قيادات الميليشيات تتهاوى في تعز

المجلس العسكري في المحافظة يؤكد إصابة أبو علي الحاكم بغارة جوية

مقاتل من الجيش اليمني يعاين منزلاً فجره انقلابيو اليمن في تعز (رويترز)
مقاتل من الجيش اليمني يعاين منزلاً فجره انقلابيو اليمن في تعز (رويترز)
TT

قيادات الميليشيات تتهاوى في تعز

مقاتل من الجيش اليمني يعاين منزلاً فجره انقلابيو اليمن في تعز (رويترز)
مقاتل من الجيش اليمني يعاين منزلاً فجره انقلابيو اليمن في تعز (رويترز)

قال المتحدث الرسمي للمجلس العسكري بمحافظة تعز، العقيد الركن منصور الحساني، إن «القيادي الميداني لميليشيات الحوثي أبو علي الحاكم، أصيب بغارة شنتها قوات التحالف العربي حين كان في اجتماع له بمسلحين حوثيين مطلع الأسبوع الحالي».
وأضاف في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «مصادر طبية موثوقة تؤكد أن أبو علي الحاكم والمدرج في قرارات عقوبات مجلس الأمن كمجرم حرب، يرقد الآن في مستشفى الثورة بمدينة إب ويخضع لإجراء عمليات استخراج شظايا متعددة من الرأس والصدر والساقين، وذلك بعد إصابته في قصف طائرات التحالف بداية هذا الأسبوع على أحد اجتماعاتهم خارج مدينة تعز».
وذكر أنه «تم التأكد من هذه المعلومات بسبب مشاهدة الرجل الثالث في جماعة الحوثي عبد الخالق بدر الدين الحوثي في منطقة الحوبان بتعز، فجر اليوم، ضمن تعزيزات بشرية قادمة من اتجاه محافظة إب».
وتحدث أن «هناك مصادر في صنعاء تؤكد وجود رواية تكليف عبد الخالق بالقيام بمهام أبو علي الحاكم للإشراف على العمليات القتالية الانتقامية من أبناء محافظة تعز، حيث تؤكد هذه المصادر نفسها أن ما حدث لأبو علي الحاكم هو نتيجة لتصفيات بين قيادات في الجماعة بسبب التفرد بالسلطة ومخازن السلاح».
ويُعد عبد الله يحيى الحاكم، المكنى بأبو علي الحاكم، القائد الميداني والعسكري الأول لميليشيات الحوثي في اليمن، والرجل الثاني ميدانيًا بعد زعيم ميليشيات الحوثي عبد الملك بدر الدين الحوثي. وعين من قبل الحوثيين عضوًا في اللجنة الأمنية العليا التي شكلتها بعد الانقلاب على الشرعية في صنعاء.
في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، قاد أبو علي الحاكم حصارًا على منطقة دماج، وقتل وشرد الكثير من الأسر، وهو متورط أيضًا في تفجير مساجد.
في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 فرض مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، عقوبات عليه إلى جانبه صالح وعبد الخالق الحوثي (أخ شقيق لعبد الملك)، لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار في اليمن.
وشملت العقوبات وضعه في قائمة المنع من السفر إضافة إلى تجميد أصولهم، وقامت الولايات المتحدة بإجراءات مماثلة، وتهدف العقوبات الأميركية لمنع الشركات الأميركية من التعامل معهم، وتجميد أصولهم المالية إن وجدت في الولايات المتحدة، وقالت وزارة المالية الأميركية إنها وضعت اسمه وأسماء آخرين في اللائحة السوداء لأنهم «انخرطوا في أعمال تهدد بشكل مباشر أو غير مباشر السلام والأمن والاستقرار في اليمن»، إضافة إلى استخدامه «العنف الذي من شأنه تقويض العملية السياسية وعرقلة تنفيذ عملية الانتقال السياسي في اليمن».
وخلال الحرب الأولى التي شنها الجيش اليمني في عام 2004 على جماعة الحوثي المسلحة آنذاك، تم اعتقاله من قبل الجيش إبان حكم صالح، الذي يعُد حليفهم الآن، وفر بحسب تقارير إعلامية ذكرت من السجن المركزي متنكرًا بزي نسائي، وبالتواطؤ من عدد من حراسات السجن الذين ساعدوه على الهروب.
وقاد أبو الحاكم معارك ميليشيات الحوثي مع الجيش اليمني في محافظة عمران في 2014، التي وقعت بأيدي الميليشيات الحوثية بعد انسحاب الجيش اليمني، وسقوط المحافظة ومركزها مدينة عمران في أيديهم.
وبحسب مقربين له، فقد بدأ حياته في أسرة يمنية بسيطة كانت تسكن مدينة ضحيان في مديرية مجز، شمال محافظة صعدة معقل ميليشيات الحوثي، وتلقى الدروس في حلقات دينية على أيدي علماء المذهب الزيدي في مسقط رأسه، والتحق بالحوثيين عندما تأسست منتديات الشباب المؤمن على يد حسين بدر الدين الحوثي.
وبعد تمرد الحوثيين على الحكومة اليمنية إبان الحرب الأولى في 2004، كان يشارك الحوثيين في مواجهاتهم مع الجيش اليمني، ومن ثم تولى عملية تهريب السلاح من صعدة إلى مران.
ويعد أبو الحاكم هو مهندس الاعتقالات، وهو من يوجه الميليشيات الانقلابية إلى اقتحام منازل معارضي الانقلاب، إضافة إلى اختطاف خصومهم، ونهب ممتلكاتهم، وإثارة الرعب لدى عوائلهم، علاوة على تفجير المنازل.
وحديثًا، استنجد القيادي علي أبو الحاكم، بالقبائل ومشايخ تعز الموالين لصالح، لإرسال مقاتلين إلى صفوف الميليشيات التي تخوض حربًا ضد سكان تعز، طالبًا منهم الدفع بمقاتلين إلى محافظة تعز للمشاركة في استعادة المواقع التي تم دحرهم فيها، وتعويض خسائرهم البشرية والمادية التي منيوا بها.
ومنذ شن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية حربها في محافظة تعز، سقط الكثير من القتلى والجرحى من الميليشيات الحوثية والموالين لهم من ضباب الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع صالح، جراء المواجهات مع الجيش اليمني وغارات التحالف العربي التي تقودها السعودية.
ومن ضمن القيادات البارزة التي قتلت من صفوف ميليشيات الحوثي وصالح في تعز، القيادي المدعو «أبو تراب» الذي قتل في معارك نجد القسيم، والقيادي أشرف الشرفي، الذي قاد محاولة استعادة جبل الهان في غرب المدينة، وقتل هو المرافقين له، والقيادي يحيى خليفة، في معارك مديرية الصلو الريفية، جنوب المدينة، والقيادي البارز في الجبهة الغربية، أبو ماجد، الذي ينحدر من منطقة مران بمحافظة صعدة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتواصل المواجهات في مختلف جبهات تعز، وتصدي قوات الجيش اليمني لمحاولات تقدم الميليشيات إلى مواقعها.
وشنت الميليشيات قصفها على مواقع الجيش اليمني في الجبهات الشمالية والغربية والجنوبية، في الوقت الذي تجددت المواجهات في هيجة الشرج بمديرية الصلو الريفية، جنوب المدينة، ومواجهات أخرى في الشمايتين، اثر هجوم شنته الميلشيات على مواقع الجيش اليمني في جبهة راسن، جنوب المدينة.
وشهدت مدينة تعز، أمس، فعالية خطابية وفنية بالذكرى الـ49 بعيد الاستقلال الوطني الذي يصادف الـ30 من نوفمبر 1967، خروج آخر جندي بريطاني مستعمر من مدينة عدن بعد اندلاع ثورة شعبية مسلحة، حيث ألقيت فيها عدد من الكلمات الخطابية التي ألقتها السلطة المحلية في محافظة تعز والقوى السياسية والحزبية والجيش اليمني في تعز.
وبحضور قيادات من الجيش اليمني والسلطة المحلية والأحزاب السياسية، أكد الحاضرون أن المقاومة الشعبية للميليشيات الانقلابية هي امتداد لثورتي سبتمبر (أيلول) وأكتوبر التي قامت ضد الحكم الإمامي شمال اليمن والاستعمار البريطاني جنوب اليمن، التي تكللت بالاستقلال.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.