هدنة كفريا والفوعة ـ الزبداني تقسم «أحرار الشام» لصالح {القاعدة}

سببها ضغوط لاقتحام المتشددين.. واحتمال انشقاقات في حال الاندماج مع «فتح الشام»

متطوعون من مؤسسة سعيد في إدلب شمال سوريا التي تستقبل نازحين من الداخل السوري تهيئ، أمس، أمكنة لعائلات قادمة من جنوب غربي دمشق أخرجتها اتفاقات هدن فرضها النظام (أ.ف.ب)
متطوعون من مؤسسة سعيد في إدلب شمال سوريا التي تستقبل نازحين من الداخل السوري تهيئ، أمس، أمكنة لعائلات قادمة من جنوب غربي دمشق أخرجتها اتفاقات هدن فرضها النظام (أ.ف.ب)
TT

هدنة كفريا والفوعة ـ الزبداني تقسم «أحرار الشام» لصالح {القاعدة}

متطوعون من مؤسسة سعيد في إدلب شمال سوريا التي تستقبل نازحين من الداخل السوري تهيئ، أمس، أمكنة لعائلات قادمة من جنوب غربي دمشق أخرجتها اتفاقات هدن فرضها النظام (أ.ف.ب)
متطوعون من مؤسسة سعيد في إدلب شمال سوريا التي تستقبل نازحين من الداخل السوري تهيئ، أمس، أمكنة لعائلات قادمة من جنوب غربي دمشق أخرجتها اتفاقات هدن فرضها النظام (أ.ف.ب)

يهدد ملف هدنة كفريا والفوعة – الزبداني ومضايا، حركة «أحرار الشام الإسلامية» التي باتت تواجه ضغوطًا شعبية في إدلب تحثها على اقتحام بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في المحافظة، وهو ما أنتج خلافات بين قياداتها، أفضت إلى «كف يد» أميرها الحالي أبو يحيى الحموي الذي أعلن إصراره على الالتزام بالهدنة، وبدء الاجتماعات المفتوحة لانتخاب أمير جديد «تكون أولى مهامه اقتحام البلدتين الشيعيتين».
وانقسمت قيادات مجلس شورى «أحرار الشام» على خلفية الدعوات لاقتحام البلدتين الشيعيتين، وأدت ليل الأحد إلى تعليق 8 من أعضاء مجلس الشورى عضويتهم من المجلس، قبل أن يجتمع مجلس الشورى بعد ظهر أمس، ويتخذ قرارًا بكف يد الحموي، واقتحام البلدتين بعد تعيين القائد العام الجديد للحركة: «استجابة للضغوط الشعبية، ولنفي كل الاتهامات المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي والضغوط التي باتت تتهم الحركة بالتخاذل، وتذهب إلى تخوينها»، بحسب ما قال مصدر بارز في الحركة لـ«الشرق الأوسط».
وبلدتا كفريا والفوعة اللتان تسكنهما أغلبية شيعية في ريف إدلب، تعتبران آخر البلدات الخارجة عن سيطرة المعارضة في المحافظة. وقادت «أحرار الشام» التفاوض مع النظام السوري برعاية دواية في أغسطس (آب) 2015 حول تنفيذ الهدنة في البلدتين، مقابل التزام النظام بتنفيذ الهدنة في بلدتي الزبداني ومضايا بريف دمشق، ومنع اقتحامهما. وتوصل الطرفان للاتفاق في أواخر سبتمبر (أيلول) 2015، ولا يزال مستمرًا حتى الآن رغم الخروقات.
وقال المصدر في الحركة إن الضغوط الشعبية عليها لاقتحام البلدتين «تأتي بدعم من جبهة فتح الشام التي ترى أن أحرار الشام تلتزم الهدنة، ولا تعير اهتماما لقوات المعارضة التي يتم إخلاؤها من ريف دمشق وترحيلها إلى إدلب، كذلك لا تبالي بما يجري من حلب، في وقت يعد اقتحام كفريا والفوعة سهلاً وسيشكل نقطة ضغط على النظام لمنعه من إخراج المقاتلين من حلب»، مشيرًا إلى أن هذه الحسابات لدى «فتح الشام»: «ستصطدم حكمًا بالقوة العسكرية الروسية التي لن تتردد بقصف المناطق المحيطة بكفريا والفوعة في حال انهيار الهدنة، إضافة إلى اقتحام النظام لبلدتي الزبداني ومضايا بريف دمشق، وهو ما دفع أبو يحيى الحموي للالتزام بالهدنة».
غير أن الضغوطات التي تمارسها «فتح الشام»، تدخل في سياق آخر، بحسب ما يقول معارض سوري لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن فتح الشام «ترى أن الأحرار قوة كبيرة معتدلة ومقبولة لدى الغرب، كما أنها تسيطر على معظم المعابر الحدودية مع تركيا، وبالتالي، تسعى فتح الشام لإنهاء الأحرار»، موضحًا أن خطة فتح الشام «تضع الأحرار أمام خيارين سيئين، أولهما اقتحام كفريا والفوعة ما يعني تمردًا على الاتفاق الدولي للهدنة، خصوصا أن البلدتين الشيعيتين يحميهما اتفاق تركي – إيراني بسبب خصوصيتهما المذهبية. وثانيهما، إذا رفضت الأحرار اقتحام البلدتين، فإنها ستواجه ضغوطًا شعبية، كما يحصل الآن، واتهامًا بالتخاذل، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انفراط عقد قياداتها وبروز انشقاقات في داخلها».
وبالفعل، تحقق السيناريو الأخير مساء الأحد، واستكمل أمس، إذ برزت انشقاقات داخل جسم قيادة «أحرار الشام»، وبدأ الصوت المتشدد فيها المرتبط بولاء لتنظيم «القاعدة» بالبروز بشكل كبير.
وقالت مصادر قيادية في الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع الذي أقيم بعد ظهر أمس: «قرر كف يد أبو يحيى الحموي»، كما استبعد «أبو عمار العمر وأبو أيوب المهاجر من الترشح لقيادة الحركة»، وبالتالي: «حُصِر خيار الترشح لقيادة أحرار الشام بين أبو جابر الشيخ وأبو صالح الطحان».
ومن المعروف أن الشخصيتين هما من الموالين لتنظيم «القاعدة»، وكان الشيخ القائد العام للحركة حتى صيف 2015، حين تم انتخاب الحموي رئيسًا لها. أما الطحان، فكان «أمير قطاع حلب» وكان من أبرز الموالين لتنظيم القاعدة.
وبذلك، بدأ كف التشدد في الحركة يُرجح على حساب المعتدلين والمنفتحين على الغرب. فالمجتمعون في الاجتماع نفسه، اتخذوا مجموعة قرارات أبرزها «تنحية المسؤول السياسي لبيب النحاس الذي كان كتب في العام 2015 مقالات في صحف أميركية، إضافة إلى تنحية مهند المصري من مهمة التحدث باسم الحركة». كما اتفق المجتمعون على «الاندماج مع جبهة الشام في القتال في الشمال، ورفض أوامر الداعمين التي لا تتناسب مع (الجهاد) الشامي السوري الوسطي» في إشارة إلى عدم الموافقة على أي توصيات من دول داعمة تشجع بقاء الحركة في الخط الاعتدالي، وتعزيز أواصر الثقة مع «فتح الشام» والشرعيين فيها الذين يوالون تنظيم القاعدة. وأعلن المجتمعون أن مجلس الشورى «منعقد من اللحظة حتى انتخاب قائد جديد».
تلك القرارات، انعكست شرخا حادًا في صفوف الحركة التي ينقسم القادة المحليون في المناطق والقادة العسكريون إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى توافق على الاندماج مع «فتح الشام»، بينما الثانية تسعى للانشقاق وتشكيل «تجمع كتائب أهل الشام»، ومعظم هؤلاء من السوريين المعتدلين في الحركة الذين يرفضون تحولها إلى حركة متشددة «معزولة عن الغرب، وتنفذ أجندة تنظيم القاعدة»، بينما المجموعة الثالثة، فتفضل إلقاء السلاح «لأن تحول الحركة إلى التشدد، فيستجلب صراعًا مع رعاة إقليميين، كما سيستدرج قوات التحالف والقوات الروسية لضربها في إدلب، أسوة بتنظيم فتح الشام». كما يبقى البعض متحفظًا على قرار اقتحام كفريا والفوعة الذي اتخذه القادة في اجتماعهم.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.