فالس.. السياسي الذي يهوى كسر «التابوهات»

أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أمس، ترشيحه لانتخابات الرئاسة التي ستجرى العام المقبل لاختيار خلف لفرنسوا هولاند. وقال فالس: «أنا مرشح لرئاسة الجمهورية»، معلنًا أنه سيستقيل من منصبه رئيسًا للوزراء اليوم للحصول على ترشيح الحزب الاشتراكي للانتخابات التمهيدية المقررة في يناير (كانون الثاني) المقبل.
ولا يتردد رئيس الوزراء الفرنسي الاشتراكي فالس، الذي يستعد لخوض السباق الرئاسي، عادة في كسر الخطوط الحمراء و«التابوهات» لدى اليسار، إلا أن أسلوبه السلطوي ودفاعه عن علمانية متشددة، من العوامل التي تنفر قسما من معسكره منه.
في 2014، قال فالس الذي ولد إسبانيا وحصل على الجنسية الفرنسية في سن العشرين: «يجب الانتهاء من اليسار المتمسك بالحنين إلى ماض مضى». وبعد أن كان يهوى تجاوز الخطوط الحمراء كما فعل عام 2007 حين اقترح تغيير اسم الحزب «الاشتراكي»، معتبرا أنه تجاوزه الزمن، عاد مانويل فالس (54 عاما) وعدل خطابه في الآونة الأخيرة لتوسيع قاعدته الانتخابية.
وبعد أن كان يتحدث عن «تيارين يساريين لا يمكن التوفيق بينهما»، وبعد أن أيد منع رؤساء بلديات يمينيين ارتداء البوركيني، بات فالس الآن يدعو معسكره إلى التوحد قبل الانتخابات الرئاسية في 2017.
قبل خمس سنوات، وأثناء الانتخابات التمهيدية المفتوحة لليسار، لم يقنع كثيرين بتموضعه على يمين الحزب، فخرج من السباق منذ الجولة الأولى بعد أن حصل على 5.63 في المائة من الأصوات.
وكشف النائب الشاب عن المنطقة الباريسية حينها عن طموحاته، واستفاد منذ ذلك التاريخ من تجربة حكومية غنية، وبدأ يوصف برجل الدولة، لكن لجوءه إلى سلاح دستوري لفرض إصلاحات رغم معارضة البرلمان كلفه عداوات قوية داخل حزبه.
وفي 2012، تحالف مع المرشح هولاند للرئاسة وكشف عن دينامية أثناء الحملة، ما أهله لتولي منصب وزير الداخلية. وعزز في هذا المنصب صورة رجل القبضة الحديدية، ما أكسبه شعبية أحيانا لدى اليمين أكثر من اليسار.
وبسبب حيويته الزائدة وطموحاته الواسعة، قارنه كثيرون بالرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي، الأمر الذي كان يثير استياءه. وفتح تسلطه أبواب رئاسة الحكومة أمامه في 2014، إذ خلف الكتوم جان مارك إيرولت. وقال فالس بعد ذلك إن «القائد يجب أن يعرف كيف يقود، لهذا أنا القائد».
ومع توليه المنصب، غادر أنصار البيئة الحكومة منددين، من بين أمور أخرى، بتصريحاته حول غجر الروما. لكن فالس لم يهتم بالانتقادات، وبدأ تطبيق الخط الجديد الاشتراكي الليبرالي للرئيس هولاند (خفض الضرائب على الشركات، وإصلاح قانون العمل..). وغادرت شخصيات أخرى مهمة الفريق الحكومي.
وبالتوازي مع ذلك، تبنى وزير الاقتصاد إيمانويل ماكرون (38 عاما) أيضا الخط الإصلاحي في مجال الاقتصاد، قبل أن يستقيل من الحكومة ليبدأ منفردا مغامرة الرئاسيات. وحاول في القضايا الاجتماعية تسخيف مواقف فالس، آخذا عليه نزعته «العلمانية الانتقامية»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان فالس أحد القلائل في معسكره الذين صوتوا لحظر النقاب في الشارع الفرنسي. وهو ينتقد بانتظام الحجاب لدى المسلمات.
ودخل فالس باكرا عالم السياسة، وهو مولود في برشلونة في 13 أغسطس (آب) 1962 من أم سويسرية وأب رسام إسباني من كتالونيا. وبعد دراسة قصيرة لمادة التاريخ، أصبح مساعدا برلمانيا في سن الـ23، ثم عمل لحساب رئيس الوزراء الإصلاحي ميشال روكار (1988 - 1991)، ثم رئيس الوزراء الأسبق ليونيل جوسبان (1997 - 2001).
وانتخب في 2001 رئيسا لبلدية إيفري وهي مدينة شعبية ومختلطة في جنوب باريس، ثم أصبح نائبا عن المقاطعة. وبعد أن أنجب أربعة أطفال من زواج أول، تزوج مرة ثانية في 2010 بعازفة الكمان آن غرافوان.