أنقرة مهتمة بالتصدي للإرهاب و رحيل الأسد يسقط من الأولوليات

في إعادة لترتيب الأولويات بالأزمة السورية

أنقرة مهتمة بالتصدي للإرهاب و رحيل الأسد يسقط من الأولوليات
TT

أنقرة مهتمة بالتصدي للإرهاب و رحيل الأسد يسقط من الأولوليات

أنقرة مهتمة بالتصدي للإرهاب و رحيل الأسد يسقط من الأولوليات

أعادت أنقرة مجددا ترتيب أولوياتها في سوريا مؤكدة، على لسان رئيس وزرائها بن علي يلدريم، أن مسألة إسقاط رأس النظام السوري بشار الأسد ليست أولوية بالنسبة لها، وأن عملية «درع الفرات» التي تدعم فيها مقاتلين من «الجيش السوري الحر» في شمال سوريا تستهدف «التنظيمات الإرهابية» ولا علاقة لها بما يجري في حلب. وأوضح أن «طبيعة الأزمة في سوريا تفرض أولويات أهمها إنقاذ الشعب السوري لكن مسألة إسقاط الأسد ليست أولوية».
جاء كلام رئيس الوزراء التركي، الذي قام بزيارة رسمية للعاصمة الروسية موسكو، في مقابلة مع وكالة «نوفوستي» الروسية أمس الأربعاء. واعتبر أن هناك 3 مسائل رئيسية في الأزمة السورية تتطلب حلاً سريعًا، تتمثل في استمرار نزيف الدم في حلب، وإنهاء النشاطات «الإرهابية» في المناطق السورية المتاخمة لحدود تركيا الجنوبية، وردع حزب الاتحاد الديمقراطي السوري وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» الكردية، اللذين وصفهما بأنهما امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا، واللذين قال إنهما يقومان بعمليات ضدّ تركيا انطلاقًا من الأراضي السورية.
مصير الأسد
أما عن مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهي المسألة التي كانت قد أثارت لغطا بين موسكو وأنقرة في الآونة الأخيرة، فقال يلدريم: «علينا أن نرتّب أولوياتنا في هذا الشأن، فهل مصير الأسد مهم؟ أم مصير الدولة السورية؟ بلا شك، مصير الشعب السوري أهم من مصير الأسد». هذا، وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من جانبه، قد أعلن خلال الأسبوع الماضي أن عملية «درع الفرات» في شمال سوريا تستهدف الإطاحة بنظام الأسد، قبل أن يعود ويقصر أهدافها على التخلص مما وصفها بـ«التنظيمات الإرهابية» على حدود تركيا، وذلك في أعقاب مطالبة موسكو بإيضاحات للتصريح الذي اعتبرته مخالفا للتصريحات السابقة ولما هو متفق عليه مع أنقرة.
وبشأن حلب، قال يلدريم، الذي اختتم أمس زيارته الرسمية الأولى لروسيا بعد تحسن العلاقات عقب أزمة استمرت 9 أشهر على خلفية إسقاط تركيا مقاتلة روسية على حدود سوريا يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، إن بلاده «كانت ولا تزال تبذل قصارى جهدها بغية إخلاء الأحياء الشرقية في حلب من التنظيمات الإرهابية». ولفت إلى أن المساعي التي تبذلها تركيا كانت تهدف منذ البداية إلى «طرد الجماعات الإرهابية من حلب»، مشددًا على ضرورة توحيد الجهود الدولية في سبيل القضاء على هذه التنظيمات المتطرفة، بما فيها «داعش» و«جبهة النصرة» و«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، على حد قوله.
وأكد ضرورة التفريق بين الذين يخوضون صراعًا من أجل تحرير بلادهم والجماعات المتطرفة المدرجة في قائمة الإرهاب الدولية، قائلاً: «هدفنا المشترك هو محاربة الجماعات الإرهابية، ونبذل كل ما بوسعنا في هذا المجال».
دور الوساطة
وعلى صعيد آخر، في مقابلة أجراها مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، ذكر يلدريم أن بلاده تقوم بدور الوسيط بين المعارضة السورية وروسيا الاتحادية. ورأى «أن هناك نهجًا واحدًا لكل من أنقرة وموسكو لحل الأزمة السورية ووقف إراقة الدماء». وأن بلاده وروسيا بلغتا التفاهم غير المسبوق في رؤيتهما إزاء التسوية في سوريا. وتابع: «العمل في هذا الاتجاه لا يزال جاريًا، ويتعين علينا التركيز على طرح حل ينهي الأزمة». وفي المقابل، أعرب عن أمله في أن تمارس روسيا مزيدا من الضغوط على حكومة النظام السوري التي اتهمها باتخاذ «موقف غير نزيه» بشأن وقف القتال في البلاد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.