أوباما يوسع نطاق الحرب ضد «القاعدة» لتشمل جماعة «الشباب» الصومالية

لتعزيز الأساس القانوني لتكثيف حملة الضربات الجوية ضد المتطرفين

صوماليون يعاينون مكان الدمار الذي سببه  تفجير سيارة مفخخة بالعاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت الماضي وخلف عشرات القتلى والجرحى (أ.ب)
صوماليون يعاينون مكان الدمار الذي سببه تفجير سيارة مفخخة بالعاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت الماضي وخلف عشرات القتلى والجرحى (أ.ب)
TT

أوباما يوسع نطاق الحرب ضد «القاعدة» لتشمل جماعة «الشباب» الصومالية

صوماليون يعاينون مكان الدمار الذي سببه  تفجير سيارة مفخخة بالعاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت الماضي وخلف عشرات القتلى والجرحى (أ.ب)
صوماليون يعاينون مكان الدمار الذي سببه تفجير سيارة مفخخة بالعاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت الماضي وخلف عشرات القتلى والجرحى (أ.ب)

دفعت المشاركة العسكرية الأميركية المتزايدة في الصومال إدارة أوباما لتوسيع النطاق القانوني للحرب ضد تنظيم «القاعدة»، في خطوة من شأنها تعزيز سلطة الرئيس المنتخب دونالد ترامب في ما يتعلق بمحاربة آلاف المقاتلين داخل هذه البلاد الواقعة بالقرن الأفريقي التي تعصف بها حالة من الفوضى.
وكانت الإدارة الأميركية قد اتخذت قرارًا باعتبار جماعة «الشباب» المسلحة في الصومال جزءًا من الصراع المسلح الذي صرح الكونغرس بشنه ضد مدبري هجمات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» الإرهابية، تبعًا لما أفاد به مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى. وترمي هذه الخطوة لتعزيز الأساس القانوني لتكثيف حملة الضربات الجوية بـ«الدرون» والعمليات الأخرى المعنية بمحاربة الإرهاب التي يجري تنفيذها في معظمها بدعم من الاتحاد الأفريقي وقوات صومالية حكومية.
من ناحية أخرى، أثار قرار الإدارة بتوسيع نطاق التصريح بالحرب الصادر عام 2001 ضد تنظيم «القاعدة» الأصلي، ليغطي جماعات متطرفة أخرى بدول تقع بعيدًا عن أفغانستان، اعتراضات من جانب بعض الخبراء المعنيين بالقانون والسياسات الخارجية.
ومن المنتظر الكشف علانية عن القرار المتعلق بجماعة «الشباب»، الشهر المقبل، في خطاب موجه إلى الكونغرس يضم قائمة بالقوات الأميركية المنتشرة بالخارج. ويأتي القرار الأخير في إطار جهود إدارة أوباما للتخفيف من صرامة كثير من القيود المفروضة ذاتيًا فيما يخص الضربات الجوية ضد مسلحين، في خضم محاولاتها معاونة قوات دول أخرى شريكة في إطار صراعات عدة.
في يونيو (حزيران) الماضي، عمدت الإدارة في هدوء إلى توسيع نطاق سلطة المؤسسة العسكرية في تنفيذ ضربات جوية بأفغانستان بحيث تضم العمليات الرامية إلى تحقيق تأثيرات استراتيجية، بمعنى استهداف أفراد يعوقون عمل القوات الحكومية الأفغانية، حسبما أفاد مسؤولون.
يذكر أنه فيما مضى كان يسمح بتنفيذ عمليات لمحاربة الإرهاب تستهدف أفرادا يتبعون «القاعدة» أو تنظيم «داعش»، أو من أجل «الحيلولة دون وقوع هزيمة استراتيجية» للقوات الأفغانية.
في وقت لاحق من الصيف، عدّت الإدارة الأميركية مدينة سرت الليبية «منطقة قتال نشط»، بعدما طلب رئيس الوزراء الليبي المساعدة في تخليص المدينة من مسلحي «داعش». وجاءت الخطوة لتعفي المنطقة من القواعد التي أقرت عام 2013 وتقيد الضربات التي تستخدم فيها طائرات من دون طيار، التي كان الرئيس أوباما قد أعلنها خلال خطاب مهم ذلك العام سعى من خلاله لقلب صفحة في إطار الحرب الدائرة منذ أمد طويل ضد «القاعدة». بحلول الأسبوع الماضي، بلغ عدد الضربات الجوية التي نفذها البنتاغون ضد مسلحين في سرت منذ أغسطس (آب) الماضي 420 ضربة.
وفي الصومال، لا تزال القواعد التي أقرت عام 2013 التي تقيد الضربات الجوية بعيدًا عن «منطقة القتال النشط» سارية حتى الآن. إلا أنه على الصعيد العملي، يجري تخفيف القيود هناك من زاوية أخرى؛ فعلى مدار العام الماضي، لجأت المؤسسة العسكرية باستمرار إلى تفعيل استثناء وارد في هذه القواعد يتعلق بالضربات الجوية التي يجري شنها في إطار «الدفاع عن النفس»، الأمر الذي قد يتضمن توجيه ضربات لمعاونة شركاء أجانب حتى في وقت لا يواجه فيه الأميركيون تهديدًا مباشرًا.
يذكر أن جماعة «الشباب» ظهرت بوصفها جماعة متمردة عام 2007، عندما غزت إثيوبيا، بدعم أميركي، الصومال للإطاحة بمجلس متطرف سيطر على كثير من أرجاء البلاد التي عانت طويلاً من الفوضى، لفترة وجيزة.
وفي بيان لها، شددت ليزا موناكو، كبيرة مستشاري أوباما المعنيين بمحاربة الإرهاب، على أن التهديد الإرهابي «في تطور مستمر، ويتطلب استجابات معدلة».
واستطردت موناكو بأن استراتيجية الإدارة «تقر بأنه يتعين علينا التعاون بفاعلية أكبر مع الدول التي تتسم بوجود قوي لشبكات إرهابية داخلها، الأمر الذي يمكن هؤلاء الشركاء من التشارك في عبء التصدي لهذه التهديدات التي تقف بوجه مصالحنا المشتركة». وأضافت: «نظرًا لأن التهديدات والأعداء الذين نواجههم يتطورون ويتكيفون مع المستجدات، فيجب أن نتسم بالمرونة في مواجهتهم حيث هم، مع الالتزام بالقيام بذلك دومًا على نحو يتماشى مع قوانيننا وقيمنا».
إلا أن بعض الخبراء انتقدوا الإدارة لاعتمادها على تصريح من الكونغرس صادر منذ 15 عامًا، بصفته مبررا لخوض حرب ضد «الشباب».
من بين هؤلاء ميكا زينكو، الزميل البارز لدى «مجلس العلاقات الأجنبية»، الذي قال إنه «تشريع مجنون يرتبط بصورة أساسية بهجمات (11 سبتمبر)، والآن تجري إعادة استغلاله لتوفير دعم جوي وثيق لقوات أمنية إقليمية تعمل داخل الصومال».
يذكر أنه تبعًا للتصريح الذي أصدره الكونغرس عام 2001، فإن الولايات المتحدة تخوض صراعًا مسلحًا ضد تنظيم بعينه، وليس جميع المسلحين بالعالم. إلا أن هذا التصريح ثبت أنه مطاط بمرور الوقت.
على سبيل المثال، أعلن أوباما عام 2014 أن القانون الصادر عام 2001 يخوله محاربة تنظيم «داعش» بالعراق وسوريا. ورفض قائد بالجيش هذا الادعاء، مشيرًا إلى أن الحرب ضد «داعش» غير قانونية، لأن الكونغرس لم يقرها قط علانية. وفي الأسبوع الماضي، رفض قاض دعوى قضائية بهذا المعنى.
في الصومال، تمثل الموقف الأميركي على امتداد فترة طويلة في أن حفنة من قيادات «الشباب» بصفتهم أفرادا، لديهم صلات كافية بـ«القاعدة» تجعلهم أهداف حرب، لكن ظل هناك جدال داخلي مستعر لسنوات داخل البلاد حول ما إذا كانت جماعة «الشباب» ككل، التي تضم آلاف المسلحين، من الممكن أن تعدّ جزءا من «العدو». ومن أجل أن ينطبق وصف «قوة معاونة» على جماعة ما، يجب أن تكون كيانًا مسلحًا منظمًا متحالفًا مع «القاعدة» ودخلت في قتال مع الولايات المتحدة أو أحد شركائها.
من جانبهم، رفض مسؤولون مناقشة ما إذا كانت ثمة أسباب جديدة ظهرت تبرر انضمام «الشباب» إلى هذه الفئة.

* خدمة «نيويورك تايمز»



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.