إيطاليا بين استفتاء الإصلاح الدستوري وتقييم سياسات رينزي

تلويحه بالاستقالة يهدد بزعزعة استقرار ثالث اقتصاد في منطقة اليورو

إيطاليا بين استفتاء الإصلاح الدستوري وتقييم سياسات رينزي
TT

إيطاليا بين استفتاء الإصلاح الدستوري وتقييم سياسات رينزي

إيطاليا بين استفتاء الإصلاح الدستوري وتقييم سياسات رينزي

تابعت أوروبا والعالم أمس تصويت ملايين الإيطاليين في استفتاء حول إصلاح دستوري يسعى إلى تقليص صلاحيات مجلس الشيوخ، فيما تحوّل مع صعود الشعبويين إلى تصويت على رئيس الحكومة اليساري ماتيو رينزي (وسط يسار).
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة السابعة، السادسة صباحا بتوقيت غرينتش، واستمر التصويت حتى الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش. ودعي أكثر من 46 مليون ناخب للتصويت أمس، بينما انتهى الاقتراع لنحو أربعة ملايين إيطالي في الخارج صوتوا بالمراسلة مساء الخميس.
وبلغت نسبة الإقبال على التصويت عند منتصف النهار، بحسب وزارة الداخلية، 20 في المائة، لكن تصعب مقارنة هذه النسبة مع آخر الاستفتاءات المماثلة التي كانت تجرى على يومين. وأعلنت النتائج الأولية للتصويت عند مغادرة المقترعين مراكز الانتخاب مساء أمس، والنهائية فجر اليوم.
وتابعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الاستفتاء عن قرب، لما يحمله من دلالات حول صعود التيار الشعبوي في أوروبا، وتعهد رينزي بالاستقالة إذا رفضت الإصلاحات. وفي غياب بديل واضح، يثير غموض النتيجة قلقا في أوروبا وفي أسواق المال التي تخشى بعد صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وصعود الحركات الشعبوية، مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو.
ويتعلق التصويت بإصلاح دستوري يقضي بتقليص صلاحيات مجلس الشيوخ بشكل كبير، والحد من صلاحيات المناطق، وإلغاء الأقاليم. ويدعو جزء كبير من الطبقة السياسية، من اليمين إلى الشعبويين في حركة «5 نجوم» أو «رابطة الشمال»، مرورا بكل التيارات المتطرفة، وحتى «المتمردين» من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه رينزي، إلى رفض هذه الإصلاحات التي يرون أنها تؤدي إلى تركيز مفرط للسلطات بيد رئيس الحكومة.
هذه المعارضة توحّدها أيضا الرغبة في طرد رينزي الذي وصل إلى السلطة في فبراير (شباط) 2014 ويهيمن على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإعلامي في تصريحاته للدفاع عن إصلاحاته، التي تهدف إلى تبسيط الحياة السياسية في بلد شهد تشكيل ستين حكومة منذ 1948.
بهذا الصدد، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الطالبة إيلينا بيكولو (21 عاما) في نابولي أن «رينزي أخطأ منذ البداية بشخصنته هذا التصويت، عندما قال إنه سيستقيل في حال فوز معارضي الإصلاحات». وأضافت أنه «يركّز بذلك كل الاستياء في البلاد بما في ذلك استياء الشباب، على شخصه».
وتشير الاستطلاعات الأخيرة إلى فوز الـ«لا» بفارق يتراوح بين خمس وثماني نقاط. لكن عدد المترددين كبير. وقال تيودورو (56 عاما)، وهو منتج زيت زيتون بمنطقة روما: «أصوّت نعم للتغيير. رينزي أفضل من غيره. وفي إيطاليا، الحكومات لا تستمر كثيرا فلا يمكنها تغيير الأمور».
لكن أنتونيو فينتولا (23 عاما)، وهو طالب اقتصاد، لا يوافقه الرأي قائلا: «يجب الحفاظ على نظام الغرفتين في البرلمان، هذه مسألة توازن سلطات. إن دعاية الـ(نعم) كانت شرسة جدا وغير مفيدة. رينزي خطر على الديمقراطية».
وكان للاستفتاء أصداء دولية خلال الأسابيع الماضية، إذ دعا كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، علنا الإيطاليين إلى قبول الإصلاحات.
وفي حال رفض الإصلاحات، سيدعو حزب «5 نجوم» على الأرجح إلى انتخابات مبكرة، لكن يتوقع ألا يحل الرئيس سيرجيو ماتاريلا البرلمان قبل تعديل القانون المتعلق بانتخاب النواب.
ومسألة استقالة رينزي تتعلق بنسبة تأييده في الاستفتاء. وحتى إذا قدم استقالة حكومته، يمكنه البقاء على رأس الحزب الديمقراطي والعودة حتى إلى رئاسة الحكومة. لكنه أكد مرارا أنه لن يترأس حكومة «تقنية» مكلفة بتعديل القانون الانتخابي فقط.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».