الخرطوم تتراجع عن تسعيرة الدواء الجديدة.. بعد ضغوط شعبية

إقالة مسؤول صحي.. ووزير الصحة السوداني يقر بأخطاء رافقت إعادة التسعير

الخرطوم تتراجع عن تسعيرة الدواء الجديدة.. بعد ضغوط شعبية
TT

الخرطوم تتراجع عن تسعيرة الدواء الجديدة.. بعد ضغوط شعبية

الخرطوم تتراجع عن تسعيرة الدواء الجديدة.. بعد ضغوط شعبية

ألغت وزارة الصحة السودانية الزيادات التي طبقتها الحكومة على أسعار الأدوية مؤخرًا، وقررت تكوين لجنة جديدة لإعداد تسعير الأدوية، وذلك إثر ضغوط شعبية متعددة، ودعوات لعصيان مدني دعا له نشطاء غدا الأحد، في حين أصدر الرئيس عمر البشير قرارًا أقال بموجبه المسؤول عن الأدوية والسموم بالبلاد.
وقال وزير الصحة، بحر إدريس أبو قردة، في مؤتمر صحافي بمقر وزارته بالخرطوم، إن تنفيذ قرار الحكومة رفع الدعم عن الأدوية «صاحبته أخطاء ما دفع وزارته لإلغاء تلك الأسعار وتكوين لجنة جديدة لإعادة تسعير الأدوية». وكانت الحكومة السودانية تدعم الأدوية عبر توفير العملات الصعبة للشركات التي تستورد الأدوية، بما يعادل 7.5 جنيه سوداني للدولار الأميركي الواحد، قبل أن تقرر رفع سعر التحويل إلى 15.8 جنيه للدولار، ما انعكس على سعر الأدوية بشكل كبير.
واتخذت الخرطوم سلسلة إجراءات تقشفية، قضت بخفض السعر الرسمي للجنيه السوداني مقابل الدولار إلى 15.8 جنيه، بعد أن كان في حدود 6.8 جنيه، وترتب على ذلك ارتفاع كبير في سعر الدواء تراوح بين 100 إلى 300 في المائة، كما ترتب عليه رفع أسعار الكهرباء والمحروقات. وكشف أبو قردة عن قرار صدر من الرئيس عمر البشير بإقالة الأمين العام لمجلس الأدوية والسموم، محمد الحسن العكد، ومجلس الأدوية والسموم هو الجهة المنوط بها تحديد أسعار الأدوية بالبلاد، دون أن يعين بديلاً له. وحدد المسؤول الصحي موعد صدور القائمة الجديدة خلال ثلاثة أيام لمراجعة أسعار الدواء في البلاد.
وقال الوزير إن لجنة المجلس القومي للأدوية والسموم ارتكبت أخطاء تسببت في تشوهات وإرباك للموقف الصحي بالبلاد، واستعجلت إصدار تسعيرة جديدة تتضمن أدوية غير معنية. وأضاف: «الزيادة في أسعار الدواء أعقبت تحريك سعر صرف الدولار، وتحتاج الأسعار لزيادة، لكن يجب أن تكون الزيادة منطقية، لا سيما أن الأدوية المنقذة للحياة وأدوية الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، والروماتيزم، والشلل الرعاش، والأمراض النفسية، وأدوية أمراض القلب، والهيموفليا، وتغذية الأطفال تباع بالأسعار القديمة».
وأكد الوزير أبو قردة استمرار العلاج المجاني، وقال إن فاتورته ارتفعت من 113 مليون دولار إلى 155 خلال العام الحالي، وإن هيئة الإمدادات الطبية تدعم 50 صنفًا من الأدوية، إلى جانب توحيد أسعار الدواء في البلاد كافة «بغض النظر عن بعد المسافة أو قربها من الخرطوم، وتتحمل الإمدادات الطبية كلفة ترحيل الدواء فضلا عن مراقبة أسعار الدواء وطباعة قائمة بها وتوزيعها على المؤسسات الصحية الحكومية، وتقوية صندوق التأمين الصحي بالشراكة مع وزارة الضمان الاجتماعي. وقال الوزير إن الأوضاع الصحية في البلاد تأثرت بالعقوبات الأميركية على السودان، وأضاف: «الوضع الصحي بالبلاد من أكثر القطاعات تأثرا بالعقوبات الأميركية على السودان».
ونفى أبو قردة أن يكون لقرار إلغاء تسعيرة الدواء الجديدة علاقة بدعوات في وسائل التواصل الاجتماعي لعصيان مدني، وقال: «لم أسمع بعصيان مدني، لكن القرار جاء لأن واجب الدولة تخفيف الأعباء عن المواطنين». وأثارت قرارات بنك السودان المركزي بتحريك سعر الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، غضبًا شعبيًا عارمًا، بسبب تأثيره المباشر على أسعار الدواء، ودوره في ارتفاع الأسعار، المرتفعة أصلاً، للسلع كافة.
وشهدت الخرطوم ومدن أخرى مظاهرات نسوية وطلابية خلال الأيام الماضية، احتجاجا على ارتفاع أسعار الدواء، فيما اعتقلت السلطات عددا من قادة المعارضة، تحسبًا لموجات احتجاجات دعت لها تلك الأحزاب. وانتشرت في وسائل التواصل دعوات لعصيان مدني غدًا الأحد، فيما تدوول هاشتاغ على «توتير» تجاوزت تغريداته المائة ألف في غضون ساعات، ولقي تأييدًا عربيًا واسعًا، باعتباره أكبر هاشتاغ سوداني، ونقلته وسائل إعلام دولية ومحلية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».