الحرائق تخبو تدريجيا في إسرائيل... واعتقال 14 عربيا بتهمة ارتكابها

نتنياهو يهدد بإحراق الفاعلين.. والتحقيقات: الشرطة تسببت في حريق واحد على الأقل

أحد رجال الإطفاء الإسرائيليين يحاول إخماد ما تبقى من حرائق في بلدة بيت مير أمس (أ.ف.ب)
أحد رجال الإطفاء الإسرائيليين يحاول إخماد ما تبقى من حرائق في بلدة بيت مير أمس (أ.ف.ب)
TT

الحرائق تخبو تدريجيا في إسرائيل... واعتقال 14 عربيا بتهمة ارتكابها

أحد رجال الإطفاء الإسرائيليين يحاول إخماد ما تبقى من حرائق في بلدة بيت مير أمس (أ.ف.ب)
أحد رجال الإطفاء الإسرائيليين يحاول إخماد ما تبقى من حرائق في بلدة بيت مير أمس (أ.ف.ب)

مع التقدم النوعي في إخماد الحرائق المهولة التي ضربت إسرائيل وتصاعد الشكاوى بسبب إهمال الحكومة في منعها وفي معالجة المصابين وإخلاء الضحايا، وتصاعد تهديدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه ضد العرب بدعوى أنهم يديرون انتفاضة نيران، كشف النقاب بأن أحد الحرائق نشبت بسبب قنابل الصوت التي قذف بها رجال الشرطة الإسرائيلية باتجاه مواطنين فلسطينيين، اشتبهت بأنهم تسببوا في أحد الحرائق. فيما تسبب تحريض الحكومة في انتشار موجة شتائم وتهديدات عنصرية يهودية ضد العرب في الشبكات الاجتماعية، بلغت حد إصدار فتوى من أحد رجال الدين اليهود، أحل فيها قتل أي عربي يحرق حرجا.
وبدأت موجة الحرائق، التي اجتاحت 220 منطقة في إسرائيل وبعض المناطق في الضفة الغربية، تخبو بعد ظهر أمس بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها طواقم الإطفاء، وبينها أربع سيارات متطوعة من السلطة الفلسطينية، وطائرات الإطفاء، وبينها طائرة روسية عملاقة وعشر طائرات أخرى من اليونان وقبرص وكرواتيا وإيطاليا وتركيا. وفي حيفا، التي تلقت الضربة الأكبر في هذه الحرائق، سمح للمواطنين بالعودة إلى بيوتهم، باستثناء 70 عائلة احترقت بيوتها بالكامل. لكن حريقا كبيرا نشب في غابات القدس الغربية أمس، إضافة إلى حرائق صغيرة في الناصرة العربية وفي قرى الشاغور في الجليل (الرامة ونحف وبيت جن وساجور) وفي الضفة الغربية (قرب مستعمرة أرئيل القائمة على أراضي نابلس).
وأعلنت قيادة الدفاع المدني أن الوضع (أمس أخف وطأة من سابقه)، لكنها أكدت أنها ستبقي الطائرات الأجنبية تحسبا لأي طارئ، موضحة أنها قررت تفعيل اتفاق التبادل مع نظيرتها الأميركية، الذي يتيح لها الاستنجاد ببضع مئات من رجال الإطفاء الأميركيين، الذين يتوقع وصولهم غدا الأحد، للمساهمة في إخماد ما تبقى من الحرائق ومواجهة أي تطورات أخرى.
وإزاء تحريضات نتنياهو رد أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، محذرا «لن تستطيع الهرب من نيران الانتقاد الجماهيري بتوجيهها كنار حقد وكراهية للعرب، فقصور حكومتك واضح، وعلى الجمهور والمؤسسات البرلمانية والقضائية أن تحاسبك»، مؤكدا أنه «حتى لو كان هناك بعض الشبان العرب هم الذين أشعلوا النار، فإنهم قد أشعلوها في عشرة حرائق أو عشرين، ولكن إسرائيل شهدت 220 حريقا في غضون ثلاثة أيام. و13 حريقا منها وقعت في بلدات عربية. والحكومة فشلت في معالجة قسم كبير منها لأنها لم توفر ميزانيات كافية لفرق الإطفاء، وفضلت صرف الأموال على الأسلحة وشراء الغواصات، التي يستفيد منها أصدقاء وأقرباء نتنياهو».
وقبل أن تنتشر تصريحات نتنياهو، كشف النقاب عن أن رجال الشرطة وحرس الحدود الإسرائيليين طاردوا بعض الفلسطينيين بدعوى أنهم حاولوا إشعال حريق قرب إحدى مستوطنات الضفة الغربية، وخلال المطاردة قذف الجنود قنبلة صوتية طائشة، وصلت إلى حرج قريب وأدت إلى إحراقه.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية 14 شابا عربيا من فلسطينيي 48 بشبهة تنفيذ عمليات إحراق في مختلف المناطق، لكن ذويهم رفضوا هذه الاتهامات وقدموا دلائل تؤكد أنهم لم يشاركوا في هذه العمليات.
وكان عدد من الخبراء الإسرائيليين قد أوضحوا أن المشكلة الأساسية في هذه الحرائق تكمن في حالة الطقس من جهة، وفي إهمال قوات الإطفاء من جهة ثانية. فيما أكد مسؤولون في جهاز الإطفاء أن جهاز منع نشوب الحرائق قد تم إهماله ولم يحظ بالاهتمام المناسب.
من جانبه، قال زيف داشا، رئيس مجلس محلي زخرون يعقوب، الذي تولى منصبه قبل شهور، إن السلطة المحلية لا يمكنها تنفيذ أعمال كهذه بتكلفة عشرات ملايين الشواقل (عملة إسرائيل)، خاصة أن السلطة المحلية تعاني من عجز مالي في ميزانيتها، موضحا أن «ثمة حاجة إلى خطة عمل تُنفذ خلال عدة سنوات والحكومة ملزمة بالتدخل والمساعدة بميزانيات».
وأكد بعض خبراء الأرصاد الجوية أن الحرائق المشتعلة حاليا في البلاد ليست ظاهرة عفوية، وأن الاتجاه هو أن تتصاعد في السنوات القريبة. كما أنها ليست ظاهرة مرتبطة بالبلاد فقط، حيث تندلع سنويا حرائق في غابات بحجم أكبر بكثير في كافة مناطق البحر المتوسط، بينها إسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا، وكذلك في كاليفورنيا في الولايات المتحدة وفي أستراليا.
وقال حانوخ تسوريف، مدير منطقة القدس في الـ«كيرن كييمت ليسرائيل» (المؤسسة التي تتولى مسؤولية الأحراج والمحميات الطبيعية)، إن «الحرائق مرتبطة بتغير المناخ الذي بات مثبتا علميا. ففصل الشتاء يبدأ متأخرا، وشهر نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، أصبحا جافين جدا، مع رياح قوية ورطوبة لا تزيد عن نسبة 10 في المائة، كما أن الرياح المتواصلة والقوية تجفف النباتات أيضا، وتجعلها مادة قابلة للاشتعال بامتياز. إلا أن الظاهرة المناخية في الأيام الأخيرة نادرة للغاية».
في غضون ذلك، أصدر مردخاي آلياهو، أحد كبار حاخامات اليهود في المستوطنات، والمعروف بتحريضه الدائم ضد العرب، فتوى جديدة أمس، يحل فيها قتل العرب بسبب الحرائق التي اشتعلت في مناطق مختلفة في البلاد.
وقال آلياهو بعد ساعات من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي في رسالة مكتوبة بثها على الشبكات الاجتماعية، إنه «لو أطلقوا النار على الذين كانوا قد أشعلوا الحرائق في بيت مئير وكرميئيل وحيفا، لما وقعت هذه الكارثة... وآمل أن يصدر رئيس أركان الجيش والمفتش العام للشرطة أوامر واضحة للجنود وأفراد الشرطة والمواطنين بقتل من يشعلون النار، فهذه هي مسؤوليتهم».
وكتب حاخام مدينة صفد شموئيل على صفحته في موقع «فيسبوك»، صباح أمس، أن «رئيس الحكومة وصف إشعال الحرائق بأنه إرهاب. وأحد مسؤولي الشاباك وصف ذلك بأنه سلاح للإبادة الجماعية. وبأعجوبة لم يحترق أشخاص أحياء لكن لا ينبغي الاعتماد على المعجزات. وبالتأكيد مسموح، بل هذه فريضة، تدنيس السبت من أجل وقف النيران ومشعليها. وإذا اقتضى الأمر، يجب إطلاق النار عليهم أيضا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».