خامس انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر منذ تخليها عن الحزب الواحد

مسار عسير نحو الانتقال الديمقراطي الحقيقي

خامس انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر منذ تخليها عن الحزب الواحد
TT

خامس انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر منذ تخليها عن الحزب الواحد

خامس انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر منذ تخليها عن الحزب الواحد

تعد انتخابات 17 أبريل (نيسان) الحالي (أمس)، خامس استحقاق رئاسي تعرفه الجزائر منذ دخولها التعددية الحزبية والسياسية عام 1989، بموجب دستور أنهى نظام الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني) الذي حكم البلاد منذ استقلالها.
وخاض أول انتخابات رئاسية جرت عام 1995، أربعة مرشحين أبرزهم مرشح الجيش ووزير الدفاع سابقا الجنرال اليمين زروال، الذي ترأس الدولة بعد «مؤتمر الوفاق الوطني» (مطلع عام 1994)، الذي عقد في ظرف دقيق جدا مرت به البلاد، بعد مقتل الرئيس محمد بوضياف في 29 يونيو (حزيران) 1992. وعرفت الجزائر في تلك الفترة إرهابا مدمرا تسبب في مقتل 150 ألف شخص، وخسائر في البنية التحتية قدرت بنحو 20 مليار دولار.
ولقي زروال في تلك الانتخابات منافسة من طرف رئيس الحزب الإسلامي «حركة المجتمع الإسلامي» المعروفة اختصارا بحماس سابقا، الشيخ محفوظ نحناح الذي توفي عام 2003، ورئيس الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» سابقا، طبيب الأعصاب سعيد سعدي، ونور الدين بوكروح، رئيس «حزب التجديد الجزائري» سابقا.
وفاز زروال بأغلبية الأصوات (نسبة تقترب من 61 في المائة)، في حين صرح مسؤولو حماس حينها بأن نحناح هو الفائز واتهموا مؤسسة الجيش بـ«ممارسة تزوير مفضوح كان هو ضحيته الأولى». واستمر زروال في الرئاسة إلى خريف عام 1998، عندما فاجأ الجزائريين بإعلان استقالته بحجة «التمكين لمبدأ التداول على السلطة». أما الأسباب الحقيقية للاستقالة، فكانت صراعا حادا احتدم بين رجل ثقة زروال مستشاره الأمني الجنرال محمد بتشين، وقادة نافذين في الجيش وجهاز الاستخبارات.
وأعلن زروال عن انتخابات مبكرة، جرت في أبريل 1999 بمشاركة سبعة مرشحين هم عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان قد غادر السلطة بعد وفاة الرئيس هواري بومدين أواخر عام 1978، ورئيسي الحكومة السابقين مولود حمروش ومقداد سيفي ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، ورجل الثورة ورئيس أقدم حزب معارض السابق حسين آيت أحمد، ورجل ثورة آخر يسمى يوسف الخطيب، والزعيم الإسلامي عبد الله جاب الله. وانسحب الستة من المنافسة عشية التصويت بعدما قالوا إنهم لاحظوا انحياز المؤسسة العسكرية لصالح بوتفليقة، الذي فاز في النهاية بنسبة تقترب من 74 في المائة من الأصوات.
وظلت عقدة «الشرعية» تلاحق بوتفليقة بسبب دخوله معترك انتخابات 1999 من دون من سماهم هو شخصيا «الفرسان الستة». ونظم في نهاية نفس العام استفتاء عد اقتراعا ثانيا لفائدته، سمي «الوئام المدني»، وهو مشروع سياسي وأمني أفضى إلى تخلي ستة آلاف مسلح إسلامي عن السلاح، مقابل إلغاء المتابعة القضائية ضدهم.
وشهدت انتخابات عام 2004 انقساما حادا بين قادة المؤسسة العسكرية، بين مؤيد لترشح بوتفليقة لفترة ثانية وداعم لترشح رئيس حكومته علي بن فليس، خصمه اللدود في انتخابات عام 2014. ومن أبرز مسؤولي الجيش الذين وقفوا إلى جنب بن فليس، رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق محمد العماري الذي أنهى بوتفليقة مهامه مباشرة بعد فوزه في الانتخابات (بنسبة 85 في المائة تقريبا). واتهم بن فليس الجناح الموالي للرئيس، بتزوير الانتخابات التي عرفت لأول مرة ترشح امرأة، هي لويزة حنون رئيسة الحزب اليساري «حزب العمال» (14 في المائة من الأصوات).
وقبل عام من انتخابات عام 2009، أظهر بوتفليقة رغبة في الاستمرار بالحكم رغم أن الدستور يمنع الترشح لأكثر من ولايتين. ففي 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، ألغى المادة 74 من الدستور التي تحدد الترشح بفترتين. وبرر ذلك بـ«صوت الجزائر العميقة التي نادتني للاستمرار في الحكم»، على حد قوله. وحصل الرئيس المرشح على أكثر من 90 في المائة من الأصوات، بعيدا جدا عن منافسيه الخمسة.
وتدهورت صحة الرئيس بشكل لافت في أواخر عام 2005، إذ أجريت له عملية جراحية في المعدة لوقف نزيف حاد بالمعدة. وقال بعد عام إنه «نجا بأعجوبة» من تلك الإصابة. وانسحب الرئيس من المشهد شيئا فشيئا بسبب المرض، وتوقع قطاع واسع من الجزائريين أنه لن يطلب لنفسه «فترة رابعة» بعد الإصابة بجلطة دماغية في ربيع عام 2013، أفقدته التحكم في وظائفه الحسية، إلا أنه فاجأ الجميع وأقدم على الترشح مشيرا مرة أخرى إلى استجابته لدعوات كثيرة تطلب منه مواصلة المشوار. ورغم كل هذه المحطات الانتخابية فإن البلاد لا تزال تتلمس بعسر تحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.