بين الثقة والحلم.. كيف يؤدي لاعبو كرة القدم أدوارهم؟

العلاقات والتحديات والإنجازات والمشاجرات.. أشياء تحدد شكل مسيرتهم

روني سجل أجمل أهدافه في مرمى سيتي معتمدًا على التخيل
روني سجل أجمل أهدافه في مرمى سيتي معتمدًا على التخيل
TT

بين الثقة والحلم.. كيف يؤدي لاعبو كرة القدم أدوارهم؟

روني سجل أجمل أهدافه في مرمى سيتي معتمدًا على التخيل
روني سجل أجمل أهدافه في مرمى سيتي معتمدًا على التخيل

عادة ما تكون العلاقة بين لاعبي كرة القدم والإعلام شديدة البساطة. قبل انطلاق مباراة ما، عادة ما تسأل وسائل الإعلام اللاعب عن آماله بخصوص التحدي المرتقب، وفي الغالب تدور الإجابة حول تطلع اللاعب للمشاركة في المباراة، وقد يحاول تحاشي الإجابة عندما يواجه سؤالاً عن قضية قد تثير الجدل.
وخلال اللقاءات الصحافية بعد المباراة، يواجه اللاعبون أسئلة حول شعورهم تجاه النتيجة، وربما شيء فعلوه في المباراة. وربما بسبب ضيق الوقت، أو الإرهاق، أو التدريب الذي نتلقاه لدى التحاقنا بالعمل الإعلامي، غالبًا ما لا نعي الكثير، بخلاف المشاعر التي يعايشها اللاعب في اللحظة ذاتها، وغالبًا ما لا يكون ذلك خطأ اللاعب أو حتى الصحافي الذي يجري المقابلة معه، وإنما واقع الأمر أن كرة القدم بطبيعتها لا تشجع على التعمق في التفكير. وعليه، فإنه نادرًا ما ندرك حقًا كيف يتولى لاعب ما الاضطلاع بدوره في كرة القدم.
ما الذي يفكر به عندما يتحرك بجسده على النحو الذي يمكنه من فتح مساحة أمامه، رغم أنه منذ أقل من ثانية فقط لم تكن هناك أدنى مساحة متاحة أمامه؟ أما نحن، فسواء كنا نشاهد المباراة من المدرجات أو أمام شاشات التلفزيون، فإننا نتعامل مع مسألة قدرة اللاعب على حساب حركته، والزمن الذي تستغرقه بسرعة، باعتبارها أمرًا مسلمًا به. ونتيجة للمسافة القائمة بيننا وبينه، تتلاشى في أعيننا صعوبة ما يفعله اللاعب داخل الملعب. وعندما يجري إحراز هدف مذهل بالفعل، كذلك الذي سجله مسعود أوزيل، نجم آرسنال، واقتنص به الفوز أمام نادي لودوغورتس رازغراد البلغاري، فإنه غالبًا ما يصاحبه قدر كبير من المبالغات، ومحاولات التقليل من قيمته. وعندما نلقي نظرة أعمق على كيف تحققت خطوة مبهرة حقًا داخل الملعب، عادة ما يجري تجاهل المجهود الذي بذله اللاعب فيها، ربما لأننا لم نعتد أن نسمع من اللاعبين أي شيء جديد، لدرجة أننا بعد قراءة سيرة ذاتية للاعب تصل إلى 75 ألف كلمة، نجد ثمة تساؤلاً محيرًا يبقى في أذهاننا حول ما الذي يمنح لاعبًا ما ميزة عن اللاعبين الآخرين، بخلاف اللياقة البدنية أو الأسلوب أو الذكاء التكتيكي؟
وتسهم العلاقات والتحديات والإنجازات والمشاجرات في تشييد بناء من السرد حول قصص حياة اللاعبين. بطبيعة الحال، تبقى هناك استثناءات، مثل السيرة الذاتية للنجم الإيطالي أندريا بيرلو التي صدرت بعنوان «أعتقد أنني من أجل ذلك ألعب»، والتي عمدت إلى التأكيد على سمعة بيرلو باعتباره «مايسترو» وسط الملعب.
وفيما يخص مسألة تمرير الكرة، يرسم بيرلو صورة عامة لا تهيمن عليها كتل الأيدي والسيقان المتحركة والانفعالات، وإنما سلسلة من الثغرات المتغيرة باستمرار التي تكمن مهمته في تمرير الكرة من خلالها.
وفي سيرته الذاتية، أوضح بيرلو: «من جانبي، أدركت أن ثمة سرًا يقف وراء الأمر: إنني أنظر إلى المباراة من منظور مختلف. إن الأمر برمته وجهات نظر، ومن المهم أن يملك اللاعب الناجح القدرة على رؤية المشهد الواسع أمامه، والقدرة على رؤية الصورة الأكبر. إن لاعب خط الوسط التقليدي ينظر باتجاه آخر الملعب، ويركز اهتمامه على لاعبي الهجوم. أما أنا، فأركز بدلاً من ذلك على المساحة القائمة بيني وبينهم التي يمكنني العمل خلالها والمرور بالكرة. إن الأمر يتعلق بعلم الهندسة أكثر من التكتيكات الكروية».
من ناحية أخرى، ألمح الهولندي دينيس بيركامب، أحد أعظم العقول بمجال كرة القدم، إلى أن الأساليب المستنزفة التي ينتهجها المدربون في إطار كرة القدم الحديثة، تعتبر واحدة من الأسباب الرئيسية وراء إحجام اللاعبين عن استغلال مهارات الملاحظة لديهم بالقدر الكافي. وفي حديث له مع الصحافية الرياضية آمي لورانس، قال: «لم تعد هناك حاجة لأن يفكروا لأنفسهم بأنفسهم، وإنما أصبح الأمر كله يقدم إليهم، وهذا في حد ذاته مشكلة، ذلك أنهم عندما يواجهون موقفًا جديدًا، يتطلعون نحو شخص آخر ولسان حالهم يقول: كيف ينبغي أن أتصرف الآن؟ ورغم أن بيركامب هنا كان يتحدث تحديدًا عن القدرة على التفكير النقدي في خضم المباراة، فإن تعليقاته يمكن النظر إليها كمؤشر على غياب ثقة اللاعبين في قدراتهم على التفكير بأنفسهم، واتخاذ القرارات.
من جهته، اشتهر واين روني، على امتداد الفترة الأولى من مشواره الكروي، بأنه يحمل بداخله غريزة لاعبي كرة الشوارع، فهو لا يهاب الاشتباك مع الخصم، ولم يكن يبدي أي ميل للتفكير مليًا والتردد داخل الملعب، مما جعله قادرًا على فعل أشياء تتجاوز قدرات الغالبية العظمى من اللاعبين المحترفين الآخرين. وخلال مقابلة صحافية أجراها معه ديفيد وينر، شرح روني أنه يعتمد على التخيل البصري في استعداده للمباريات، وأن ذهنه في أثناء تطور التحركات داخل الملعب كثيرًا ما يتشتت باتجاه المستقبل. وخلال هذه المقابلة، نجح الصحافي وينر في فتح نافذة أمامنا على واحدة من الأمور التي نادرًا ما يتطرق إليها أحد بمجال كرة القدم: ذهن اللاعب، وكيف يفكر في أثناء المباراة.
وخلال هذه المقابلة القيمة، شرح روني: «أذهب إلى مسؤول الملابس، وأسأله عما سنرتديه من قمصان في المباراة المقبلة. فإذا أجاب مثلاً: قميص أحمر و(شورت) أبيض أو أسود، فإنني عندما استلقي في فراشي، في الليلة السابقة للمباراة، أتخيل نفسي وأنا أسجل أهدافًا، أو أبلي بلاءً حسنًا داخل الملعب. إنك تحاول ببساطة وضع نفسك في تلك اللحظة، وتعمل على تهيئة نفسك لها، بحيث تصبح لديك (ذاكرة) بخصوصها قبل المباراة. لا أدري إن كنت تطلق على هذا تخيل بصري أو حلم، لكن الأمر المؤكد أن هذا أمر حرصت على فعله دومًا طيلة حياتي. وعندما كنت أصغر سنًا، اعتدت تخيل نفسي وأنا أحرز أهدافًا أسطورية، وأمورًا أخرى من هذا القبيل، وأنني أسجل أهدافًا من مسافة 30 ياردة، وأتحرك بخفة بالكرة عبر لاعبي الخصم. لقد اعتدت تخيل نفسي وأنا أقوم بكل ذلك، وعندما تمارس كرة القدم للمحترفين، تدرك أن هذا أمر مهم للغاية لإعدادك للمباريات. ويشبه هذا الأمر عندما تلعب «سنوكر» (نوع من البلياردو)، فأنت تفكر مسبقًا بثلاث أو أربع تمريرات. وبالمثل، فإن أفضل لاعبي كرة القدم هم القادرون على تخيل مسار الكرة مسبقًا - وأسرع كثيرًا من اللاعبين الآخرين. أنت بحاجة لمعرفة أين يقف كل لاعب آخر داخل الملعب، وبحاجة لرؤية كل شيء من حولك».
ولقد حاولنا ذات مرة تفحص هذه الفكرة العميقة لدى هداف إنجلترا السابق آلان شيرار، فسألته كيف أحرز الهدف الذي يعتبره أروع أهدافه على الإطلاق، لكنه اكتفى بالقول: «تلك اللعبة كانت واحدة من مئات، على ما أعتقد»، واللافت في هذه الإجابة أنه من الممكن أن يرددها آلاف اللاعبين الآخرين الذين ربما لا يدركون حتى حقيقة ما يمكنهم فعله.
إن أفضل اللاعبين أصحاب المهارات الرفيعة غالبًا ما يجري الحديث عنهم باعتبارهم يمتلكون حسًا متطورًا للغاية يمكنهم من استيعاب عدة تحركات بالكرة. وباستطاعة أي شخص خاض مباراة كرة قدم للهواة أمام لاعب من المحترفين رصد هذا الأمر بنفسه. في الواقع، إن لاعبًا مثل يان مولبي، حتى بعد سنوات من التقاعد، بمقدوره إدارة مباراة بأكملها دون أن يتحرك؛ إن هذا كله جزء من فن فهم المساحة.
وبالمثل، شرح تشافي هيرنانديز، نجم برشلونة السابق، خلال مقابلة في عام 2014، قائلاً: «أفكر بسرعة، وأبحث عن المساحات.. هذا هو ما أفعله: البحث عن المساحات. طيلة اليوم، أبحث عنها دومًا، وأفكر: هنا؟ لا. هناك؟ لا. في الواقع، إن الأشخاص الذين لم يمارسوا كرة القدم قط يصعب عليهم إدراك مدى صعوبة هذا الأمر؛ البحث المستمر عن مساحة. إن الأمر يشبه لعب «بلاي ستيشن».. أنا أبحث عن المساحة، وأمرر الكرة؛ هذا ما أفعله».
وخلال مقابلة مع مجلة «إيت باي إيت»، تحدث توماس مولر، نجم بايرن ميونيخ، بجدية بالغة عن الأهمية التي يوليها لمسألة التوقيت. ويرى مولر أن دقته الكبيرة في اللعب داخل منطقة مرمى الخصم تعود إلى قدرته على حساب المسافات بدقة بالغة. وفي الواقع، لقد انهمك في التفكير في دوره داخل الملعب لدرجة أنه ابتكر اسمًا لهذا الدور.
عن ذلك، قال: «أنا مترجم مساحات؛ إن كل لاعب جيد ناجح، خصوصًا في خط الهجوم، يملك شعورًا متطورًا دقيقًا تجاه المساحات والوقت؛ هذا ليس بالظاهرة التي لا تجدها سوى في اثنين أو ثلاثة من سكان الأرض، وإنما كل مهاجم متألق يدرك جيدًا أن الأمر برمته يدور حول الفارق الزمني بين الشخص الذي يمرر الكرة والآخر الذي يجري إلى داخل المربع المناسب للتصويب على المرمى. هذا ليس بالأمر الجديد.. عندما تجري، لا تفعل ذلك من أجلك دائمًا، وإنما غالبًا ما تقدم على ذلك بهدف فتح الباب أمام زميل لك».
ومما سبق، يتضح أن بعض أفضل اللاعبين بمجال كرة القدم، عندما تطرح عليهم الأسئلة الصحيحة، يعربون عن إيمانهم بأن التفهم البصري للمساحة والوقت يشكلان عنصرين حيويين في نجاحهم في بلوغ المكانة الرفيعة التي حققوها.



«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.