توجه الناخبون الكويتيون، أمس، بكثافة إلى مراكز الاقتراع لانتخاب مجلس أمة جديد هو الخامس عشر منذ استقلال الكويت عام 1961.
وتوقعت مصادر كويتية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» أن تراوح نسبة المشاركة بين 69 و72 في المائة مقارنة مع اقتراع عام 2013، الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 51.9 في المائة.
وعزا متابعون للحياة السياسية الكويتية ارتفاع نسبة المشاركة من الجنسين في الاقتراع إلى معطيين أساسيين، هما أولا التحديات الاقتصادية والقوانين المتوقع صدورها، والتي تروم رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، وهذا ما دفع الناخبين إلى الانخراط في العملية الانتخابية لإيصال نواب يدافعون عن مصالحهم إلى قبة مجلس الأمة. وثانيا عودة المقاطعين، الذين كانوا يشكلون اتجاها معارضا في مجلسي 2012، والذين امتنعوا عن المشاركة في انتخابات 2013 التي جرت بموجب قانون الصوت الواحد، ذلك أن الناخب يحق له فقط التصويت على مرشح واحد من مجموع 10 مرشحين، بينما كان يحق له في السابق التصويت على أربعة مرشحين من مجموع 10.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الصوت الواحد يكسر التحالفات المحتملة، بينما يساعد حق التصويت على أربعة مرشحين في صنع تحالفات.
ويسود اعتقاد واسع في الأوساط السياسية الكويتية أن عودة المقاطعين خلقت حماسا في الجسم الانتخابي للبلاد؛ الأمر الذي يفسر الإقبال الكبير على صناديق الاقتراع. كما أن عودة المقاطعين القوية فسرت أيضا في الأوساط القريبة من الحكم بأنها نوع من الاستعادة للوحدة الوطنية، ولم شمل التيارات السياسية المتعددة تحت قبة البرلمان.
وكان وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب، الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح، قد أعلن أمس أن المؤشرات الأولية تظهر ارتفاع نسب المشاركة في الاقتراع، قبل أن يضيف أن النسب الحقيقية للمشاركة سيحددها الناخبون أنفسهم. وجاءت تصريحات الشيخ سلمان على هامش جولته التفقدية في مدرسة محمد حسن الموسوي (بنين) بالدائرة الأولى.
ويتوقع أن تقدم الحكومة، التي يرأسها الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، استقالتها غدا (الاثنين) إلى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كما جرت العادة، وذلك بعد الإعلان عن النتائج الرسمية للاقتراع اليوم (الأحد). كما يتوقع كثيرون أن يؤدي اقتراع أمس إلى عدم إعادة انتخاب نحو 50 في المائة من نواب مجلس الأمة المنحل.
وشهدت الساعات الأولى، أمس، إقبالا كبيرا على الاقتراع من جميع الفئات العمرية، فيما كان متوقعا أن يرتفع الإقبال تدريجيا، ولا سيما من فئة الشباب خلال الساعات المقبلة. وقد أظهرت المتابعة الأولية لمراكز الاقتراع الرئيسية والفرعية في الدوائر الانتخابية الخمس توافد كبار السن بصورة لافتة على الاقتراع، مثلما جرت عليه العادة في الانتخابات السابقة، حيث كان الإقبال ملحوظا من طرفهم مقارنة بالشباب.
وحرص كبار السن على أن يكونوا في مقدمة المصوتين؛ إذ توفرت لهم وسائل النقل المختلفة مثل الكراسي المتحركة، بل إن مريضا لم يفوت الفرصة، وخرج من المستشفى وهو ممدد على سرير المرض، وتوجه على متن سيارة إسعاف إلى مركز الاقتراع للإدلاء بصوته.
وبدأت عملية التصويت أمس في أجواء هادئة، ولم تسجل أي حوادث تعكر صفو العملية الانتخابية في البلاد. وجرى التصويت في 452 لجنة فرعية وأصلية، منها 259 للرجال و283 للنساء، واستمرت حتى الساعة الثامنة مساء. وتنافس 293 مرشحا في الدوائر الخمس على 50 مقعدا، أي 10 مقاعد لكل دائرة.
وبلغ إجمالي عدد الناخبين الذكور المسجلين في اللوائح الانتخابية 230 ألفا و430 (47.68 في المائة)، بينما بلغ عدد الإناث المسجلات 252 ألفا و756 (52.31 في المائة).
ودخلت البلاد أول من أمس (الجمعة) مرحلة «يوم الصمت الانتخابي» قبل يوم واحد من بدء انتخابات مجلس الأمة الـ15، الذي يمنع خلاله بموجب القانون على وسائل الإعلام، ومنها الإلكترونية، ممارسة أي نشاط في إطار الحملات الانتخابية للمرشحين. كما يمنع خلاله على المرشحين القيام بأي عمل يندرج ضمن حملات الترويج والدعاية الانتخابية لكسب تأييد الناخبين.
ويهدف «يوم الصمت الانتخابي» إلى إعطاء الناخبين فرصة لتحديد اختياراتهم بعناية بعد حل مجلس الأمة في 16 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بمرسوم أميري، ومرور 34 يوما من الإشهار الانتخابي، فيما يقتصر دور وسائل الإعلام على نشر رسائل تثقيفية للناخبين، وحثهم على المشاركة الإيجابية بالانتخابات عموما، وليس لمصلحة مرشح معين.
ووفق القرار الصادر عن وزارة الإعلام بشأن شروط وضوابط التغطية الإعلامية والإعلان والترويج لانتخابات مجلس الأمة، فإنه «يحظر بث أو إعادة بث، أو نشر أي لقاءات أو برامج أو تقارير مع المرشحين لانتخابات مجلس الأمة، أو المجلس البلدي أو عنهم في يوم الاقتراع واليوم السابق له».
ورغم ذلك، وبينما توقف المرشحون عن تنظيم ندوات ومؤتمرات انتخابية، فإن مقارهم ظلت مفتوحة ويتوافد عليها أنصارهم، لكن «الصمت الانتخابي» لم يطل الصحف؛ إذ واصلت الجمعة وأمس نشر إعلانات ترويجية للمرشحين.
وجالت «الشرق الأوسط» أمس في عدد من مراكز الاقتراع التي أقيمت ببعض المدارس، ولاحظت وجود مندوبين للمرشحين خارجها تجمعوا داخل خيم مفتوحة، علقت فيها لافتات وصور المرشحين، إلى جانب ما لذ وطاب من مأكولات وحلويات ومشروبات، بحيث بدا الوضع وكان الأمر يتعلق بعرس.
وحرص المرشحون على الحضور داخل اللجان، وهو أمر يسمح به القانون الكويتي، وكان ضمنهم مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة السابق والمرشح في الدائرة الثانية، الذي قال للصحافيين إن «هذا الاقتراع يعد فرصة للكويتيين ليعبروا عن رأيهم ويقولوا كلمتهم»، مشيرا إلى أن التحديات التي تواجه الكويت كثيرة جدًا وتحتاج إلى من يستطيع مواجهتها.
من جهة أخرى، حذرت وزارة الداخلية الكويتية، أمس، من مغبة مخالفة قانون الانتخابات، الذي ينص في إحدى مواده على معاقبة الناخبين، الذين يصورون ورقة الاقتراع، بالسجن مدة خمس سنوات ودفع غرامة قدرها خمسة آلاف دينار.
وقالت الوزارة إن «قانون الانتخابات ينص في مادته (44) على معاقبة كل من استعمل القوة، أو التهديد لمنع ناخب من استعمال حقه لغيره ليحمله على التصويت على وجه معين، أو على الامتناع عن التصويت وكل من تحايل علانية بأي وسيلة من وسائل الإعلام أو النشر، أو خفية برسائل أو اتصالات هاتفية، أو عن طريق وسطاء لشراء أصوات الناخبين إغراء بالمال، أو أعطى أو عرض أو تعهد بأن يعطي ناخبا شيئا من ذلك ليحمله على التصويت على وجه معين، أو على الامتناع عن التصويت».
وتجدر الإشارة إلى أن 22 وكيلة نيابة ساهمن في الإشراف على الانتخابات للمرة الأولى في تاريخ الكويت، من خلال مشاركتهن في رئاسة اللجان والإشراف عليها، وذلك بعد قرار المجلس الأعلى للقضاء بتعيين 22 وكيلة نيابة عام 2015؛ وذلك بهدف توفير الأرضية المناسبة لمشاركة المرأة في مختلف المجالات، وإبراز إمكاناتها في شتى دوائر صنع القرار.
الانتخابات الكويتية: التحديات الاقتصادية وعودة المقاطعين أشعلت حماس الناخبين
عملية التصويت مرت في أجواء هادئة * 22 وكيلة نيابة ساهمن في الإشراف على الانتخابات للمرة الأولى في تاريخ البلاد
الانتخابات الكويتية: التحديات الاقتصادية وعودة المقاطعين أشعلت حماس الناخبين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة