السعودية: اختلاف حول جدوى إيجاد محاكم عقارية متخصصة

متحدث مجلس القضاء الأعلى لـ «الشرق الأوسط»: لا يوجد قرار رسمي حولها حتى الآن

تباين في الرؤى بين العقاريين السعوديين حول مقترح إنشاء المحاكم العقارية المتخصصة («الشرق الأوسط»)
تباين في الرؤى بين العقاريين السعوديين حول مقترح إنشاء المحاكم العقارية المتخصصة («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: اختلاف حول جدوى إيجاد محاكم عقارية متخصصة

تباين في الرؤى بين العقاريين السعوديين حول مقترح إنشاء المحاكم العقارية المتخصصة («الشرق الأوسط»)
تباين في الرؤى بين العقاريين السعوديين حول مقترح إنشاء المحاكم العقارية المتخصصة («الشرق الأوسط»)

تتباين آراء عقاريين سعوديين حول مقترح إنشاء المحاكم العقارية المتخصصة في البلاد، ما بين مؤيد ومتفائل بقرب إيجاد هذه المحاكم المختصة ومؤمن بالحاجة الماسة لها، وفريق آخر يرى أن الزمن تجاوز هذه الفكرة التي طرحتها الأوساط العدلية قبل نحو عامين، ولم يجر العمل عليها حتى الآن.
ويراهن عقاريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» على جدوى المحاكم العقارية المتخصصة في الفصل في المنازعات العقارية وشطب الصكوك المزورة وإثبات التملك واستخراج صكوك الأرضي، والنظر في شكاوى المستأجرين، وهي قضايا معقدة ظلت تلاحق السوق العقارية لسنوات طويلة، ما يجعل المحاكم العقارية تمثل طوق نجاة لحلها، وتعزيز سوق العقار الذي تشير التقديرات إلى أن حجمه يتجاوز نصف تريليون دولار، في حين اعتبر البعض الآخر أن المطالبة بالمحاكم المتخصصة هي تعبير عن حالة إحباط من إيجاد حلول جذرية لمشاكل القطاع.
ويرى المهندس خالد الصالح نائب رئيس غرفة الأحساء رئيس اللجنة العقارية، أن «رؤية المملكة 2030» تضاعف الحاجة إلى إيجاد محاكم عقارية مختصة، عازيًا ذلك إلى أن صناعة العقار في السعودية هي إحدى الصناعات الكبرى والقائمة بذاتها. وتابع: «سمعنا سابقًا عن قرب إيجاد محاكم عقارية متخصصة أو دوائر عقارية في المحاكم العامة، ونلمس الحاجة الكبرى لذلك».
وشدد الصالح خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أهمية مشاركة ذوي الاختصاص في حل النزاعات العقارية، وأن تتوفر فيهم المعرفة المالية والمحاسبية، والقدرة على التقييم العقاري، والخبرة، والمعرفة بالشؤون الهندسية والمساحية، أي التوفيق بين التشريع والاختصاص العقاري، ما يسهل إنهاء القضايا العقارية.
في حين اعتبر خالد بارشيد رئيس اللجنة العقارية في غرفة تجارة وصناعة الشرقية، أن الأنظمة إذا وضعت فلا داعي للمحاكم العقارية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الآن أصبح لدينا أنظمة في السوق العقارية، لكن مع الأسف ليست مفعلة وليست لنا مظلة نتجه إليها كعقاريين، لذا وضعت وزارة الإسكان على عاتقها إيجاد الهيئة الوطنية للعقار، التي صدر قرار مجلس الوزراء بإنشائها».
وأضاف أن وجود هذه الهيئة سيحمي السوق العقاري من المشاكل الواقعة الآن، وتأسيس الهيئة أكثر أهمية من إيجاد المحاكم العقارية، لافتًا إلى أن معظم النزاعات العقارية تعامل وفق العقاري، وترفع إلى اللجنة العقارية بغرفة التجارية لحلها، ولو وجدت الهيئة الوطنية للعقار ستكون معنية بذلك، على غرار هيئة السوق المالية التي تتابع مخالفات سوق المال وتطبق عليها الغرامات ونحو ذلك.
وتطرق بارشيد إلى أن معظم الأنظمة العقارية كانت موزعة بين نحو 15 وزارة وهيئة، لكن الآن، انتقلت هذه الصلاحيات تقريبًا إلى وزارة الإسكان، وعندما تكون وزارة واحدة هي المنوطة بتنشيط السوق العقاري، والمراقبة والمتابعة والتغريم والترخيص تتولاها هيئة واحدة ممثلة بالهيئة الوطنية للعقار، فلن توجد حاجة لمحاكم عقارية متخصصة.
أما المهندس خالد العثمان رئيس لجنة المكاتب الاستشارية بغرفة الرياض، فأكد أن توفير البيئة القضائية الآمنة للمستثمرين أمر في غاية الأهمية. وتابع: «أخشى ما أخشاه كأي مستثمر من عدم وجود بيئة قضائية تحمي الحقوق العقارية في حال النزاع والخلاف، والمشكلة تكمن في أن قطاع العقارات يحتاج إلى تنظيمات وتشريعات قبل إيجاد محاكم عقارية متخصصة».
وأضاف العثمان أن ما يحكم قطاع العقار يغلب عليه الأعراف وليس التنظيم. وقال: «لدينا حاجة ماسة لتنظيم السوق العقاري، وهو ما ننادي به منذ عدة سنوات، فوجود المحاكم العقارية أمر جيد، لكن الأولى هو سن التشريعات والأنظمة». وعن أبرز الخلافات العقارية، أوضح العثمان أنها تتضمن إشكالات الصكوك، وتأخير تطبيق السجل العيني للعقار، وحقوق البائع والمشتري، وحقوق المالك والمستأجر.
إلى ذلك، أوضح سلمان النشوان المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى للقضاء لـ«الشرق الأوسط» أنه لا وجود لقرار رسمي يتعلق بإنشاء محاكم عقارية متخصصة حتى الآن. وقال: «لا يوجد لدينا محاكم بهذا الاسم، وليس هناك أي قرار حول ذلك». ويأتي حديث النشوان ليقطع الشك باليقين حول الشائعات التي سبق أن تناولت عزم مجلس القضاء الأعلى إيجاد محاكم متخصصة بالشأن العقاري.
وكانت اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية، أكدت أهمية الإسراع في موضوع إقرار المحاكم العقارية، في اجتماع عقدته في وقت سابق، وذلك على اعتبار أن إقرار المحاكم العقارية من شأنه الإسهام في تقوية مسيرة القطاع وتعزيز جذب الاستثمارات العقارية للمنطقة. وأشار أعضاء اللجنة في حينها إلى أهمية الدور الذي تلعبه هذه المحاكم في ضمان حقوق المستثمرين في هذا القطاع الحيوي.
يأتي ذلك في ظل ما تظهره أرقام حديثة من نمو مطرد للسوق العقارية السعودية في مختلف مجالاتها، إذ بلغ حجم التمويل العقاري 187 مليار ريال (49.8 مليار دولار) وذلك حتى نهاية عام 2015، جاء 55 في المائة منها في التمويل العقاري للأفراد، بينما 45 في المائة منها عبارة عن تمويل عقاري للشركات، وذلك بحسب بحث أعده المهندس محمد النهدي العضو المنتدب لشركة مفاز العربية، ونشره موقع الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين قبل أيام، مع وجود 12 بنكا تجاريا و6 شركات للتمويل العقاري في البلاد.
ويوضح النهدي أن من المستهدف أن تصل نسبة مساهمة القطاع العقاري إلى 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2020، بنسبة نمو سنوية تقدر بحدود 7 في المائة. مع الإشارة إلى أن رؤية المملكة 2030 تتضمن رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي إلى 35 في المائة، وفي القطاع الخاص إلى 65 في المائة.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».