي يشكل المصدر الرئيسي لعائدات اقتصاد البلاد، حيث تراجع إنتاج ليبيا من النفط إلى خمس ما كان في 2010. في الوقت الذي تملك فيه البلاد أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا ويقدر بـ48 مليار برميل.
إلى ذلك، اجتمع السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، مع قيادات غرفة عمليات «البنيان المرصوص» داخل مقره بطرابلس، حيث أبلغوه بتوقف الاشتباكات والمعارك في جبهة القتال ضد تنظيم داعش بمدينة سرت.
وبحسب بيان أصدره المكتب الإعلامي للسراج، فإن الضباط أوضحوا أن معركة الحسم كانت في منطقة الجيزة البحرية شمال سرت، وهي آخر معقل يتحصن فيه تنظيم داعش، مشيرين إلى البدء في تنفيذ خطة لتأمين المدينة بإزالة الألغام وملاحقة الجيوب المتبقية، وتهيئة المدينة بشكل كامل لعودة سكانها في أقرب وقت ممكن.
واتفق المجتمعون على أن يتم الإعلان الرسمي عن تحرير مدينة سرت، وذلك بالتنسيق بين المجلس الرئاسي وغرفة «البنيان المرصوص»، بعد استكمال عمليات التطهير والتأمين بالكامل.
وقال المركز الإعلامي للعملية، التي تشنها ميليشيات أغلبها من مدينة مصراتة في غرب البلاد، إن فريق إدارة الجثث بمكافحة الجريمة انتشل بتعاون مع الهلال الأحمر الليبي 230 جثة لمقاتلي «داعش» من أماكن مختلفة في سرت، ليصل بذلك عدد الجثث التي جمعت خلال اليومين الماضيين إلى 266 جثة.
وقالت هذه الميليشيات، إنها فرضت سيطرتها الكاملة على حي الجيزة البحرية، المعقل الأخير لتنظيم داعش في سرت، الذي كان يهيمن على المدينة بقوة السلاح منذ منتصف العام الماضي.
في غضون ذلك، أعرب بيان صحافي أصدره أعضاء مجلس الأمن الدولي، عقب الإحاطة التي قدمها رئيس بعثة الأمم المتحدة مارتن كوبلر، عن قلقهم العميق إزاء الوضع السياسي والأمني الصعب في ليبيا، والاستقطاب السياسي الحاد الذي أدى إلى تدهور الوضع الأمني والاقتصادي والإنساني.
كما عبروا عن قلقهم العميق من التصعيد الأخير للعنف بين الجماعات المسلحة في طرابلس، ودعوا جميع الأطراف إلى التلبية الفورية لدعوات المجلس الرئاسي إلى وقف القتال.
ورحب الأعضاء بالتقدم المحرز في القتال ضد الجماعات الإرهابية، خصوصا ضد «داعش» في سرت وبنغازي. لكنهم مع ذلك، أشاروا بقلق إلى المعلومات التي تفيد باحتمال تفرق عناصر من «داعش» داخل أجزاء أخرى من البلاد، وحثوا الليبيين من مختلف التوجهات السياسية والأمنية على توحيد القوى تحت قيادة موحدة في قتالهم ضد «داعش»، خدمة لبلادهم. كما دعوا الأطراف المسلحة إلى الكف عن العنف ضد المدنيين.
وكرر أعضاء مجلس الأمن عزمهم على دعم تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي من أجل تخفيف معاناة الليبيين، مؤكدين التزامهم القوي بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.