الشراكة التعليمية بين مصر وبريطانيا.. تاريخ طويل وفرص جديدة

10 اتفاقيات جديدة بين الجامعات في العلوم والابتكار والتعليم العالي

د. طارق شوقي الأمين رئيس المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي في مصر أثناء توقيع الاتفاقيات في لندن ({الشرق الأوسط})
د. طارق شوقي الأمين رئيس المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي في مصر أثناء توقيع الاتفاقيات في لندن ({الشرق الأوسط})
TT

الشراكة التعليمية بين مصر وبريطانيا.. تاريخ طويل وفرص جديدة

د. طارق شوقي الأمين رئيس المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي في مصر أثناء توقيع الاتفاقيات في لندن ({الشرق الأوسط})
د. طارق شوقي الأمين رئيس المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي في مصر أثناء توقيع الاتفاقيات في لندن ({الشرق الأوسط})

انطلقت الأسبوع الماضي فعاليات أسبوع الشراكة التعليمية بين مصر والمملكة المتحدة الذي احتضنته العاصمة لندن، وشهد توقيع 10 شراكات جديدة بين الجامعات البريطانية والمصرية، بحضور وفد مصري يضم كبار الشخصيات والمسؤولين في مجال التعليم والسفير البريطاني بالقاهرة جون كاسن، وعددًا من القائمين على المؤسسات التعليمية البريطانية وممثلي الجامعات البريطانية العريقة.
جاء ذلك في إطار فعاليات عام البحث المصري - البريطاني 2016 الذي تم التنسيق له منذ عامين، وبموجب هذه الاتفاقيات، سيتم تحديث منظومة التعليم العالي في عدد من الجامعات المصرية، حيث تم ربط جامعة القاهرة بـ«كينجز كوليدج» لندن، وجامعة ساسكس وجامعة أستون، بينما دخلت جامعة الإسكندرية في شراكة مع جامعة لندن ساوث بانك وجامعة دندي، فيما تم ربط جامعة الجيزة الجديدة بكلية لندن الجامعية، وربط الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بجامعة برونيل وجامعة ستافوردشير وجامعة أستون وجامعة كارديف ميتروبليتون، وبذلك أصبح عدد مذكرات التفاهم الموقعة بين الجامعات البريطانية والمصرية هذا العام 30 مذكرة تفاهم.
وأكد المركز الثقافي البريطاني، في بيان صحافي، دعم المملكة المتحدة لجهود الإصلاح والتغيير في منظومة التعليم العالي المصرية، مشيرًا إلى برنامجه الخاص بدعم الجامعات الحكومية، «مما يساعد على تنفيذ حزمة من الإصلاحات، لخلق منظومة أكثر استقلالاً وذات طبيعة دولية».
وتُعتبر المملكة المتحدة من البلدان الرائدة عالميًا في مجال التعليم - حيث توجد 4 جامعات بريطانية ضمن أفضل 10 جامعات في العالم، كما أننا نجري البحوث المتطورة ونحقق الابتكار، علاوة على أننا بلد منفتح وحريص على بناء الشركات. وفي مصر، يوجد آلاف، إن لم يكن ملايين، من الشباب الأذكياء الذين يدركون أن التعليم هو مفتاح مستقبل بلدهم ومستقبلهم. هذه الشراكة قادرة على إحداث تحول في مستقبل البلدين ومساعدتنا على تحقيق النجاح لأجل الأجيال القادمة.
وأضاف جيف ستريتر، مدير المجلس الثقافي البريطاني بمصر: «نحن فخورون بتعاوننا الوثيق مع المجلس الأعلى للجامعات، الذي يُعد بمثابة محور لتشجيع مزيد من التعاون بين الجامعات البريطانية والمصرية، ولتزويد الآلاف من الطلاب المصريين بإمكانية الحصول على تعليم يرقى للمستوى العالمي. ونحن في المجلس الثقافي البريطاني نُركز دائمًا على التعليم، لأننا نؤمن بأنه أهم وسيلة من وسائل تطوير النفس وتنمية الأمة».
ومنذ عام 2010، ساعد المجلس الثقافي البريطاني 75000 من المصريين في تعلم اللغة الإنجليزية أو اكتساب مؤهلات وشهادات بريطانية معترف بها دوليًا. ومن خلال برنامج «منح تشيفننج» (Chevening Awards)، قدمت المملكة المتحدة 170 منحة دراسية للدراسات العليا للمصريين على مدى السنوات الخمس الماضية. ومن المتوقع أن يصل العدد في السنوات الخمس المقبلة إلى أكثر من 300 منحة. ويشير مدير المجلس الثقافي البريطاني في مصر إلى «أن المجلس الثقافي البريطاني حريص على تعزيز فرص الحصول على تعليم بريطاني عالي الجودة في مصر. ونود أن نرى مزيدًا من الطلاب المصريين يستفيدون من جودة واتساع نطاق الدورات الدراسية التي تقدمها مؤسساتنا التعليمية العظيمة، ويحققون إمكانياتهم الهائلة. وحاليًا، يوجد 15 ألفًا من الطلاب المصريين يدرسون في مصر للحصول على مؤهلات بريطانية معتمدة، وسافر أيضًا أكثر من 1800 إلى المملكة المتحدة للدراسة في العام الماضي».
ومن المشروعات الهامة التي أفرزتها الشراكة المصرية البريطانية، إطلاق صندوق نيوتن - مشرفة للعلوم والابتكار بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني في عام 2014، ومن المتوقع أن يقدم تمويلاً لأكثر من 300 منحة للحصول على الدكتوراه وزمالات ما بعد الدكتوراه. كما أعلن الأزهر الشريف بالتعاون مع المركز البريطاني عن فتح باب التقدم لمنحة «الدراسات الدينية» لعام 2017م. وهي منحة مقدمة برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ورئيس أساقفة كانتربيري، لدعم التعاون المشترك بين المسلمين وغيرهم. وسوف يتمكن الطلاب من دراسة علم اللاهوت، ومقارنة الأديان، وفلسفة الأديان، وتاريخ الأديان، والأنثروبولوجيا.
* نظام التعليم البريطاني في مصر
عرفت مصر نظم التعليم البريطانية في التعليم في أواخر القرن التاسع عشر، فمنذ احتلال بريطانيا لمصر عام 1882، عملت الإمبراطورية البريطانية على «نجلزة» التعليم ونشر الثقافة الإنجليزية لتحل محل الثقافة الفرنسية، إذ أنشئ أول قلم للترجمة الإنجليزية في مصر عام 1885 الذي تحول عام 1889 إلى مدرسة للمعلمين، لتخريج مدرسين مصريين ناطقين بالإنجليزية للتدريس في المدارس الابتدائية، كما تمت الاستعانة بمعلمين إنجليز من الخارج للتدريس لطلاب المرحلة الثانوية، إلا أن سياسة الاحتلال وقتها عرقلت حصول عموم المصريين على التعليم اللازم، حيث أشارت المراجع التاريخية إلى إغلاق اللورد كرومر أول معتمد بريطاني لمصر والسودان عددًا من المدارس ومعاهد إعداد المعلمين.
في عام 1989 بدأت فكرة تأسيس «فيكتوريا كوليدج» أول وأشهر مدرسة بريطانية في مصر في الإسكندرية، بمبادرة من الجالية البريطانية بها، ورغم معارضة كرومر، فإن المدرسة شيدت بجهود أهلية، وخرجت مشاهير في الأدب والفن والسياسة، ولا تزال مستمرة في تقديم خدماتها التعليمية حتى الآن.
حاليًا تنتشر في أنحاء مصر مدارس تقدم التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، وفقًا لنظام التعليم البريطاني وتمنح طلابها شهادات معتمدة. ويوجد في القاهرة والجيزة 75 مدرسة بنظام التعليم البريطاني، بينما يوجد في الإسكندرية 19 مدرسة، واثنتان في الإسماعيلية، وواحدة في كل من طنطا والمنصورة والجونة، وهي توفر الامتحانات من خلال مجلسي امتحانات رئيسيين، وهما مركز امتحانات «كمبردج» الدولية التي تمنح شهادة «IGCSE»، أو «بيرسون إدكسل» التي تمنح شهادة «International GCSE».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.