بعد تضييق الخناق على «داعش»..القوات العراقية تستعد لمعارك شرسة بالموصل

بعد تضييق الخناق على «داعش»..القوات العراقية تستعد لمعارك شرسة بالموصل
TT

بعد تضييق الخناق على «داعش»..القوات العراقية تستعد لمعارك شرسة بالموصل

بعد تضييق الخناق على «داعش»..القوات العراقية تستعد لمعارك شرسة بالموصل

ضيقت القوات العراقية الخناق على تنظيم داعش داخل الموصل في شمال العراق اليوم (الخميس)، ما ينذر بمعارك شرسة غداة قطع آخر خطوط إمداد المتطرفين ووسط مخاوف حيال مصير المدنيين الذين ما زالوا محاصرين داخل المدينة.
وحققت قوات مكافحة الإرهاب تقدمًا جديدًا في الأحياء الشرقية داخل الموصل، بحثًا عن زخم جديد بعدما واجهت مقاومة شرسة غير متوقعة من المتطرفين هدّدت بتعثر العملية العسكرية المستمرة منذ خمسة أسابيع.
وقال القيادي في قوات مكافحة الإرهاب العميد الركن معن السعدي لوكالة الصحافة الفرنسية، على خط الجبهة في الموصل، إن قواته تقاتل تنظيم داعش في حي شقق الخضراء. وأضاف أن المتطرفين «لا يستطيعون الهروب. لديهم خياران، الاستسلام أو الموت».
وتمكنت القوات العراقية على مدار الأيام الماضية، من قطع خط الإمداد الرئيسي الممتد من الموصل غربا باتجاه سوريا، حيث معقل التنظيم المتطرف في مدينة الرقة.
ودمر التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة جسورا حيوية للمتطرفين تعبر نهر دجلة في وسط الموصل، مقلصا قدرة التنظيم على التنقل ودعم قواته في الجبهة الشرقية.
وبالتالي بقي جسر واحد من عهد الاحتلال البريطاني، ليس بالمتانة والحجم الكافيين لمرور المركبات الثقيلة.
وقال المتحدث باسم قوات التحالف الكولونيل جون دوريان لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ «التقدم في الجنوب والجنوب الشرقي من المدينة يتسارع، ونعتقد أنه تطور كبير فعلا». مضيفًا أنّه سيكون على المتطرفين «الرد على هذا التقدم. فهذا يضعف دفاعاتهم».
وأمس، قال قيادي رفيع في قوات مكافحة الإرهاب للوكالة إنه تمت استعادة 40 في المائة من شرق الموصل.
في هذا الإطار قال دوريان: «إنه قتال شرس جدًا، وحشي؛ لكنه حتمي، العراقيون سيهزمونهم».
وبدأت القوات العراقية عملية عسكرية في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ترمي إلى استعادة السيطرة على مدينة الموصل في شمال البلاد.
وتوغلت القوات العراقية داخل المدينة من الجهة الشرقية، فيما تقدمت قوات البيشمركة الكردية مع قوات أخرى باتجاه الحدود الشمالية والجنوبية للمدينة.
وتتواجد على الجبهتين الجنوبية والغربية لمدينة الموصل، والفصائل المسلحة التي تضم مقاتلين ومتطوعين مدعومين من إيران.
وقد ركزت تلك الفصائل عملياتها على بلدة تلعفر التي ما زالت بيد المتطرفين غرب الموصل.
وكانت الفصائل قد أعلنت أمس، أنّها قطعت الخط الرئيس بين البلدة وسوريا.
وهذه الخطوة ستصعب بشكل كبير على تنظيم داعش أي محاولة لنقل مقاتليه أو معداته بين الموصل ومدينة الرقة، معقل التنظيم المتطرف في سوريا.
وكان من المتوقع ألا تواجه القوات العراقية مقاومة كبيرة على الضفة الشرقية من نهر دجلة.
ولم تكشف السلطات حتى الآن عن حصيلة القتلى منذ بدء العملية؛ لكن المقاتلين أقروا بأنّهم تفاجأوا بمقاومة المتطرفين الشرسة.
وقد صعب اشتداد المعارك عملية فرار المدنيين العالقين في الموصل إلى المخيمات الآمنة التي نصبت في محيط المدينة.
وتوقعت الأمم المتحدة أن يضطر 200 ألف مدني إلى ترك منازلهم في الأسابيع الأولى من أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات. لكن عدد النازحين لم يبلغ حتى الآن إلا نحو ثلث هذا الرقم.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة اليوم، إن نحو 76 ألف شخص نزحوا من الموصل منذ 17 أكتوبر.
وتبعث القوات العراقية برسائل إلى السكان تدعوهم فيها إلى ملازمة منازلهم وعدم محاولة الفرار عبر خطوط الجبهة الأمامية حفاظًا على سلامتهم. وتجاوب عدد من السكان مع تلك الدعوات.
وحد ذلك من قدرة القوات الحكومية على استخدام أسلحة ثقيلة ضد المتطرفين، وقدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدة للمدنيين الذين هم بحاجة لها.
ومن شأن إجلاء السكان أن يسمح للقوات العراقية باستخدام المدفعية الثقيلة وتحقيق نتائج سريعة.
لكن القيادة العراقية تريد تجنب التدمير الكامل للموصل، على الرغم من الوعود المتكررة لرئيس الوزراء حيدر العبادي بتحرير المدينة بحلول نهاية العام الحالي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.