حروب عصابات وتحالف مع المتشددين.. بدائل المعارضة السورية إن تخلى ترامب عن دعمها

مسؤول أميركي: رغم البداية البطيئة لها فإنها ضغطت على الأسد ودفعته نحو التفاوض

حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)
حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)
TT

حروب عصابات وتحالف مع المتشددين.. بدائل المعارضة السورية إن تخلى ترامب عن دعمها

حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)
حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)

بعد ثلاث سنوات من شروع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في شحن مساعدات في صورة أسلحة إلى الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الرئيس بشار الأسد، تدفع الهزائم بميادين القتال والمخاوف من تخلي الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب عنهم، فصائل المعارضة المسلحة، إلى إعادة تقييم البدائل القائمة أمامهم.
وحسبما أوضح مسؤولون أميركيون وخبراء إقليميون وعناصر من الفصائل أنفسهم، فإن البدائل تتضمن بناء تحالف أوثق مع تنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى تتميز بتسليح أفضل، والحصول على أسلحة أكثر تطورًا من دول في الخليج العربي بحيث تعوض انحسار الدعم الأميركي، واتباع أساليب حروب العصابات الأكثر تقليدية، بما في ذلك الاعتماد على القناصة والهجمات الأصغر نطاقًا، ضد أهداف للنظام وروسيا.
ويأتي هذا رغم أنه منذ أقل من عام مضى، كانت قوات المعارضة تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي داخل سوريا. ومنذ ذلك الحين، وفي ظل غياب دعم دولي فاعل، جرى شن ضربات جوية روسية ونظامية دون هوادة ضد مواقع المسلحين، وإلى جانبهم مدنيون أيضًا، بدعم من إيران وجماعة ما يسمى «حزب الله» وقوات ميليشيات شيعية عراقية؛ ما أدى إلى نجاح هذه الجبهة في استعادة السيطرة على الكثير من تلك الأراضي.
وجراء موجة من الهجمات القاسية على امتداد الأسابيع الثلاثة الماضية، اضطر مسلحو المعارضة إلى الانسحاب من الكثير من أجزاء بشرق حلب التي تمثل معقلهم الذي سيطروا عليه منذ عام 2012.
من جانبه، أوضح ترامب أن أولويته في سوريا تكمن في القتال المنفصل الدائر ضد تنظيم داعش، الذي من المفترض أنه في ظل الظروف المثالية يجري بالتعاون مع روسيا والأسد، بجانب حلفاء آخرين. ورغم أن الغموض لا يزال يكتنف الكثير من خططه بهذا الشأن، أعلن الرئيس المنتخب رفضه رؤية إدارة أوباما، التي ترى أن إنهاء الحرب الأهلية وإجبار الأسد على الجلوس على طاولة التفاوض، يشكلان عنصرين محوريين في الانتصار على «داعش»، ولمح ترامب إلى أنه سيحد من الدعم الأميركي الموجه إلى المسلحين السوريين.
من ناحية أخرى، فإن التخلي عن جماعات المعارضة التي دربتها وسلحتها، سيأتي بمثابة صدمة عنيفة لوكالة «وكالة الاستخبارات المركزية» في وقت تعاني بالفعل قلقا جراء ما أبداه ترامب خلال حملته الانتخابية من عدم ثقة في مستوى القدرات الاستخباراتية الأميركية.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين الذين أجرينا معهم مقابلات ورفضوا الكشف عن هوياتهم؛ لأنه غير مصرح لهم بالحديث علانية، إنه رغم ما قدمته من بداية بطيئة وغير منظمة، فإن «المعارضة السورية نجحت في إنجاز الكثير من الأهداف التي سعت وراءها الولايات المتحدة»، بما في ذلك تطورها إلى قوة قتال جديرة بالاعتماد عليها، والتي أبدت قدرتها على الضغط على الأسد ودفعه نحو التفاوض، لولا التدخل الروسي بعمليات قصف، وتعزيز إيران وجودها البري.
وتشير تقديرات الولايات المتحدة إلى وجود 50.000 أو أكثر مما تصفهم بـ«المعارضة المعتدلة» متمركزين في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد، وحلب وجيوب أصغر بمختلف أرجاء غرب وجنوب سوريا، وأنهم من غير المحتمل أن يتخلوا عن القتال.
في هذا الصدد، أوضح مسؤول أميركي: «أنهم يقاتلون منذ سنوات، وتمكنوا من البقاء طيلة هذه المدة. وبالتالي فإن معارضتهم الأسد لن تختفي ببساطة».
ورغم تحسن موقف المعارضة المسلحة، العام الماضي، بفضل الصواريخ المضادة للدبابات «تاو» التي قدمتها الولايات المتحدة ودول خليجية، فإن المسلحين يشتكون منذ فترة طويلة من أن المساعدات الأميركية شحيحة، وجاءت مقيدة بكثير من الشروط والمتطلبات. من جهته، رفض الرئيس أوباما إرسال أسلحة أكثر تقدمًا إلى المسلحين السوريين، بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات محمولة كتفًا، خشية وقوعها في أيدي متطرفين. كما فرض على حلفاء إقليميين فرض قيود مشابهة على شحنات الأسلحة التي تقدمها إلى المسلحين.
في هذا الصدد، قال أحد قادة جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من واشنطن: «الآن، يتملكنا شعور شديد بالإحباط؛ فالولايات المتحدة ترفض إمدادنا بالأسلحة التي نحتاج إليها، ومع ذلك لا تزال تعتقد بأن بإمكانها أن تملي علينا ما ينبغي لنا فعله. لقد وعدونا بدعمنا، ثم يتخذون الآن موقف المتفرج بينما نغرق».
وأضاف القائد الذي رفض كشف هويته: «لن يصبح لأميركا نفوذ إذا أجبر رفاقنا على الانسحاب إلى إدلب من حلب».
الملاحظ أن معظم المسلحين الذين أجبروا على التخلي عن أراضٍ سيطروا عليها من قبل، فروا إلى إدلب التي بدأت تتحول بسرعة إلى معقل ما تبقى من المعارضة. يذكر أن المنطقة يهيمن عليها ما يصل إلى 100.000 مقاتل من «جبهة النصرة»، التابعة لتنظيم القاعدة، والتي تشير إلى نفسها الآن باسم «جبهة فتح الشام»، بجانب عدد مكافئ من المسلحين ينتمي إلى «حركة أحرار الشام»، وهي جماعة إسلامية ترتبط بحركة معارضة أوسع لا تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية.
ويعتقد بعض الخبراء، بما في ذلك جنرال مايكل فلين، الذي اختاره ترامب مستشارًا للأمن الوطني، أن ثمة تحالفا متناميا على صعيد العمليات قائما منذ أمد بعيد بين المسلحين وجماعات متطرفة.
وأكد فلين العام الماضي، أن استراتيجية أوباما تجاه سوريا القائمة على البقاء بعيدًا أولاً، ثم تقديم دعم محدود للمعارضة من خلال برنامج سري لـ«سي. آي. إيه». سمحت فعليًا لتنظيمات متطرفة بالتنامي على حساب المعارضة المسلحة. وفي سؤال له خلال مقابلة أجرتها معه قناة «الجزيرة» في يوليو (تموز) 2015، حول ما إذا كان ينبغي توفير دعم أقوى في وقت مبكر للمعارضة، أجاب فلين: «عندما لا تتدخل لمساعدة شخص ما، فإنه سيبحث عن سبل أخرى للوصول لأهدافه..كان ينبغي علينا العمل في وقت مبكر فيما يخص هذه الجهود».
في الوقت ذاته، قال فلين إن الإدارة عمدت إلى التقليل من خطورة معلومات استخباراتية وردت مبكرًا حول أن «جبهة النصرة» وأخيرًا تنظيم داعش الذي يضم متطرفين إسلاميين وضباطا سابقين بالجيش العراقي، تعرضوا للتسريح بسبب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 في تنام سريع. وأشار آخرون إلى أن وقف الدعم عن المعارضة المسلحة من شأنه تعزيز أهداف الروس والنظام، علاوة على خدمة المصالح الإيرانية على حساب المملكة العربية السعودية وقطر وحلفاء أميركيين إقليميين آخرين ينظرون إلى إيران باعتبارها مصدر تهديد لوجودهم.
في هذا الصدد، حذر النائب آدم بي. شيف، العضو الديمقراطي البارز بلجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، من أن: «سمعة واشنطن ستتعرض لضرر بالغ بين حلفائنا بالمنطقة إذا ما تخلينا عن دعمنا المعارضة المعتدلة». واستطرد موضحًا أن: «التساؤل هنا هو هل يمكن لحلفائنا بالخليج الاعتماد علينا أم لا، وما إذا كان الإيرانيون ستطلق أيديهم بالمنطقة أم لا».
وأضاف شيف: «من الواضح أن الكثير سيعتمد على ما يفعله الرئيس المنتخب، وما يحثه مستشاروه على القيام به». واستطرد مشيرًا إلى جنرال جيمس ماتيس الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الدفاع: «أعتقد جنرال ماتيس ستكون لديه وجهة نظر مختلفة..تضع في اعتبارها التداعيات المرتبطة بالنفوذ الإيراني بالمنطقة».
الملاحظ أن الاختلافات حول ما إذا كان ينبغي اتخاذ موقف أكثر صرامة حيال روسيا داخل سوريا، بما في ذلك التدخل العسكري المباشر نيابة عن المدنيين، وغير المباشر نيابة عن المسلحين، في حلب وما وراءها أثارت بالفعل انقسامات عميقة في عهد إدارة أوباما بين وزارة الخارجية من ناحية ووزارة الدفاع والبيت الأبيض من ناحية أخرى.
وفي الوقت الذي تفكر الإدارة المقبلة بقيادة ترامب في الانسحاب من المشاركة بتقديم الدعم في إطار أو محاولة تسوية الحرب الأهلية في سوريا، أبدى آخرون بالفعل عزمهم التدخل لسد الفراغ الذي ستخلفه واشنطن خلفها. وقد أعلنت قطر أنها ماضية في تسليح المسلحين ودعمهم، بغض النظر عما ستقرره الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن جاسم آل ثاني، الأسبوع الماضي، خلال لقاء أجرته معه وكالة «رويترز» في الدوحة: «نرغب في وجود الولايات المتحدة إلى جوارنا، بالتأكيد، لكن إذا غيرت رأسها.. لن نغير نحن موقفنا».
*خدمة {واشنطن بوست}
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.