وزير خارجية فلسطين: 85 % من الدول الأفريقية داعمة لقضيتنا

المالكي: نتطلع إلى دعمنا في مشروع قرار لمجلس الأمن ضد الاستيطان

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي  في القمة العربية الأفريقية الرابعة بمالابو أمس («الشرق الأوسط»)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في القمة العربية الأفريقية الرابعة بمالابو أمس («الشرق الأوسط»)
TT

وزير خارجية فلسطين: 85 % من الدول الأفريقية داعمة لقضيتنا

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي  في القمة العربية الأفريقية الرابعة بمالابو أمس («الشرق الأوسط»)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في القمة العربية الأفريقية الرابعة بمالابو أمس («الشرق الأوسط»)

ثمن ممثل الرئيس محمود عباس في القمة العربية الأفريقية الرابعة وزير الخارجية رياض المالكي، مواقف القارة الأفريقية الداعمة للقضية الفلسطينية، مطالبا باستمرارها وتعزيزها في المحافل الدولية، مؤكدا: «إننا نتطلع إلى دعمكم لمشروع القرار الذي سيقدم الشهر المقبل إلى مجلس الأمن ضد الاستيطان».
وقال المالكي إن مشروع إعلان فلسطين يأتي في مكانه وفِي وقته، مشيدا بجميع الدول الشقيقة والصديقة التي أقرته واعتمدته، مضيفا أن المشروع وما جاء فيه من بنود قوية واضحة تؤكد وقوف القارة الأفريقية والعربية مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأوضح المالكي أنه لا يخفى على أحد أن دولة فلسطين تدعى وتحضر وتشارك في القمم الأفريقية جميعها، كما يعطى للرئيس محمود عباس الكلمة دوما في الجلسة الافتتاحية لتلك القمم، بالإضافة إلى تبنيها للعديد من القرارات الداعمة للحق المشروع للشعب الفلسطيني، مؤكدا أن القارة الأفريقية والاتحاد الأفريقي يقفان بوضوح مع الحق الفلسطيني في إقامة دولته وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضه.
وأكد المالكي أن القمة تعقد في ظل ظروف معقدة وصعبة، وعلى الرغم من هذا الدعم الأفريقي العربي والدولي المتواصل ورغم هذه القرارات المؤيدة بما فيها مشروع الإعلان فلا زالت حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتبنى سياسة متطرفة، وذلك برفضها قبول حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي أجمع العالم ومنظماته المختصة على ضرورة إقامتها كشرط للسلام العادل والدائم في المنطقة.
وقال إن القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس قدمت كل ما هو ممكن، واستجابت لكل المبادرات والتزمت بكل ما تم الاتفاق عليه، إلا أن حكومة الاحتلال لا تلتفت إلى هذا الإجماع وتواصل سياستها المبنية على الاستمرار في الاحتلال، وكذلك الاستيطان غير الشرعي والمدان من قبل دول العالم، مضيفا أن إسرائيل تعمل بشكل منهجي على تغيير الطبيعة الديموغرافية لأراضي دولة فلسطين، ومصادرة الأراضي وتهجير السكان، لافتا إلى أن السياسة الإسرائيلية مستمرة في تهويد الأماكن الإسلامية في القدس من خلال ما يتم من اعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، والاقتحامات المتواصلة له من قبل المتطرفين والمستوطنين، أو منع رفع الأذان الأمر الذي يؤدي إلى تأجيج الصراع من سياسي إلى ديني وهذا يشكل خطورة كبيرة على المنطقة ويزيد من اتساع عدم الاستقرار والعنف والكراهية والتطرف.
ولفت المالكي إلى أن القيادة الفلسطينية تعي جيدا ما وصل إليه الحال نتيجة للتعنت والإصرار الإسرائيلي بعدم التعاطي مع الحل السياسي المتوافق عليه دوليا وإنهاء الصراع الذي طال أمده، وبذلك بادرت إلى التحرك على عدة مستويات من أجل الحث على ضرورة إحياء عملية السلام من جديد وإنهاء حالة الجمود، وهو ما تمثل في رؤية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ودعوة الرئيس الفرنسي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لإحياء العملية السياسية وإنهاء الصراع وإعطاء الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، مشيرا إلى أنه بجانب ذلك بدأت الدبلوماسية الفلسطينية بالتحرك باتجاه مجلس الأمن من أجل طرح مشروع يدين الاستيطان الخطير، ويدعو إلى وقفه بالكامل لما يمثله من خطر كبير على كافة الأصعدة.
ومن جانبه طالب سفير دولة فلسطين لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم بالاتحاد الأفريقي نصري أبو جيش، بضرورة التزام الدول الأفريقية في دعم فلسطين بالمحافل الدولية، مؤكدا أن المستفيد الأول من عمل التطرّف في أفريقيا هو إسرائيل، مشيرا إلى أن الدول الأفريقية بمجملها لا تقف ضد المشروع الفلسطيني وإنما جزء منها يتغيب وجزء بسيط من الدول مثل الكاميرون، وتوغو تمتنع، ولكن من مجمل عدد 54 دولة في الاتحاد الأفريقي يوجد 45 دولة داعمة ومؤيدة للقرارات الفلسطينية أي بنسبة تفوق 85 في المائة من الدول الأفريقية.
وأوضح أنه لا بد من مطالبة الدول الأفريقية خلال القمة بمقاطعة بضائع المستوطنات المنتجة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس، حيث هناك عدد كبير من الدول الأفريقية الصديقة تقود هذا التوجه منها جنوب أفريقيا، وزيمبابوي، وناميبيا، وغيرها.. تقود تلك الحملة للمقاطعة.
وقال أبو جيش: «إننا نأمل من هذه القمة مجموعة من القضايا أهمها فيما يخص الجانب السياسي المتعلق بفلسطين حيث سيتم إصدار بيان خاص في فلسطين كما هو معتاد في الاجتماعات الأفريقية منفصل عن إعلان القمة»، مضيفا أن الإعلان يتضمن عدة محاور أهمها: الدعم السياسي لحقوق الشعب الفلسطيني وعاصمته القدس الشرقية، ولا توجد دولة أفريقية تعترض على ذلك، بالإضافة إلى إدانة الاستيطان وهذا ما يصدر دائما عن الاتحاد الأفريقي خلال أربع مؤتمرات سابقة منذ عامين تقريبا من إدانة للاستيطان الإسرائيلي وتطالب بوقفه فورا ولا تعترف أن الاستيطان شرعي في كافة الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس والجولان السوري.
وفيما يتعلق بالدول الأفريقية غير الملتزمة بدعم فلسطين، قال أبو جيش: «إننا على تواصل دائم مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي ومفوضية الشؤون السياسية في الاتحاد بهذا الشأن، ولكن قوانين الاتحاد الأفريقي لا تجبر الدول ولا تتدخل بالسياسات الداخلية لها، ولكن بدأنا في الآونة الأخيرة باستخدام وسائل الضغط على تلك الدول من خلال الدول الصديقة ودول خارج النطاق الأفريقي للضغط على هذه الدول».
وشدد على أن إسرائيل لم تكن في تاريخها عضوا في الاتحاد الأفريقي ولا في منظمة الوحدة الأفريقية، وتمت مقاطعة إسرائيل في عام 1973 بمقاطعة شاملة، وإسرائيل تحاول الآن أن تدخل الاتحاد الأفريقي كمراقب لأنها تشعر بأن المخزون الداعم في الأمم المتحدة هو من أفريقيا للقضية الفلسطينية رغم وجود بعض تلك الدول الأفريقية المعدودة التي تروج إسرائيل كمنقذ للقضايا التي تحدث بأفريقيا خاصة «الإرهاب» الذي أضر بالقضية الفلسطينية في أفريقيا بشكل كبير، والمستفيد الأول من عمل التطرّف الإسلامي الموجود في أفريقيا هو إسرائيل، مشيرا إلى أنها حاولت عام 2013 أن تكون عضوا في الاتحاد الأفريقي وكان رد الدول أن إسرائيل غير مؤهلة لأن تكون «عضوا مراقبا» بسبب أنها تحتل دولة فلسطين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.