البكتيريا المعوية.. هل يمكن أن تسهم في تحسين الصحة؟

نتائج أبحاث أولية تشير إلى دورها في الوقاية من بعض الأمراض الشائعة ومعالجتها

اللبن الزبادي يعزز بكتيريا الأمعاء المفيدة
اللبن الزبادي يعزز بكتيريا الأمعاء المفيدة
TT

البكتيريا المعوية.. هل يمكن أن تسهم في تحسين الصحة؟

اللبن الزبادي يعزز بكتيريا الأمعاء المفيدة
اللبن الزبادي يعزز بكتيريا الأمعاء المفيدة

توحي أبحاث أولية بأن ثمة أنواعا معينة من البكتريا توجد في الأمعاء بإمكانها الوقاية من كثير من الأمراض الشائعة ومعالجتها حال حدوثها.
في كثير من الجوانب، تتسم البكتريا المعوية باتساع وغموض كبيرين على نحو يجعلها أشبه بمجرة درب التبانة، ذلك أن قرابة مائة تريليون منها، بعضها مفيد وبعضها ضار، داخل جهازك الهضمي. وإجمالا، يطلق عليها «مجهريات الأمعاء».
من ناحية أخرى، بدأ العلم يلقي نظرة أكثر تفحصًا على التأثير الذي تتركه هذه المنظومة الهائلة من الكائنات الدقيقة على الحالة الصحية للإنسان، بل وكيف تسهم في تحسينها، بدءا بأمراض القلب، مرورًا بالتهاب المفاصل، وصولاً إلى السرطان. إلا أن تفهم كيفية عمل البكتريا المعوية، وكيفية وإمكانية الاستفادة منها، يمثل مهمة شاقة للغاية.
عن ذلك، قالت الدكتورة إليزابيث هومان، بقسم الأمراض المعدية في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «هذا مجال جديد للطب، ويتطلع كثيرون نحو البكتريا المعوية بوصفها نظاما حيويا إضافيا. وتحمل هذه البكتريا أهمية بالغة لصحة جهازنا الهضمي، لكنها قد تحمل تأثيرات أوسع بكثير على سلامتنا».
عمل البكتيريا المعوية
من بين تريليونات «البكتريا المعوية»، gut bacteria، هناك قرابة ألف نوع مختلف من الكائنات الحية، تمثلها قرابة 5 آلاف سلالة بكتيرية متميزة. واللافت أن البكتريا المعوية تختلف من شخص لآخر، لكن تبقى هناك مجموعات معينة من البكتريا توجد في الأشخاص الأصحاء.
أما العوامل الرئيسة المؤثرة على المزيج البكتيري لديك، فتتمثل في السن، والنظام الغذائي، والبيئة، والجينات، والعقاقير التي تتناولها (خصوصا المضادات الحيوية، التي يمكنها استنزاف البكتريا المعوية). والملاحظ أن البكتريا المعوية تضطلع بكثير من الأدوار، ذلك أنها تؤيض العناصر الغذائية من الطعام وعقاقير بعينها (أي تقوم بعملية التمثيل الغذائي لها)، وتعمل كجدار حماية في مواجهة الأمراض المعوية، وتفرز فيتامين «كيه K»، مما يسهم في صنع بروتينات البلازما.
إلا أن بمقدور البكتريا المعوية فعل ما هو أكبر بكثير من ذلك. ورغم أن غالبية الأبحاث في هذا الصدد لا تزال في مراحلها الأولية على الحيوانات، فإن النتائج الأولى توحي بأن البكتريا المعوية تلعب دورًا محوريًا في الوقاية من بعض الأمراض أو علاجها.
ونظرًا للتعقيد الذي تتسم به البكتريا المعوية، فإن من الصعب تحديد بكتريا بعينها بوصفها الأكثر نفعًا.
وفي هذا الصدد، أوضحت الدكتورة هومان: «سيكون من الرائع إذا نجحنا في تحديد 10 أنواع من البكتريا بوصفها أكثر أنواع البكتريا التي نحتاج إليها، لكن الأمر لا يسير على هذا النحو، فليس ثمة وسيلة سحرية للتوصل إلى هذا الأمر. وقد تكون هناك ديناميكية جماعية للبكتريا تلعب دورًا محوريًا هنا، إضافة إلى توافر أكثر من مزيج جيد من مجموعات مختلفة منها».
أحدث النتائج العلمية
> التهاب المفاصل الروماتويدي، Rheumatoid arthritis: توحي نتائج دراستين أجرتهما «مايو كلينيك» بأن البكتريا المعوية قد يكون بمقدورها التنبؤ بإمكانية التعرض لالتهاب المفاصل الروماتويدي، إضافة إلى طرح علاج ممكن لهذه الحالة المرضية. وتفحصت دراسة نشرتها دورية «جينوم ميديسين» عبر الإنترنت بتاريخ 21 أبريل (نيسان) 2016 الواصمات (المؤشرات) البيولوجية، biomarker، للمرض. وفي إطار الدراسة، تمكن الباحثون من عزل بكتريا بعينها توجد بمعدلات مرتفعة داخل مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي، لكن معدلات وجودها تكون منخفضة داخل الأفراد الأصحاء.
أما الدراسة الأخرى، فنشرتها دورية «أرثرياتيس آند روماتولوجي» في 23 يونيو (حزيران) 2016، وتوصلت إلى أن الفئران التي جرى علاجها باستخدام بكتريا «بريفوتيلا هيستيكولا»، Prevotella histicola، تعرضت لأعراض أقل حدة وتكرارًا والتهابات أقل في ما يتعلق بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
> السرطان: عرضت دراسة نشرها موقع «بلوس وان» بتاريخ 13 أبريل 2016، بعض الدلائل التي توحي بأن سلالة معينة من بكتريا «العصية اللبنية»، Lactobacillus johnsoni، قد تقي من بعض أنواع السرطان. وقد تسبب العلماء عمدًا في صنع تحور داخل الفئران مرتبط بمعدلات إصابة مرتفعة باللوكيميا واللمفوما وأنواع أخرى من السرطان. ولكن، ولدى علاجها بالبكتريا، ظهر السرطان لدى الفئران بشكل أقل سرعة بلغت نصف سرعة ظهوره لدى المجموعة الأخرى التي لم يتم علاجها.
أمراض القلب
> أمراض القلب: توصلت دراسة نشرتها دورية «أبلايد مايكروبيولوجي» في عدد فبراير (شباط) 2016، إلى أن سلالة البكتريا المعروفة باسم،
Akkermansia muciniphila، قد تسهم في الوقاية من الالتهابات التي تسهم في تراكم صفائح دهنية داخل الشرايين. ويعتقد العلماء أن هذه التأثيرات تعود إلى بروتين لديه القدرة على إعاقة الاتصال بين الخلايا داخل البطانة الداخلية للأمعاء. وعليه، فإن عددًا أقل من السموم يمر إلى داخل مجرى الدم، الأمر الذي يسهم بدوره في تقليص الالتهاب.
> الجهاز المناعي: في إطار دراسة نشرها الإصدار الإلكتروني من دورية «ساينس» في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، توصل باحثون من جامعة شيكاغو إلى أن الدفع بسلالة معينة من البكتريا في القنوات الهضمية للفئران المصابة بالورم القتامي، melanoma، نجح في تحفيز أجهزة المناعة لديها نحو مهاجمة خلايا الورم. وجاءت النتائج مقاربة لما تحققه عقاقير علاج السرطان التي تدعى «مثبطات نقاط التفتيش»، checkpoint inhibitors.
زرع الغائط
هل هناك من سبيل جديد للتصدي للأمراض المعوية؟ نعم، زرع غائط مثلا. وبإمكان هذه العملية معاونتك على مكافحة نمط متكرر من العدوى في الأمعاء. وتتضمن عملية زرع الغائط إقحام غائط من متبرع بصحة جيدة داخل القناة الهضمية لشخص آخر لعلاجه من التهاب متكرر بالقولون جراء الإصابة بعدوى «المطثية العسيرة»، Clostridium difficile، التي تسبب التهابات في القولون وتسبب الإسهال والحمى والتقلصات. وعادة ما يتلقى الأفراد المصابون بـ«المطثية العسيرة» مضادات حيوية في البداية. إلا أنه فيما يتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة من الحالات، تعاود العدوى الظهور في غضون أيام أو أسابيع من انتهاء العلاج.
وأوضحت الدكتورة هومان أنه «كلما زادت معدلات تعرض شخص ما لبكتريا (المطثية العسيرة)، زادت احتمالات تعرضه لمزيد من الانتكاسات». وهنا، يبدأ التفكير في زراعة الغائط، التي يتمثل هدفها في إمداد الجسم بالبكتريا المفيدة التي قضت عليها البكتريا الجائحة. وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة هومان: «عندما تغيب البكتريا الطبيعية المفيدة، تزداد سهولة استمرار العدوى داخل الجسم». ورغم أن الغائط ليس من الأشياء التي عادة ما يعدها الناس «صحية»، فإنه يحوي بالفعل مجموعة متنوعة من البكتريا والفيروسات والفطريات وكائنات دقيقة أخرى مفيدة.

* صحة الأمعاء.. بتعزيز البكتيريا المفيدة

* الآن، ما الذي يعنيه كل هذا؟ هل ينبغي أن تشعر بالقلق حيال البكتريا المعوية؟ من جانبها، أكدت الدكتورة هومان أنه «لا تزال مسألة وجود بكتريا معوية صحية، أمرًا مهمًا لصحتك. ويعد أي شيء قادرا على تعزيز البكتريا المفيدة وإبقائها في حالة من الوفرة، مفيدًا للصحة العامة للإنسان، فعندما تكون أمعاؤك بخير، ستكون أنت أيضًا بخير».
وفيما يلي بعض النصائح بخصوص كيفية تحقيق ذلك:
* تجنب الإفراط في تناول المضادات الحيوية: من الممكن أن يتسبب الإفراط في تناول المضادات الحيوية في استنزاف البكتريا المعوية النافعة. وعن ذلك، قالت الدكتورة هومان: «بوجه عام، يعد الأفراد الأكبر سنًا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والتعرض لمشكلات صحية أكثر، وبالتالي أكثر احتمالاً لتناول مضادات حيوية. ورغم أن هذه المضادات مهمة بالفعل في إنقاذ حياة المرضى، لكن ينبغي تناولها بحذر».
وعليه؛ ينبغي ألا تسارع لطلب المضادات الحيوية من أجل أمراض فيروسية، مثل البرد العادي، حسبما أضافت الدكتورة هومان. وإذا ما وصف لك الطبيب مضادًا حيويًا، فينبغي أن تسأله عما إذا كانت الحاجة إليه ملحة، وما إذا كانت هناك أنماط بديلة للعلاج.
* تناول مزيد من الأطعمة المخمرة: تعد البكتريا كائنات حية بحاجة لتناول الطعام. وفي هذا الصدد، شرحت الدكتورة هومان أن «النظام الغذائي الصحي والمتنوع والمتوازن والغني بالألياف مع وجود مواد كربوهيدراتية مركبة، مفيد للبكتريا التي تعيش داخل الأمعاء، ويعزز وجود نظام بيئي متنوع».
ومن بين الخيارات الغذائية الأخرى الجيدة، الأطعمة المخمرة بصورة طبيعية، والتي تحوي معينات حيوية (بكتريا حية)، مثل الكرنب المخلل والمخللات وأنماط معينة من الزبادي.
وتمثل مكملات المعينات الحيوية (البروبايوتيك)، Probiotic supplements، خيارًا آخر، بجانب أنها علاج لكثير من المشكلات الهضمية الشائعة، مثل «متلازمة القولون المتهيج»، وداء الأمعاء الالتهابي، والإسهال. ومع هذا، لا يزال العلم عاجزًا عن فكك الطلاسم المحيطة بمجمل فاعلية هذه المكملات.
وأردفت هومان أن «البعض يقولون إنهم يشعرون بتحسن بعد تناول معينات حيوية، وهو أمر رائع، لكنها قد تكون مرتفعة التكلفة. علاوة على ذلك، يختفي كثير من المعينات الحيوية من الأمعاء بمجرد توقفك عن تناولها بانتظام». وأضافت أن الأفراد الذين يعانون من تراجع في أداء جهاز المناعة لديهم بسبب معاناتهم من السرطان في مرحلة متأخرة أو تلقيهم علاجًا كيميائيًا، ينبغي ألا يتناولوا المعينات الحيوية.

* «رسالة هارفارد - مراقبة صحة المرأة».. خدمات «تريبيون ميديا»



آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
TT

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي» الذي يقام تحت رعاية أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، تحت عنوان «جودة العلاج القائم على البحث العلمي والابتكار»، الذي تنظمه كل من جامعة المستقبل وجامعة الملك عبد العزيز، وتستمر فعالياته خلال يومي السبت والأحد في مركز الملك خالد الحضاري ببريدة.

أهداف المؤتمر

ضمن لقاءات حصرية لملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور محمد صالح الشتيوي رئيس جامعة المستقبل رئيس المؤتمر - أن المؤتمر العالمي السادس للجودة والطب النبوي القائم على الأدلة يحمل شعار «آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي لتحسين حلول الرعاية الصحية وجودة الحياة ومستقبل صناعة الأدوية»، وأنه يوفر منصة مبتكرة وشاملة لعرض أحدث الأبحاث والتطورات المتعلقة بمفاهيم العلاج والوقاية والتشخيص والتعامل مع مختلف الأمراض، باعتبارها نهجاً شاملاً لتحسين جودة الحياة.

شعار المؤتمر

وعن أهداف المؤتمر، صرحت لـ«صحتك» الأستاذة الدكتورة سعاد خليل الجاعوني نائبة رئيس المؤتمر - رئيسة اللجنة العلمية - مديرة الكرسي العلمي لتطبيقات الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، بأن المؤتمر «السادس» يهدف إلى تقديم رؤية شاملة للأبحاث العلمية المبتكرة وبراءات الاختراع، وتطبيقاتها، وتأثيرها على رفع مستوى الصحة وتحسين جودة الحياة، بالإضافة إلى الاستفادة من هذه الأبحاث في دعم صناعة الأدوية لتحقيق اقتصاد حيوي ومستدام.

وأضافت أن هذا المؤتمر يُعد من أهم المؤتمرات البحثية، حيث يستضيف أكثر من 52 طبيباً وباحثاً وعالماً متميزاً من 34 جامعة محلية ودولية. كما يمثل فرصة كبيرة ومرجعاً قيماً للباحثين وطلاب الدراسات العليا للاستفادة من خبرات هؤلاء العلماء. وسيتم عرض أكثر من 200 ورقة بحثية منشورة في مجلات علمية معتمدة و13 براءة اختراع. وسيغطي البرنامج مواضيع متعددة لتحسين جودة الحياة.

وصرح الدكتور سليم بن صالح السليم، مساعد رئيس الجامعة للبحث العلمي وخدمة المجتمع، جامعة المستقبل - رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر - بأن المؤتمر يعمل على رفع الوعي الصحي من خلال الأبحاث العلمية في مختلف المجالات والتخصصات الطبية، ويهتم بتعزيز استراتيجيات تطوير ثقافة البحث الابتكاري باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك توزيع جوائز لأفضل الباحثين. وسيتم مناقشة الرؤية المستقبلية للاستفادة من الأبحاث المبتكرة وبراءات الاختراع لاكتشاف الأدوية، وصولاً إلى اقتصاد حيوي مستدام، تماشياً مع أهداف رؤية المملكة 2030 في مجال البحث العلمي.

أبرز الدراسات والابتكارات العلمية

* اكتشاف تراكيب جديدة مشتقة من الإبل. يستعرض، في المؤتمر، البروفسور أ.د. شاكر موسى، أستاذ علم الصيدلة ومؤسس شركة نانو فارماسيوتيكالز في نيويورك، خبرته في تطوير جزيئات نانوية من منتجات طبيعية مثل الشيتوزان المشتق من الفطر والمحار، وحليب الإبل، ولاكتوفيرين لتطوير أدوية فعالة، بما في ذلك منتجات مثل تمر العجوة، والمسك، والحبة السوداء.

كما يستعرض تطوير أدوية مبتكرة مستوحاة من مكونات الإبل لعلاج الأمراض المزمنة، كتطوير هيبارين منخفض الوزن الجزيئي وغير مضاد للتخثر لعلاج فقر الدم المنجلي، والذي أثبت فعالية أعلى من العلاجات التقليدية بفضل آليات عمله المتعددة. يعمل هذا الدواء كمضاد للمنجلية ومضاد للتخثر، مما يساهم في منع أو حل أزمات الخلايا المنجلية بشكل سريع.

كما أظهر دمج الجزيئات متناهية الصغر من الهيبارين ولاكتوفيرين الموجود في حليب الإبل توافراً حيوياً عالياً عند الاستخدام الفموي، مما يعزز فاعليته في علاج الخلايا المنجلية والسرطان والأمراض الالتهابية والمعدية.

* الذكورة والأنوثة بين التصحيح والتغيير. يقدم البروفسور أ.د. ياسر صالح جمال، استشاري وأستاذ الجراحة العامة وجراحة الأطفال جامعة الملك عبد العزيز - في المؤتمر استعراضاً للفروق بين تصحيح الجنس وتغيير الجنس، مع تقديم تعريف دقيق لكل منهما وتسليط الضوء على الآثار المترتبة عليهما. كما سيوضح الرؤية الإسلامية تجاه كلا المفهومين، مدعومة بالأدلة المستمدة من النصوص الشرعية والمبادئ الإسلامية، مع تسليط الضوء على الموقف الشرعي لهذه القضايا الدقيقة، وتوفير تحليل شامل للأسباب التي تبرر الرؤية الإسلامية وتدعمها.

* الطب النبوي والطب التجديدي: رؤية جديدة في العلاج. تستعرض البروفسورة أ.د. صباح صالح مشرف، استشارية وأستاذة الجراحة التجميلية وباحثة في الكرسي العلمي للتطبيقات العلاجية في الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز، خلاصة خبرتها السريرية الممتدة لأكثر من 14 عاماً في علاج التهاب المفاصل المزمن باستخدام الحقن داخل المفصل لميكروغرافت الدهون الذاتية التي تحتوي على الخلايا الجذعية، التي أثبتت فعاليتها كعلاج تجديدي يساهم في تحسين الحالات المزمنة وإصلاح الأنسجة التالفة، مع تعزيز قدرات الجسم الطبيعية في الشفاء وتجديد الأنسجة، وبأقل تدخل جراحي ممكن.

الطب النبوي يبرز كونه مصدر إلهام لهذه الأساليب، حيث يشير إلى وجود خلايا جذعية في الأنسجة الدهنية، مثل شحم ذيل الأغنام الذي استخدم لعلاج عرق النسا. كما يُذكر وجود هذه الخلايا في حليب الأم، إضافة إلى تسليط النصوص النبوية الضوء على الإعجاز في خلق الإنسان من عظمة العصعص (العجز).

تقدم هذه التجربة نموذجاً عملياً يدمج بين التراث النبوي والطب الحديث، مما يفتح آفاقاً جديدة للعلاج ويعزز من فهمنا للعلاقة بين العلوم الحديثة والممارسات النبوية التقليدية.

قيمة التمور ومياه زمزم الطبية

* التمر: كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة. تقدم البروفسورة أ.د. سعاد خليل الجاعوني، أستاذة أمراض الدم والأورام وأمراض دم الأطفال بكلية الطب، ومديرة الكرسي العلمي لتطبيقات الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز، تحليلاً شاملاً للبيانات المتعلقة بالقيمة الغذائية والطبية للتمور وبذورها.

تحتوي التمور على مجموعة واسعة من المغذيات الهامة مثل الفيتامينات، والأحماض الأمينية، والألياف، والمعادن، مما يمنحها خصائص دوائية واعدة. تشمل هذه الخصائص مضادات الأكسدة، ومضادات الالتهاب، ومضادات السكري، وخصائص مضادة للميكروبات والسرطان، بالإضافة إلى دورها في حماية الكبد، والكلى، والجهاز العصبي.

تشير نتائج الدراسات إلى أن نخيل التمر يُعد حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة. كما أن القيمة الغذائية والخصائص الدوائية للتمور تدعم تطوير أغذية وظيفية ومكملات غذائية تعزز الصحة العامة. علاوة على ذلك، يمكن أن تُستخدم مستخلصات التمور كمكونات طبيعية بديلة للأدوية الصناعية، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج العديد من الأمراض بطرق آمنة وفعالة.

* حقائق طبية وعلمية عن ماء زمزم مبنية على الأدلة. سيقدم البروفسور أ.د. حامد متولي قسم الأحياء، كلية العلوم التطبيقية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة - في المؤتمر خريطة علمية متكاملة لمعرفة أثر ماء زمزم الوقائي والعلاجي في الإنسان والحيوان والنبات. حيث أثبتت التجارب المختبرية الأولية أن المستخلصات الطبيعية المنتجة باستخدام ماء زمزم كمذيب للمواد الفعالة قد أعطت مؤشرات ونتائج واعدة لفاعلية هذه المستخلصات الطبيعية وزيادة في قدرتها العلاجية. يتوقع فريق الدراسة إضافة مساهمة كبيرة للمجتمع البحثي في مجال المستخلصات الدوائية من منتجات طبيعية باستخدام ماء زمزم والمتفردة فيه المملكة العربية السعودية، مما يزيد من فرص الاستثمارات في هذا المجال لإنتاج مركبات دوائية عالية الكفاءة العلاجية.

* دور العلاج بالحجامة الرطبة في إزالة السموم من المعادن الثقيلة. ستقدم الدكتورة زهرة خليفة، استشارية طب الأسرة، دكتوراه في البيئة والتنمية المستدامة - مملكة البحرين - في المؤتمر عرضاً عن تأثير المعادن الثقيلة على صحة الإنسان، مع تقييم الأدلة المتوفرة حول فعالية العلاج بالحجامة الرطبة كاستراتيجية محتملة لإزالة السموم، حيث تعتمد أساليب إزالة السموم التقليدية بشكل رئيسي على التدخلات الغذائية والطبية.

إن التلوث بالمعادن الثقيلة الناتج عن التلوث البيئي يشكل تهديداً كبيراً لصحة الإنسان. تتراكم المعادن الثقيلة مثل الرصاص، والكادميوم، والزئبق، والزرنيخ في الجسم عبر الجهاز التنفسي، أو الطعام، أو التعرض المباشر. ومع مرور الوقت، يمكن أن تؤدي هذه العناصر السامة إلى مشكلات صحية خطيرة، بما في ذلك اضطرابات الجهاز العصبي، والكلى، والنمو.

* دور العلاج بالحجامة الرطبة في تخفيف الألم. سيقدم الدكتور محمد سعد المحياوي، أستاذ مشارك واستشاري علم الالتهابات والمناعة، بكلية الطب، جامعة الملك عبد العزيز - في المؤتمر دراسة محكمة لتقييم فوائد الحجامة الرطبة على تخفيف الألم وتحسين جودة الحياة. خلصت الدراسة إلى أن الحجامة الرطبة يمكن اعتبارها علاجاً تكاملياً وفعّالاً لتخفيف الألم وتحسين حياة المرضى، ما يعزز من دورها بوصفها خياراً طبياً شاملاً للمرضى الذين يعانون من الألم المزمن.

تطوير جزيئات نانوية من منتجات طبيعية مثل الشيتوزان المشتق من الفطر والمحار وحليب الإبل

قوة الصمغ العربي

* القوة الطبيعية للصمغ العربي: تعزيز الصحة وطول العمر. تستعرض البروفسورة أ.د. أميمة صابر، خبيرة أمراض الجهاز الهضمي والكبد للأطفال بجامعة الخرطوم، أهمية الصمغ العربي كبريبايوتك طبيعي لتعزيز الصحة وطول العمر. ويُعد الصمغ العربي البريبايوتك الطبيعي الوحيد المعروف، وقد اعترفت بسلامته إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA).

تشمل فوائده الصحية تقليل مخاطر أمراض القلب، وتعزيز صحة الجهاز الهضمي، وإدارة الوزن، وعلاج أمراض الكلى المزمنة، والسكري، والحساسية الغذائية، والعدوى. يعزز الصمغ العربي صحة الأمعاء ويحسن المناعة، مما يجعله غذاءً وظيفياً أساسياً.

تعتمد التوصيات على أبحاث حول تكوين الصمغ العربي، توزيعه، ودوره في مواجهة أمراض نمط الحياة الناتجة عن التلوث البيئي والجيني. استخدمه سكان أفريقيا الأصليون لعقود لتحسين الصحة وإطالة العمر، مما يبرز قيمته بوصفه علاجاً طبيعياً مبتكراً.

* تأثير الثيموكينون على تكوين الأسنان. تقدم الدكتورة هنادي عبد الله الوافي استشارية أسنان الأطفال بكلية البترجي الطبية بجدة - في المؤتمر نتائج الدراسة التي تثبت تأثير الثيموكينون (TQ)، المكون النشط في الحبة السوداء (Nigella sativa)، على تكوين الأسنان (Odontogenesis) في خلايا لب الأسنان البشرية الطبيعية. وتهدف الدراسة إلى تقييم تأثير الثيموكينون على كفاءة ارتباط الخلايا، ومعدل تكاثرها، وتكوين الأسنان من خلال قياس نشاط إنزيم الفوسفاتيز القلوي (ALP) ومستوى تعبير بروتين السيالوبروتين الخاص بالعاج (DSP).

* تأثير زيت الحبة السوداء على أعراض «كوفيد - 19» الخفيفة. سيقدم الدكتور عبد الرحمن عماد كوشك، أستاذ مشارك في العقاقير والطب النباتي قسم المنتجات الطبيعية والطب البديل كلية الصيدلة، جامعة الملك عبد العزيز بجدة - في المؤتمر دراسة أجريت في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز، استهدفت تقييم فعالية زيت الحبة السوداء في تسريع التعافي من «كوفيد - 19» الخفيف. أظهرت النتائج أن نسبة التعافي في المجموعة العلاجية بلغت 70 في المائة، مقارنة بـ45 في المائة في المجموعة الضابطة، مع وقت تعافٍ أقصر (9.9 يوم مقابل 11.6 يوم). احتاج 3 مرضى من المجموعة الضابطة إلى دخول المستشفى مقارنة بمريض واحد في المجموعة العلاجية. خلصت الدراسة إلى أن زيت الحبة السوداء يعزز التعافي ويقلل احتمالية دخول المستشفى، مما يدعم إمكانيته كونه علاجاً داعماً فعالاً لـ«كوفيد - 19» الخفيف.

وهكذا، فإن المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي يُعد منصة استثنائية تجمع بين الأصالة والابتكار، حيث تسلط الضوء على حلول علمية مبتكرة لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الأمراض ودعم التنمية المستدامة.

* استشاري طب المجتمع.