«خلافة الغازي».. تبديد الآلام بسلاح الطمأنينة بين الجنود

مبادرة للعسكريين المدافعين عن وطنهم

العميد أحمد الحجي يتوسط الجنود والضباط في لقطة تذكارية (تصوير: علي العريفي)
العميد أحمد الحجي يتوسط الجنود والضباط في لقطة تذكارية (تصوير: علي العريفي)
TT

«خلافة الغازي».. تبديد الآلام بسلاح الطمأنينة بين الجنود

العميد أحمد الحجي يتوسط الجنود والضباط في لقطة تذكارية (تصوير: علي العريفي)
العميد أحمد الحجي يتوسط الجنود والضباط في لقطة تذكارية (تصوير: علي العريفي)

كان أمرا لافتا أن يتحدث عدد من الجنود السعوديين عن شيء ظهر بريقه إعلاميا منذ عام وأكثر، وهو بالفعل لم يغب بل كان حديثهم بثناء منقطع النظير، يتحدثون عن مظلة جامعة، عن شيء يضع جسرا بينهم وبين عائلاتهم.
برنامج «خلافة الغازي» سلوك تقديري وإنساني تراه وزارة الدفاع واجبا، كأساس تنطلق فيه لبث روح الطمأنينة في نفوس جنودها، وأبطالها العسكريين المرابطين على حدود المملكة في مختلف المناطق، تقديرا لتضحياتهم ووقفاتهم الكبرى فداء لوطنهم وامتثالا لواجب الدفاع عن أراضيه.
جوانب إنسانية عدة، فرد من المنطقة الشرقية، يبعث بخطاب كُتب بخط يده، لتسهيل عملية نقل أبنائه إلى مدارس مختلفة، هي أسبوعان في التاريخ، ويتحقق له ذلك، أبٌ لآخر يطلب تسهيل علاجه بأحد المستشفيات التخصصية، وخلال أقل من عشرة أيام كان والده ضمن قوائم المراجعين في المستشفى التخصصي بالرياض، قصص يرويها عدد من العسكريين، الذين أثنوا على أداء برنامج «خلافة الغازي» الذي يعدونه مبدأ إسلاميا أصيلا، يظهر الاهتمام فيه بشكل كبير عبر تحقيق غايات وآمال المرابطين على حدود بلادهم.
برنامج «خلافة الغازي» التابع لصندوق التكافل بالقوات المسلحة السعودية، من خلال إضفاء مزيدٍ من الاطمئنان والراحة لأسر المشاركين في مهام الدفاع عن الوطن من منسوبي القوات المسلحة السعودية وفق تكافل اجتماعي ضمن مبدأٍ تعاوني بتلمس احتياجات الأسر ومتطلباتهم، ويستهدف جميع الأسر التي كلف ولي أمرها بمهمة الدفاع عن الوطن خارج المنطقة التي يقيمون بها.
وشكل تبرع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع للمشروع بمبلغ 50 مليون ريال، دعما لمبدأ إسلامي نبيل سيشكل حافزا لرجال وزارة الدفاع الأبطال الذين يسهرون على حماية بلدهم، ويولي البرنامج رعاية خاصة واهتمامًا كبيرًا بأسر المشاركين في مهام الدفاع عن الوطن من خلال تقديم الرعايات والاحتياجات المادية والمعنوية والمساهمة في حل المشاكل الاجتماعية والنفسية الخاصة بهم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
ويخطو برنامج خلافة الغازي باتجاه أهداف اجتماعية ونفسية، يتجلى أولها في تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين منسوبي القوات المسلحة، وثانيها في تعزيز مبدأ روح التعاون بين منسوبي القوات المسلحة والعمل كروح الجسد الواحد، وثالثها رفع المعنويات لدى المشاركين في مهام الدفاع عن الوطن بتلمس احتياجات أسرهم وذويهم وتقديم كل ما يحتاجونه فترة غياب رب الأسرة عنهم، إلى جانب عدة أهداف يسعى البرنامج إلى تحقيقها وفق ما يستجد من احتياجات اجتماعية لمنسوبي القوات المسلحة السعودية.
ويقدم برنامج خلافة الغازي كامل اهتمامه لتلبية واجباته المناطة، من تلبية احتياجات الأسرة من المواد الغذائية والمواد العينية، وتقديم خدمة إنهاء إجراءات المعاملات الضرورية للأسر المعنية لدى الدوائر الحكومية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتقديم خدمة مراجعة المستشفيات والمواعيد، وإعداد التقارير الاجتماعية للأسر المعنية عن طريق الباحث الاجتماعي، إضافة إلى الاستشارات الاجتماعية للأسر المعنية داخل المدن العسكرية وخارجها إذا دعت الحاجة لذلك حسب الإمكانات والوسائل المتاحة.
ويزخر البرنامج العام لخلافة الغازي بعدد من البرامج الداخلية كبرنامج المواد التموينية الغذائية، والمساعدة للمصابين وتقديم خدمات للمتعثرين من السداد وخلافه، والمصاريف التشغيلية الأخرى، وفق منهج معد موزّع على جميع قيادات المناطق العسكرية بالسعودية لتحديد أساليب العمل لتحقيق غايات البرنامج.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.