الانقلابيون في صنعاء يتقدمون ببرنامج «حكومة حرب»

تحويل ميناء الحديدة إلى معسكرات للتدريب على القتال البري والبحري

الانقلابيون في صنعاء يتقدمون ببرنامج «حكومة حرب»
TT

الانقلابيون في صنعاء يتقدمون ببرنامج «حكومة حرب»

الانقلابيون في صنعاء يتقدمون ببرنامج «حكومة حرب»

تقدمت حكومة الانقلابيين (الحوثي - صالح) في صنعاء، أمس، بما سمي برنامجا حكوميا إلى ما تبقى من أعضاء مجلس النواب (من دون قوام رسمي)، وذلك على أمل الحصول على ما وصفت بالثقة، وسط تقدم لقوات الجيش اليمني الوطني في معظم جبهات القتال، خصوصا في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي.
ومن خلال أولى الفقرات التي برزت في البرنامج، يتضح أنها حكومة حرب، حيث تؤكد «تعزيز حالة الجاهزية القتالية ودعم الجبهات بالمقاتلين ورفع الروح المعنوية»، و«تطوير القدرة الصناعية في مجال التصنيع الحربي بما يضمن رفد الجبهات بالعتاد اللازم خصوصًا المنظومات الدفاعية المتطورة والقوة الصاروخية ومنظومة الدفاع الجوي والساحلي».
وتنص إحدى فقرات البرنامج بشكل واضح على الاعتراف بدمج عناصر الميليشيات في قوام الجيش واستكمال دمج البقية احترازًا لأي تسوية سياسية، إذ تنص الفقرة على «تحسين المستوى المعيشي لأفراد القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية (الميليشيات) واستكمال دمج ما تبقى من أفراد اللجان».
كما يشدد ما سمي «البرنامج» على مسألة الجباية ويتعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتهربين، على حد وصفهم، وذلك في إطار حزمة إجراءات جباية على كاهل المواطنين وبمختلف أشكالها، إضافة إلى توجهات تتعلق بالعمل في مجال الخطاب الديني لـ«الميليشيات»، تحت شعارات متعددة.
وقال متابعون للشأن السياسي اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخطوة تأتي في إطار خطوات الانقلابيين التصعيدية التي تأتي في ظل استمرار الجهود الدولية لإحلال السلام في اليمن، ورغم القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي التي تنص على عدم اتخاذ الانقلابيين لأي خطوات أحادية الجانب.
وكان الانقلابيون قد أعلنوا في الـ28 من الشهر الماضي، تشكيلة حكومتهم الانقلابية، التي لم تحظ بأي اعتراف إقليمي أو دولي، وذلك بالتزامن مع جولة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في المنطقة لاستئناف عملية السلام، وعلى العكس من ذلك، فقد أدانت معظم دول العالم خطوة الانقلابيين واعتبرتها تقويضا لعملية السلام، في وقت كان الانقلابيون أعلنوا عن تشكيل المجلس الانقلابي الذي سمي «المجلس السياسي الأعلى»، في السادس من أغسطس (آب) الماضي، في ختام مشاورات السلام بدولة الكويت التي رعتها الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، عمد الانقلابيون إلى تحويل ميناء مدينة الحديدة اليمنية إلى معسكرات للتدريب على القتال البري والبحري، في الوقت الذي تورطوا فيه بتجنيد الأطفال وإزهاق أرواحهم في جبهات القتال، مقابل دفع مبالغ لا تتجاوز 40 دولارا لأولياء أمورهم.
ونقلت مصادر عسكرية وحقوقية لـ«الشرق الأوسط» معلومات متطابقة تؤكد تورط التمرد الحوثي بإزهاق أرواح الأطفال عبر التجنيد الإجباري دون أخذ موافقة أولياء أمور الأطفال المجندين، على أن يتم دفع قيمة تجنيد كل طفل لذويه، على الرغم من أن هذه القيمة زهيدة لا تتجاوز مائة ألف ريال يمني (40 دولارا)، وهي القيمة التي لا تتغير حتى لو كان ثمن التجنيد وفاة الطفل في جبهات القتال. وبحسب المصادر، يتم تجنيد الأطفال بالقوة والترهيب أو الترغيب بالمال، والتضحية بهم في جبهات القتال، ومن ثم إرسالهم جثثا إلى ذويهم، مستغلين فقر الأسر.
وأكد الناشط الحقوقي عبد الحفيظ الحطامي، لـ«الشرق الأوسط»، أن إغراء أولياء أمور الأطفال يتم بدفع مبالغ مالية تصل إلى مائة ألف ريال إلى ذويهم في بداية التجنيد، ثم يدفعون لهم رواتب شهرية تقدر بـ40 ألف ريال (16 دولارًا) وعادة يتم تخفيضها لتصل إلى 20 ألف ريال (ثمانية دولارات). وكشف عن أن نسبة المجندين من الأطفال في صفوف القتال تصل إلى 20 في المائة من الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما، على الرغم من أن سن التجنيد القانونية لا يقل عن 18 سنة.
وأوضح الحطامي أن مدينة الحديدة باتت تضم خمسة معسكرات للتجنيد، وأن الانقلابيين يقومون باستخدام أماكن حيوية تكون متحركة خشية استهدافها من طيران التحالف، مشددًا على أن التمرد الحوثي يستخدم المزارع والمناطق الواقعة بين الجبال والسهول والمغارات والكهوف على اعتبار أن هذا النوع من الأماكن يساعد الانقلابيين على الاختباء عن أعين طيران التحالف.
وأكد وجود معسكر للتدريب داخل ميناء الحديدة لتدريب المجندين، بينهم أطفال، على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة واستخدام قذائف «آر بي جي»، فضلاً عن التدريب على صواريخ الكاتيوشا ليتم نقلهم إلى جبهتي حرض وميدي للقتال. وقال إنه يتم تدريب المجندين أيضا على الغوص والسباحة للقيام بعمليات قتالية والوصول إلى المناطق المختلفة، وهو نوع من الاستعدادات لحرب قذرة ستتم في منطقة الحديدة.
وتفيد مصادر محلية بالحديدة بأن الحوثيين يخوضون أيضًا معركة فكرية يعتمدون فيها على الأدلجة وتكييف النصوص الدينية بما يتوافق مع توجهاتهم السياسية المدعومة من النظام الإيراني. وأكدت المصادر اعتماد التمرد الحوثي، تدريس ملازم وكتب تحوي نصوصا منسوبة إلى حسين بدر الدين الحوثي في المعسكرات وبشكل يومي، كما تدرس أيضا للمعتقلين وتجبرهم على قراءتها. وتنص هذه الكتب على أن سلطة الحكم لآل البيت ولا يمكن دينيًا أن تنتقل لغيرهم، وأن الانتخابات فكرة قادمة من أميركا وأن كل ما حدث في نظام الحكم في اليمن قبل الانقلاب لم يكن سوى نظام أميركي لا يجوز الأخذ به ولا العمل بموجبه. وأفادت المصادر ذاتها، بأن الانقلاب صادر الكتب التي كانت متوفرة في المكتبات من أجل ترسيخ هذه المفاهيم في رؤوس المجندين والمعتقلين والمجتمع كافة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).