«داعش» تهاجم قيادة «القاعدة».. والنظام يشدد الحصار على حمص

أزمة إنسانية واقتصادية تعصف بحلب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
TT

«داعش» تهاجم قيادة «القاعدة».. والنظام يشدد الحصار على حمص

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

خرج الصراع بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، إلى العلن أمس بعد اتهام المتحدث باسم «داعش» أبو محمد العدناني تنظيم القاعدة بـ«الانحراف عن المنهج الجهادي وشق صفوف المقاتلين الجهاديين».
ودعا العدناني في تسجيل صوتي بث على مواقع جهادية، المقاتلين في صفوف الجماعات الإسلامية إلى تأييد تنظيمه في خلافه مع «القاعدة» التي رأى أنها «لم تعد قاعدة الجهاد». وأكد أن الخلاف بين الدولة و«القاعدة» «ليس على قتل فلان، أو على بيعة فلان، لكن القضية قضية دين أعوج، ومنهج انحرف بعد أن بات يؤمن بالسلمية، ويجري خلف الأكثرية».
وكانت المواجهات العسكرية بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» تحولت في الآونة الأخيرة إلى حرب مفتوحة امتدت من منطقة البوكمال المحاذية للحدود العراقية - السورية وصولا إلى مدينة دير الزور، حيث تنتشر عشرات آبار النفط التي تعتمد عليها «داعش» كمصدر للتمويل. وفي حين يسعى الأخير إلى ربط مناطق نفوذه في سوريا مع تلك الموجودة في العراق، تجهد «جبهة النصرة» وبقية الكتائب الإسلامية المتحالفة معها لإبعاد مقاتلي «الدولة الإسلامية» عن المناطق الحدودية وإفشال مخططاتهم.
ولم يتمكن تنظيم «داعش» من الاحتفاظ بسيطرته على منطقة البوكمال القريبة من الحدود العراقية بعد اقتحامه لها بداية الأسبوع الماضي، إذ اضطر إلى الانسحاب منها بعد معارك ضارية مع «جبهة النصرة». وتعد البوكمال هدفا استراتيجيا لتنظيم «الدولة الإسلامية» باعتبارها آخر منطقة حدودية تصل بين سوريا والعراق.
وكان قائد «النصرة» أبو محمد الجولاني قد وجه عبر تسجيل صوتي تهديدا بنقل المعركة مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» إلى الأراضي العراقية.
وانسحب «داعش» خلال الفترة الماضية من مناطق الشمال، تحديدا ريف حلب، لتثبيت حضوره في المناطق الشرقية الغنية بالنفط، ليبدأ بعدها معركة السيطرة على محافظة دير الزور التي يطلق عليها التنظيم تسمية «مدينة الخير» في إشارة إلى الثروة البترولية الموجودة في أراضيها. وتمكن التنظيم المتشدد، بعد إعلان معاركه في دير الزور، من السيطرة على حقل التيم النفطي في دير الزور الذي بات تحت إدارته. ويعد «التيم» من أهم الحقول في سوريا. وكانت طاقته الإنتاجية تبلغ نحو 75 ألف برميل يوميا قبل بدء الصراع منذ ثلاث سنوات. كما حاول «التنظيم» إحكام سيطرته على قرية «الشدادي» في الحسكة، حيث يكثر انتشار الآبار النفطية، لكن «جبهة النصرة» منعته تحقيق ذلك.
ويعد تكرير النفط مصدرا رئيسا لتمويل تنظيم «داعش»، بحسب ما يؤكد عضو المجلس الوطني المعارض والخبير في الحركات الإسلامية عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «الدولة الإسلامية حصلت على نحو 700 مليون دولار جراء الاستثمار بالنفط خلال الفترة الماضية، الأمر الذي ساهم في إنعاش نشاطاتها العسكرية واللوجيستية». ويرى عبد الرحمن أن «الصراع بين (داعش) و(النصرة) أصبح وجوديا»، مؤكدا «استحالة التعايش بين التنظيمين نتيجة اختلاف رؤيتيهما السياسيتين».
ويلاحظ عبد الرحمن أن «الصراع بين التنظيمين ساهم في تراجع عدد الجهاديين الأجانب الذين يأتون إلى سوريا بقصد الجهاد»، مؤكدا أن «عددا كبيرا من هؤلاء يكتبون على حساباتهم في موقع (تويتر) تغريدات تشير إلى أنهم لا يستطيعون المجيء إلى سوريا في ظل ما يسمونه (فتنة) بين الفصائل الجهادية مفضلين اتخاذ موقف الحياد».
وقد خير العدناني في تسجيله الصوتي أمس مقاتلي التنظيمات الجهادية الأخرى بين «القاعدة» وتنظيمه قائلا: «اختاروا أيها المجاهدون: على يد من تأخذون؟»، مشددا على أن «داعش» باق «على منهج الإمام الشيخ أسامة» بن لادن، الزعيم السابق لـ«القاعدة» الذي قتل في عملية عسكرية أميركية في باكستان عام 2011.
واتهم العدناني «قيادة تنظيم القاعدة بالانحراف عن منهج الصواب»، قائلا: «ليست بقاعدة الجهاد من يمدحها الأراذل، ويغازلها الطغاة والمنحرفون والضالون». وأضاف: «(القاعدة) اليوم لم تعد قاعدة الجهاد، بل باتت قيادتها معولا لهدم مشروع الدولة الإسلامية والخلافة القادمة بإذن الله. لقد حرفوا المنهج، وأساءوا الظن، وقبلوا بيعة المنشقين، وشقوا صف المجاهدين، وبدأوا بحرب دولة للإسلام».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».