9 قتلى و25 مفقودًا بحريق في حفل موسيقي بسان فرانسيسكو

9 قتلى و25 مفقودًا بحريق في حفل موسيقي بسان فرانسيسكو
TT

9 قتلى و25 مفقودًا بحريق في حفل موسيقي بسان فرانسيسكو

9 قتلى و25 مفقودًا بحريق في حفل موسيقي بسان فرانسيسكو

أودى حريق اندلع خلال حفل لمجموعة من الفنانين بالقرب من سان فرانسيسكو بحياة 9 أشخاص على الأقل، حسبما أعلنت السلطات التي تخشى أن يبلغ عدد القتلى ما بين 30 و40.
واعتبر خمسة وعشرون شخصًا في عداد المفقودين، فيما كان الوصول إلى المبنى القديم، حيث أجري الحفل، لا يزال متعذرًا بشكل جزئي على عمال الإغاثة.
وقال ممثل الشرطة المحلية، راي كيلي، للصحافيين، إن عدد القتلى قد يرتفع إلى ما بين 30 و40. وأوضح: «لدينا كثير من المفقودين. نحن نحاول أن نجد طريقنا وسط هذه الفوضى».
وأشارت الشرطة إلى أن المفقودين هم في العشرين أو الثلاثين من العمر، لافتة إلى أن بعضهم أجانب.
وتم إنشاء مركز لمساعدة الأسر بهدف جمع المعلومات عن الأشخاص المفقودين وإبلاغ أقاربهم.
وعلى الشبكات الاجتماعية، بما في ذلك الصفحة المخصصة لهذا الحفل على «فيسبوك»، حاول أشخاص البحث عن معلومات حول مصير المشاركين في المهرجان.
وأعلن «فيسبوك» أيضًا أنه قام بتفعيل النظام الذي يتيح لمشتركيه أن يؤكدوا من خلال نقرة واحدة أنهم بخير.
وما زال من الصعب الدخول إلى المبنى. واستخدمت الشرطة طائرات بلا طيار مزودة بأجهزة استشعار حرارية لتحديد الأماكن الخطيرة، التي لا تزال الحرارة فيها مرتفعة.
ونقلت صحيفة «سان جوزيه ميركوري نيوز» عن فرق الإطفاء، قولها إن نحو 70 شخصًا كانوا يشاركون في هذه الحفلة التي كانت فرقة «غولدن دونا» للموسيقى الإلكترونية تحييها في أوكلاند قرب سان فرانسيسكو في كاليفورنيا.
ونشب الحريق نحو الساعة 23:30 من مساء الجمعة بالتوقيت المحلي (07:30 ت. غ)، ولم تتم السيطرة عليه إلا صباح اليوم التالي، ولا يزال رجال الإنقاذ يفتشون عن الضحايا بين الأنقاض، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام عن الإطفائيين.
ونشرت وسائل الإعلام صور ألسنة لهب بارتفاع أمتار عدة تخرج من سقف عمارة وسط دخان كثيف.
وقالت تيريزا ديلواش ريد، رئيسة فرق الإطفاء: «علينا أن نقوم ببحث معمق في المبنى ولا نعرف العدد المحتمل للضحايا الإضافيين».
وأوضح جهاز الإطفاء أن النار أتت على البناء المصنوع من الخشب خلال 3 دقائق.
وقال مسؤولون إن المستودع ربما استخدم سكنًا رغم أنه مخصص مرفقًا للتخزين. وقال دارين رانيلتي، المدير المؤقت لقسم التخطيط والبناء بأوكلاند في مؤتمر صحافي، إن المنشأة كانت مصنفة لتكون بمثابة مستودع ولم يصدر لها تصاريح ليجري استخدامها مكانًا للمعيشة أو الإقامة.
وأوضح أن السلطات لم تصدر أيضًا تصريحًا لإقامة الحفل في هذا المكان، وقال رانيلتي إن تحقيقًا في تقارير أشارت إلى وجود أشخاص يقيمون في المبنى بطريقة غير قانونية تم الشروع فيه الشهر الماضي، إلا أن النتائج لم تكن حاسمة.
ويبلغ عدد سكان مدينة أوكلاند 420 ألف نسمة، وهي تقع على الضفة المقابلة من خليج سان فرانسيسكو، بمواجهة المدينة التي تحمل الاسم نفسه.
والمعروف عن هذه المدينة أنها غير آمنة وتشهد نسبة إجرام مرتفعة، إلا أنها بدأت تجذب مزيدًا من السكان، لأن الإيجارات فيها أقل سعرًا من سان فرانسيسكو.
والحريق الأكثر دموية في الولايات المتحدة الذي ينشب خلال حفل، يعود إلى عام 1903 عندما اشتعل مسرح أروكوا في شيكاغو، مما أدى إلى مقتل 602 شخص.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟