الحكومة المصرية في مأزق جديد أمام البرلمان

جدل حول أداء وزرائها وتذمر شعبي بالشارع

الحكومة المصرية في مأزق جديد أمام البرلمان
TT

الحكومة المصرية في مأزق جديد أمام البرلمان

الحكومة المصرية في مأزق جديد أمام البرلمان

تسابق الحكومة المصرية، التي تلقى غضبا مكتوما في الشارع، الزمن لتحسين صورتها على أصعدة شتي، في مقدمتها مواجهة متوقعة مع البرلمان وصفها - مراقبون - بالأقوى صداما مع مجلس النواب (البرلمان) خلال عرض بيانها رُبع السنوي، بسبب ما سماه المراقبون السخط على أداء بعض وزرائها، وحالة التذمر الشعبي الموجودة في الشارع المصري، نتيجة قرارات تعلقت بزيادة أسعار الوقود والسلع الأساسية والخدمات المعيشية. الحكومة المصرية كان مقررا لها إرسال بيان أدائها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في ضوء الاتفاق الذي تم بينها وبين البرلمان، خلال الموافقة على البيان المالي، الذي ألزم بتقديم بيان رُبع سنوي، أي بعد 3 أشهر من العمل بالموازنة العامة للدولة في يوليو (تموز) الماضي، ويتضمن البيان ما تم إنجازه من البيان المالي والتنمية الاقتصادية من جانب كل الوزارات؛ لكن مصدرا حكوميا وعد بإرسال البيان للبرلمان خلال الأيام المقبلة، معللا تأخر الحكومة في إرساله، بسبب رغبتها في تدقيق كثير من المعلومات والبيانات والأرقام الصادرة من الوزارات المعنية. يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي تتراجع الحكومة في التزاماتها أمام «النواب»، حيث سبق أن أجلت أكثر من مرة عرض برنامجها على مجلس النواب، الذي تم عرضه بعد سلسلة من التأجيلات في مارس (آذار) الماضي، لتجديد الثقة فيها. ويلزم الدستور المصري الحكومة بعرض برنامجها على البرلمان لكي تحصل على ثقته، وفقا للمادة (146)، فإذا لم تحصل على ثقة الأغلبية خلال ثلاثين يوما، يُكلف رئيس الدولة رئيسا آخر لمجلس الوزراء بترشيح من ائتلاف الأغلبية، فإذا لم تحصل على الثقة أيضا يعد المجلس منحلاً.. لكن وقتها حصلت الحكومة على ثقة مجلس النواب، ووعدت بتحقيق ما جاء في بيانها. ويرى مراقبون أن «البيان رُبع السنوي هو أول صدام بين الحكومة والبرلمان، لمعرفة ما تم إنجازه على أرض الواقع».
من جانبها، أكدت مصادر بمجلس النواب أن «الحكومة تواجه مأزقًا جديدًا بسبب حدة هجوم بعض النواب عليها خلال الجلسات العامة الفترة الماضية، الأمر الذي وصل لمطالبة البعض بسحب الثقة منها». المصادر لفتت إلى أنه «سيتم فتح نقاش موسع حول بيان الحكومة وإعداد تقرير بشأنه، من الأعضاء، والملاحظات عليه، وما تم تنفيذه بالفعل وفق الواقع»، مضيفة أن عددا كبيرا من النواب سيطالبون بحضور شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، خلال مناقشة البيان بالجلسة العامة بالمجلس، للرد على أي أسئلة.
ويرى مراقبون أن «البيان سيساعد في تقييم الحكومة بالشكل الصحيح، وبخاصة وسط حالة الجدل على أدائها»، مؤكدين أن البيان في مصلحة الحكومة وفي مصلحة المواطن، حتى يتم معالجة الأخطاء بشكل سريع، إن وجدت. وتواجه الحكومة الحالية انتقادات كثيرة بسبب زيادة ارتفاع الأسعار، وعدم قدرتها على ضبط الأسواق، فضلا عن نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطيبة وكثير من السلع الأساسية. وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الحكومة أكثر من مرة بضرورة ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق والحد من جشع التجار، مُراعاة للمواطن البسيط.
من جهته، قال محمد سليم عضو مجلس النواب، إن «الحكومة فشلت على المستويات كافة، ويجب أن ترحل من المشهد الآن، حيث لا تقوم بدورها في تلبية مطالب المصريين»، مضيفا: «لا شيء يتحقق على أرض الواقع؛ بل الأسعار في ارتفاع كل يوم دون مبرر، فضلا عن غياب الرقابة على الأسواق، ما جعل المواطن المصري يشعر بغياب الحكومة الدائم في كل الأزمات».
وحول إذاعة جلسة بيان الحكومة الرُبع سنوي على الهواء مُباشرة، قالت المصادر نفسها، إنه «لم يحدد حتى الآن وضع البث من عدمه». وكان البرلمان المصري قد قرر عدم إذاعة جلسة برنامج الحكومة في مارس الماضي على الهواء، على غرار باقي جلسات البرلمان (التي لا يتم بثها على الهواء)، وهو القرار الذي أثار ردود فعل متباينة وقتها، على الرغم من مطالبة عدد من النواب ببث البيان على الهواء. ويشار إلى أنه حال عدم بث البيان الرُبع سنوي، يتم تسجيله ليبثه التلفزيون الرسمي في وقت لاحق.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.