مجمع الفوسفات ومصنع الألمنيوم في مدينة رأس الخير باكورة صناعة التعدين السعودية

مصنع الألمنيوم الذي أقيم في مدينة رأس الخير التعدينية واحد من أكبر مصانع الألمنيوم على مستوى العالم يعتمد المصنع وهو مشروع مشترك بين شركة التعدين العربية السعودية «معادن» بنسبة 74.9 في المائة وشركة الكوا الأميركية بنسبة 25.1 في المائة.
تعمل شركة معادن وهي شركة مملوكة للحكومة السعودية على إنشاء مشاريع تعدينية ضخمة توسع قاعدة الإنتاج، وتنوع مصادر الدخل، وترفد الاقتصاد السعودي، وترفع قيمة الناتج المحلي، فالشركة مع شركاء محليين وعالميين تستثمر نحو 16.4 مليار دولار (61.5 مليار ريال) في مشاريع الفوسفات والألمنيوم في مدينة رأس الخير التعدينية.
ترتبط المصانع على الخليج العربي بالمناجم وسط وشمال البلاد بخط تعدين يبلغ طوله 1500 كيلومتر، يسير عليه أطول قطار في العالم بطول ثلاثة كيلومترات وينقل في الرحلة الواحدة ستة عشر ألف طن.
منجم البعيثة الذي يقع شمال منطقة القصيم - وسط البلاد - ومنجم حزم الجلاميد بالقرب من الحدود الشمالية للبلاد يربطهما بالمصانع خط حديدي مخصص لنقل صخور البوكسايت بطول 600 كيلومتر، وعربات نقل الفوسفات؛ حيث يمتد الخط الحديدي بطول 1500 كيلومتر، حيث نقل قطار المعادن أكثر 11 مليون طن منذ بدء تشغيله في عام 2011 في تحد متواصل لتزويد المصانع بحاجتها من الخامات.
وتخطط شركة معادن للألمنيوم وهي ذراع صناعية لشركة معادن الأم إلى استثمار الموارد السعودية من خام البوكسايت لإنتاج الألمنيوم بأشكاله المتعددة، في حين أثبتت التجارب التي أجرتها شركة الكهرباء السعودية أن استخدام كابلات الألمنيوم في نقل الكهرباء من محطات الإنتاج إلى المدن يوفر الطاقة، ويمنح الشركة ترشيدًا للنفقات يقدر بـ533 مليون دولار (ملياري ريال).
وتمثل السوق المحلية لصناعة الألمنيوم سوقًا وعدة، حيث تعتمد خطوط نقل الطاقة الكهربائية من كابلات وأبراج على منتج الألمنيوم بشكل أساسي، خاصة بعد التجارب التي توصلت لها شركة الكهرباء السعودية.
بالموازاة مع ذلك تعمل شركة معادن للفوسفات، وهي ذراع صناعية أخرى لشركة معادن، والتي أنشئت برأسمال استثماري يقدّر بـ5.5 مليار دولار (21 مليار ريال).
وتمتلك شركة معادن في شركة معادن للفوسفات ما نسبته 70 في المائة، بينما تمتلك الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) بنسبة 30 في المائة، وتبلغ طاقته الإنتاجية الكلية لمجمع الفوسفات في رأس الخير 3 ملايين طن من فوسفات الأمونيوم سنويًا.
تسوق «معادن» 70 في المائة من إنتاج المجمع في الأسواق العالمية، بينما تخصص 30 في المائة من إنتاجها للسوق المحلية، وتستثمر الشركة صناعيًا في موقعين رئيسيين، هما موقع حزم الجلاميد شمال البلاد، حيث يقع منجم الفوسفات ومصنع رفع نسبة تركيز الخام، والموقع الآخر في مدينة رأس الخير التعدينية التي تحتوي على مصنع متكامل لإنتاج الأسمدة والكيماويّات.
ينتج المنجم نحو 11.6 مليون طن من خام الفوسفات سنويًا، يتم نقل الخام في مصنع لرفع نسبة تركيز الخام، والذي ينتج نحو 5 ملايين طن سنويًا، واستثمرت شركة معادن للفوسفات في موقع منجم حزم الجلاميد في منشآت البنية التحتية لصناعة الفوسفات، وذلك عبر إنشاء محطة للطاقة الكهربائية، ومرافق لإنتاج ومعالجة المياه الصالحة للشرب، وشبكة اتصالات، إضافة إلى شبكة مواصلات لتسهيل عمليات الاستكشاف والإنتاج.
ويتم نقل مركّزات الفوسفات من منجم حزم الجلاميد بواسطة قطار المعادن إلى مدينة رأس الخير لتصنيع الأسمدة الفوسفاتية، وذلك عبر عدد من المنشآت التي تضمّ مصنع حمض الفوسفوريك، ومصنع حمض الكبريتيك، ومصنع الأمونيا، ومصنع ثنائي أمونيوم الفوسفات، ومحطة لتحلية المياه.
شركة معادن للفوسفات تنمو بشكل مضطرد لتصبح شركة عالمية في ظل شبكة العلاقات التجارية التي يتمتع بها الشركاء في المشروع، وكذلك سلسلة التوريد والأسواق وشبكات المواد التي تغطي القارات.
ويضم مجمع «معادن للفوسفات» في مدينة رأس الخير الصناعية أربعة مصانع بمواصفات عالمية حديثة، تقوم بتصنيع الفوسفات، وتحويلها إلى منتجات مهمة، وهذه المصانع هي: مصنع أحادي وثنائي فوسفات الأمونيوم، وطاقته الإنتاجية ثلاثة ملايين طن سنويًا، ويعمل المصنع من خلال عدد من الوحدات تضم: وحدة مفاعلة حامض الفوسفوريك مع الأمونيا، ووحدة إنتاج الحبيبات (التحبيب)، ووحدة التجفيف، ووحدة الطحن والمناولة والرجيع، ووحدة التخزين والنقل. ومصنع حامض الفوسفوريك؛ حيث ينتج المصنع نحو 4.1 مليون طن سنويًا، ويضم عددًا من الأقسام والوحدات، التي تعالج الفوسفات، وتضم أقسامه: وحدة مداولة الخام وتركيزها، ووحدات التفاعل والترشيح، ووحدات تركيز الحامض.
ومصنع حامض الكبريتيك، وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 4.5 مليون طن سنويًا، ويضم عددًا من الوحدات الإنتاجية، منها: وحدة استقبال وتخزين الكبريت المنصهر، ووحدة أفران حرق الكبريت، ووحدة أبراج الامتصاص وتحويل تركيز الحامض، ووحدة تخزين الحامض.
ومصنع الأمونيا، وينتج نحو 1.1 مليون طن سنويًا، ويحتوي المصنع على عدد من وحدات استقبال الفوسفات هي: وحدة استقبال وتحويل الغاز الطبيعي، ووحدة تحويل وغسل الغازات وإنتاج الهيدروجين، ووحدة أبراج تحويل أكسيد الكربون الأحادي لثاني أكسيد الكربون، ووحدة إنتاج الأمونيا السائلة وتخزينها.
حيث ضخت الشركة نحو 10.8 مليار دولار (40.5 مليار ريال) في بناء أكبر مجمع متكامل في العالم لإنتاج الألمنيوم وتصديره إلى الأسواق المحلية والعالمية، كما يهدف المشروع إلى تطوير الصناعات التحويلية المحلية.
ويعول على مشروع الألمنيوم في المساهمة الكبيرة لتحقيق أهداف شركة معادن الأم في قيادة قطاع التعدين «الركيزة الثالثة للصناعة السعودية»، كما سيسهم في تطوير الموارد المعدنية، ويوفر فرصًا استثمارية واعدة في الصناعات التحويلية، وأكثر من 3000 فرصة عمل مباشرة، فضلاً عن الكثير من الوظائف غير المباشرة.
ويتميز مشروع معادن للألمنيوم بتكامل الإنتاج من المنجم في البعيثة إلى الشمال من منطقة القصيم، حيث تنقل الخامات إلى المصنع عبر خط حديدي بطول 600 كيلومتر، لتصل إلى المصنع على مياه الخليج العربي، حيث يتم تزويد المصنع بخامات البوكسايت من منجم البعيثة قرب محافظة (قبة)، لتتحول الصخور إلى منتج نهائي لنوعيات متعددة من الألمنيوم في مصنع الدرفلة في مدينة رأس الخير التعدينية.
وبدأت المرحلة الأولى في منجم البعيثة، حيث تم إنتاج 4 ملايين طن متري من خام البوكسايت، ويتم نقلها بواسطة القطار إلى مجمع معادن للألمنيوم في مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية، لتبدأ المرحلة الثانية في أول مصفاة في منطقة الخليج العربي لإنتاج 1.8 مليون طن سنويًا من الألومينا لينتقل إلى المصهر عبر الخطوط التي تربط المصهر بالمصفاة لإنتاج 740 ألف طن سنويًا من الألمنيوم.
في مصنع الدرفلة يتم التعامل مع نحو 380 ألف طن لإنتاج صفائح الألمنيوم وهياكل السيارات وعلب المشروبات، فيما يتم تصدير 360 ألف طن إلى الأسواق المحلية والدولية على شكل سبائك وقضبان.
ويضم المجمع وحدة إعادة تدوير الألمنيوم بسعة 1200 طن متري لتعزيز صناعة تدوير الألمنيوم في السعودية، في حين اكتمل المجمع في عام 2014، حيث أصبح المشروع المشترك بين شركة معادن للألمنيوم وشركة ألكوا، مجمعًا متكاملاً، يضم عمليات تعدين عالمية المستوى للبوكسايت، بالإضافة إلى: مصفاة، محطة توليد كهرباء، مصاهر، مسابك، ومصانع درفلة تدعم صناعتي علب المشروبات والسيارات.
ويعمل المصهر التابع للمجمع في رأس الخير بكامل طاقته التي تصل على 720 خلية إنتاج، كما يستقبل المصنع الطاقة من المحطة المشيدة حديثًا في مدينة رأس الخير الصناعية. ويعمل المسبك على إنتاج سبائك الألمنيوم، وسبائك على شكل حرف (T)، وألواح وقضبان، كما تعمل مصانع الدرفلة على دعم صناعة صفائح علب المشروبات وصفائح السيارات لخدمة العملاء.
كما يمثل الموقع الاستراتيجي لمصنع الألمنيوم أهمية، حيث يقع المشروع بين الشرق والغرب ومتصلاً بميناء رأس الخير وسلسلة من الخدمات اللوجيستية تضمن وصول المنتجات إلى العملاء بشكل سريع وآمن وبجودة عالية.
في حين تمتلك شركة معادن للألمنيوم خبرة طويلة في صناعة التعدين مستمدة من الخبرات الكبرى لشركة الكوا الرائدة في مجال صناعة الألمنيوم على مستوى العالم، كما يدعم المشروع تكامل الإنتاج وتقديم ميزة تنافسية تضمن الالتزام على المدى الطويل، مدعوما بتكنولوجيا متطورة على مستوى عالمي.
وفي المشروع طبقت شركة معادن، بالتعاون مع شريكها شركة الكوا، نظامًا لإدارة مياه للصرف الصحي؛ وهو الأول من نوعه في معالجة المياه المستنفدة الناتجة عن الصرف الصحي الصناعي، حيث تم تطوير التقنية من خلال محاكاة ومماثلة العمليات الفيزيائية والكيميائية والحيوية التي تحدث في المستنقعات من دون استخدام مواد كيميائية تؤدي إلى انبعاث رائحة، مثل تلك التي تخرج من المياه الآسنة عندما تحفظ في صهاريج تقليدية، ويتكون نظام الصرف الصناعي المستخدم في المصنع من ثلاث مراحل.
ففي البداية تستخدم حاويات معالجة لا هوائية، ويتم فيها تحلل وفصل المواد العضوية الموجودة في المياه المستنفدة، وبرك مبطنة ومنشأة سلبية يستزرع فوقها طبقة من الغطاء النباتي الطبيعي الذي عادة ما ينمو في المستنقعات، تقوم هذه النباتات بنزع النيتروجين وامتصاص العناصر الضارة.
وكذلك تخضع المياه لمعالجة إضافية للمواد العضوية، ومن ثم يتم ضخها إلى غرفة حفظ ليضاف إليها البوكسايت، والذي يقوم بتعقيم وتحسين نوعية الماء الناتج من العملية، بحيث يعطي الجودة نفسها أو أفضل من تلك التي تعطيها الأنظمة التقليدية، حيث يعاد تدويره واستعماله عددا من المرات في العمليات التشغيلية.
ويساهم هذا النظام المتوافق مع البيئة في توفير الطلب على المياه بنحو 7.5 مليون ليتر يوميًا، من خلال معالجة المياه المستخدمة في المشروع.
وبالعودة إلى مجمع الفوسفات الذي يعد واحدًا من أكبر المشاريع العالمية المتكاملة لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية بمواصفات عالمية، إذ تعمل شركة معادن على استخراج الفوسفات ومعالجته وتصنيعه وتصديره، ويقدر إنتاج المجمع حاليًا بثلاثة ملايين طن سنويًا تشكل نحو 10 في المائة من حجم الأسمدة الفوسفاتية المتداولة في الأسواق العالمية.
* المناجم
يحتوي موقع حزم الجلاميد على منجم للفوسفات ومصنع رفع نسبة وتركيز الخام، بالإضافة إلى أنظمة المنافع الصناعية، وتبلغ مساحة المنجم 49 كيلومترًا مربعًا، وهو يقع في منطقة الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية على بعد 120 كم على الطريق الدولي ما بين مدينتي طريف وعرعر.
ويقدر إنتاج المنجم من الخام بنحو 11 مليون طن في السنة. أما المصنع فتقدر طاقته الإنتاجية السنوية بنحو خمسة ملايين طن من مركزات الفوسفات الجافة.
ويقع منجم البوكسايت في البعيثة قرب «قبة» على بعد نحو 600 كم إلى الشمال الغربي من رأس الخير، ويتألف موقع البعيثة من منجم لخام البوكسايت، ومرافق لتكسير ومناولة الخام، ويتم نقل الخام بواسطة قطار التعدين الذي ينقل الصخور في عربات مخصصة لنقل البوكسايت، في حين بدأت المحطة التابعة لمجمع الألمنيوم، وهي مخصصة لطحن الصخور التي تعمل على مستويين في منجم البعيثة في منطقة القصيم عملياتها في مايو (أيار) 2014، حيث أنتجت المحطة أول حمولة من البوكسايت لمصفاة الشركة في رأس الخير.
* قطار التعدين
تتولى الشركة السعودية للخطوط الحديدية المعروفة اختصارًا بمسمى «سار» تسيير ستة قطارات مخصصة لنقل خامات المعادن من حزم الجلاميد ومن البعيثة، ووصلت الشركة في الفترة الحالية إلى أعلى المعدلات في نقل خامات المعادن منذ بدء تسيير قطار التعدين في مايو من عام 2011، حيث يبلغ عدد عربات القطار الواحد نحو 160 عربة، بطول إجمالي يصل إلى ثلاثة كيلومترات، ليكون بذلك أطول قطار في العالم، بينما تصل حمولة كل عربة إلى نحو 100 طن.
ونجحت «سار» في نقل نحو 17 مليون طن من الفوسفات والبوكسايت منذ بدء عمل القطارات عام 2011، حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما ساهم خط التعدين في تخفيف ضغط شاحنات النقل الثقيل على شبكة الطرق الرئيسية، وتوفير 70 في المائة من استهلاك الوقود في نقل الحمولة من خلال الشاحنات، حيث تمكنت قطارات «سار» خلال شهر واحد فقط من إزاحة أكثر من سبعة وعشرين ألف وسبعمائة شاحنة عن الطرق، كانت تنقل الكميات ذاتها.