أنشودة السلام.. موسيقيون من المسلمين والأوروبيين استخدموا آلات العزف سلاحًا ضد التشدد

مؤلفها العراقي لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة التجربة في بلجيكا بعد نجاحها في فرنسا لإحياء ذكرى ضحايا هجمات مارس ونوفمبر

فرقة الموسيقي العراقي النعيمي أثناء إعداد بروفات «أنشودة السلام» في مسرح «الكونسرفتوار» الملكي في مونس البلجيكية («الشرق الأوسط»)
فرقة الموسيقي العراقي النعيمي أثناء إعداد بروفات «أنشودة السلام» في مسرح «الكونسرفتوار» الملكي في مونس البلجيكية («الشرق الأوسط»)
TT

أنشودة السلام.. موسيقيون من المسلمين والأوروبيين استخدموا آلات العزف سلاحًا ضد التشدد

فرقة الموسيقي العراقي النعيمي أثناء إعداد بروفات «أنشودة السلام» في مسرح «الكونسرفتوار» الملكي في مونس البلجيكية («الشرق الأوسط»)
فرقة الموسيقي العراقي النعيمي أثناء إعداد بروفات «أنشودة السلام» في مسرح «الكونسرفتوار» الملكي في مونس البلجيكية («الشرق الأوسط»)

قال الموسيقي العراقي قتيبة النعيمي، الذي يدرس الماجستير في معهد «الكونسرفتوار» بمدينة مونس البلجيكية، إنه بدأ اتصالات مع عدة مؤسسات بلجيكية، بشأن إعداد «أنشودة للسلام، ستقدم على أحد مسارح العاصمة البلجيكية، بالتزامن مع إحياء ذكرى ضحايا هجمات بروكسل التي وقعت في مارس (آذار) الماضي».
وقال النعيمي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الاحتفالية التي ستقام بهذه المناسبة من المنتظر أن يحضرها كبار الشخصيات في البلاد، وعلى رأسهم الملك فيليب ورئيس الحكومة شارل ميشال وشخصيات أخرى. ويأتي ذلك بعد أيام من نجاح عرض «أنشودة السلام» الذي أعده قتيبة بهدف إحياء الذكرى السنوية الأولى لهجمات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في باريس، وشارك في الأنشودة 18 موسيقيا من دول أوروبية وعربية، وعرضت على أحد مسارح باريس، وتلقت المبادرة دعما من معهد «الكونسرفتوار» الملكي البلجيكي في مونس، والذي احتضن البروفة النهائية للعرض، والذي بعث برسالة تضامن ضد الإرهاب.
وكانت «الشرق الأوسط» قد حضرت في مسرح «الكونسرفتوار» الملكي في مونس البلجيكية، البروفة النهائية لأنشودة السلام، التي عرضت قبل أيام على أحد مسارح باريس، وحملت الأنشودة رسالة تعبر عن التعاطف والتضامن في مواجهة الإرهاب، وكذلك حملت صوت الأذان وآيات قرآنية، وبعدها كلمات الأنشودة التي تدعو إلى السلام والتعايش السلمي بين الأديان، وعلى أنغام شارك فيها 18 عازفًا اختاروا الموسيقى سلاحا لمحاربة الإرهاب، ورسالة لنبذ العنف مكتوبة بخمس لغات، منها العربية.
وقال الموسيقي العراقي قتيبة النعيمي: «قمت بتأليف هذا العمل من دافع في داخلي، هو أن الموسيقي أسمى وأقوى من ماكينة الحروب، وبصوت الموسيقي نستطيع أن نتعايش بسلام ووئام، بغض النظر عن المعتقد والدين واللون والفكر، وشارك معي مجموعة من الموسيقيين من كل الأديان، 18 موسيقيًا من مختلف البلدان، حضروا لأداء العمل الموسيقي وكلهم من أفضل الموسيقيين المعروفين، الذين يعملون في دار الأوبرا في بلجيكيا وفي سويسرا وفرنسا وألمانيا وهولندا، ومن سوريا والعراق. كلنا مجموعة من المتطوعين هدفنا إرسال رسالة سلام إلى كل الشعوب».
وحول فكرة العمل، قال قتيبة في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة العمل هي إرسال رسالة محبة وسلام بين الشعوب وبين الأديان، وإيقاف ماكينة القتل والحروب والأحداث التي تجري في كل مكان من العالم، وعدم ربط الدين بما يجري ومنع خلط الأمور. وأيضا إيصال رسالة واضحة لنا باعتبارنا عربًا ومسلمين، لتغيير الصورة التي تولدت في أذهان المجتمع الأوروبي عنا وخوفهم منا».
وأضاف: «جاء العمل بخمس لغات (الفرنسية، واللاتينية، والعربية، والعبرية، والسومرية)، بإضافة تلاوة من الذكر الحكيم ومقطع الأذان بصوت سيد الموشحات فاخر صبري مدلل، وإضافة الآلات الموسيقية العربية والغربية والكورال الأوروبي، والفكرة من هذا المزج بين الشرق والغرب، هي أن نقول إننا نستطيع أن نتعايش ونفهم لغة الموسيقي رغم اختلاف معتقداتنا ورغم اختلاف اللغة والدين».
من جانبه قال ميشال ستوكيم، مدير معهد «الكونسرفتوار» في مدينة مونس البلجيكية في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «من الجيد أن يحدث تلاق للثقافات في أوركسترا، وله نتائج طيبة؛ لأنه مجموعة مختلفة تعمل في عمل مشترك، وهذا مثال جيد على أن الموسيقى لها دور، وهي لغة عالمية، وتعرض للعالم أن التعايش السلمي والعمل المشترك ممكن رغم الاختلافات بيننا وبصرف النظر عن الجنسية».
والأنشودة تعكس القناعة لدى الأطراف المشاركة فيها بأن الموسيقى لغة عالمية، بصرف النظر عن المعتقد أو اللغة أو العرق، ويرى القائمون على هذه المبادرة أن الموسيقى قادرة على لعب دور هام في مواجهة التشدد والإرهاب، وتوجيه رسالة تضامن وسلام بين الشعوب والأديان.
وكانت بلجيكا قد تعرضت لهجمات إرهابية في مارس الماضي استهدفت مطارا ومحطة قطارات داخلية في العاصمة بروكسل، وأسفرت عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين، وسبق ذلك تعرض العاصمة الفرنسية باريس لتفجيرات في نوفمبر من العام الماضي تسببت في مقتل 132 شخصا.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.