لبنان.. 200 عام من التنافس بين الطوائف من أجل تعليم ريادي

سباق ساهم في انفتاح البلاد على الثقافات الأجنبية.. و«تقوقع» المجموعات وفق تعاليمها داخليًا

صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)
صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)
TT

لبنان.. 200 عام من التنافس بين الطوائف من أجل تعليم ريادي

صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)
صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)

إذا كان من ميزة للبنان في محيطه اكتسب حق التفاخر بها، فهي المدارس والجامعات التي تأسست على أرضه حتى قبل أن يصبح كيانًا مستقلاً بسنوات كثيرة، وذلك بفضل الإرساليات التي كانت تحط في بلاد الشام، ووجدت لها في أقليات جبل لبنان ومحيطه أرضًا خصبة آنذاك.
في البدء، تأسست مدرسة «عين ورقة» في غوسطا، بمنطقة كسروان الفتوح، سنة 1798، واعتبرت «أم المدارس في الشرق»، حيث أمر البطريرك يوسف اسطفان، وهو تلميذ المدرسة المارونية في روما، بتحويل دير مار أنطونيوس في «عين ورقة» إلى مدرسة إكليريكية بطريركية، وذلك بعد تعثر كبير كانت تمر به الكنيسة المارونية. وتعتبر هذه المدرسة أول مؤسسة تربوية في لبنان تقدم التعليم المجاني للتلاميذ، وذلك بفضل تخصيص أرزاق دير مار أنطونيوس لهذه الغاية، وقد خرّجت عددًا كبيرًا من البطاركة والمطارنة والكهنة، وأعطت لبنان نخبة من الأدباء الذين لعبوا دورًا رياديًا.
واليوم، لا تزال المؤسسات التعليمية للإرساليات المسيحية، وتلك التي أقامتها الطوائف الأخرى، تلعب دورًا رائدًا في تشكيل النخب، رغم أن الساحة لم تعد لها وحدها. فبسبب نظام التعليم الحر، نمت مدارس وجامعات خاصة كثيرة في لبنان، غلب عليها الطابع التجاري، ووصل عدد مؤسسات التعليم العالي إلى 45 مؤسسة في بلد يقدّر عدد مواطنيه بأربعة ملايين، وهو ما يجعل الأصوات ترتفع مطالبة بمزيد من الحزم والمراقبة في منح الرخص التعليمية، خصوصًا أن اللبناني لا يزال يميل إلى التعليم الخاص، بعد أن تهاوى مستوى التعليم الرسمي خلال الحرب الأهلية التي انتهت مطلع تسعينات القرن الماضي. فثمة دراسة تظهر أن نحو 60 في المائة من اللبنانيين لا يزالون يلتحقون بالتعليم الخاص، مقابل 40 في المائة فقط في التعليم الرسمي.
* الطوائف المسيحية تتنافس بجامعاتها
عام 1834، أنشأ الآباء العازاريون أول مدرسة كاثوليكية حملت اسم «عينطورة». وعام 2014، احتفلت المدرسة الشهيرة التي صارت معهدًا بمرور 180 سنة على تأسيسها. لكن طائفة البروتستانت يبدو أنهم كانوا يدركون التحدي، ووجدوا أنفسهم في منافسة مع طائفة الكاثوليك، فبادروا إلى إنشاء «الجامعة الأميركية» عام 1866.
وحين سئل مؤسسها دانيال بليس عن سبب اندفاعته هذه، قال إنه يريد أن يستبق الآباء الياسوعيين. وقد عرفت «الجامعة الأميركية» عند افتتاحها باسم «الكلية السورية الإنجيلية»، وكان القسّ بليس قد قضى أربع سنوات، بين عامي (1962 - 1966)، يجمع التمويلات اللازمة بين بريطانيا وأميركا، ثم منحته ولاية نيويورك ترخيصًا بافتتاح الكلية، ومنحته الدولة العثمانية الإذن اللازم للعمل، مع إعفائه من الضرائب.
الياسوعيون بدورهم لم يتأخروا كثيرًا في وضع اللبنة الأولى لجامعتهم التي أبصرت النور عام 1875، حيث كان البدء بكلية اللاهوت والمكتبة الشرقية. وعام 1883، كان معهد الطب قد افتتح، وتحول إلى كلية للطب والصيدلة بعد ذلك بست سنوات فقط، لتكر سبحة الكليات. ولا تزال «الجامعة الياسوعية» أو «جامعة القديس يوسف» بمركزها الرئيسي في بيروت، وفروعها في المناطق، واحدة من أهم المؤسسات التعليمية في بلاد الأرز.
* بين الحكم العثماني.. وتأثير الإرساليات
تميز القرن التاسع عشر، بينما كان لبنان تحت الحكم العثماني، وأقلياته موضع اهتمام حلفائهم من الغربيين، بنشاط الإرساليات التبشيرية. ففي هذه الفترة، توافدت إرساليات كاثوليكية وبروتستانتية آتية من فرنسا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا، وحتى ألمانيا والنمسا. وإذا كان التبشير هو المهمة الأولى، فإن ذلك كان يقترن بنشاطات أبرزها إقامة المؤسسات التعليمية التي بنيت على مداميك متينة، ولا يزال غالبيتها قائمًا حتى يومنا هذا. وهي مؤسسات لعبت في حينه، ولا تزال، دورًا شديد الأهمية في تشكيل النخب، وتشجيع اللبنانيين على المبادرة لإنشاء مدارسهم الوطنية. وبمرور الوقت، طورت هذه المؤسسات مناهجها، ووسعت اختصاصاتها، وامتدادها الجغرافي، وصار لبعضها فروع في المناطق، ومنها ما امتد من لبنان إلى بلدان عربية أخرى.
ومهم التذكير أن هذه المدارس كانت تعنى أيضًا بتدريس البنات في غالبية الأحيان. ومنذ عام 1832، كانت «كلية بيروت للبنات» قد أبصرت النور.
وتحتفل «الجامعة الأميركية» هذه السنة بمرور 150 سنة على تأسيسها، بينما احتفلت «الجامعة الياسوعية» أو «جامعة القديس يوسف» العام الماضي بعيدها الـ140. قرن ونصف من التعليم الجامعي الغربي الطابع، حيث لم تولد النواة الأولى لـ«الجامعة اللبنانية» الوطنية إلا عام 1951، وسط إضرابات ومطالبات بوجود مؤسسة جامعة شبه مجانية لكل المواطنين، وقبلها بعام واحد كانت قد تأسست «جامعة الروح القدس» في كسليك، لتأتي «جامعة بيروت العربية» عام 1960، وسط المد القومي العربي المتصاعد، ثم «جامعة سيدة اللويزة»، وهي كاثوليكية، عام 1987. أما «جامعة البلمند» الأرثوذكسية، فتأسست عام 1988، في منطقة الكورة الشمالية، بالقرب من دير البلمند المشرف، وقد نمت وتوسعت وصار لها كليات في مختلف الاختصاصات.
* مدارس تحت شجرات السنديان
يتذكر اللبنانيون كثيرًا، خصوصًا في كتب القراءة التي تدرس للصغار، مدرسة «تحت السنديانة»، يوم كان الأستاذ يعلم تلامذته في القرية تحت الشجرة وهم يفترشون البسط، لكن من الطرائف أن هذا النمط البدائي كان سائدًا في الوقت الذي كانت فيه المدارس قد وجدت في وقت مبكر في المدن وبعض البلدات. وذكر كتاب «حصر اللثام» أنه أحصيت في عام 1895 في لبنان نحو 330 مدرسة موزعة على أكثر من ألف قرية في أنحاء متصرفية جبل لبنان، وذلك ليس عائدًا فقط إلى المدارس الإرسالية، ولكن أيضًا إلى تنظيم الدولة العثمانية أمور التعليم في بلاد الشام، وإصدار نظام خاص، مما ساهم في افتتاح مدارس متفاوتة الأهمية، من حيث الدور الذي لعبته.
وفي كل الأحوال، سبقت المؤسسات التربوية الخاصة تلك الرسمية بعقود، وخرّجت الكتّاب والأدباء والنخبة التي ستشكل نواة النهضة العربية نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ليس فقط في بلاد الشام، بل في مصر أيضًا.
وبالإمكان اليوم الحديث عن عدد من المدارس الخاصة التي تعود إلى ذلك الزمن، ولا تزال مؤثرة إلى اليوم. وإذا كانت الإرساليات المسيحية قد لعبت دورًا، وافتتحت مدارس في مختلف المناطق التي ستصبح ضمن نطاق لبنان الكبير بعد الاستقلال عام 1943، فإن بقية الطوائف أيضًا سعت إلى أن يكون لها مدارسها وجامعاتها، مما جعل للتعليم الخاص حدّان ماضيان: جهة التنوير والانفتاح على الغرب والثقافات واللغات، وهو ما ساهم في جعل لبنان جسرًا ثقافيًا بالفعل؛ وجهة الانغلاق والتقوقع على الطائفة وتعاليمها وقيمها ومفاهيمها من جهة أخرى، وهو أحد أسباب الشرخ في الشخصية الوطنية اللبنانية.
وبالعودة إلى المدارس الأكثر عراقة المستمرة إلى اليوم، يمكننا ذكر «مدرسة الشويفات» التي تأسست في قرية الشويفات عام 1886، بفضل امرأة آيرلندية كانت تعيش في لبنان، ثم توارثها مربون طموحون افتتحوا لها بمرور الوقت فروعًا كثيرة في لبنان ودول خليجية ومصر والأردن والعراق وكردستان، كما في إنجلترا، وكذلك في أميركا وألمانيا، وحتى في باكستان.
وفي السنة نفسها التي انطلقت فيها «مدرسة الشويفات»، أبصرت النور «مدرسة الفرير» في طرابلس، من قبل ثلاثة إخوة رهبان قدموا من الإسكندرية، فاشتروا منزلاً، وبدأوا التعليم مع ستة تلامذة، وانهوا العام مع 32 تلميذًا. وعام 1912، سيصبح عدد المسجلين 300 تلميذ. وكما غيرهم، سعى الأرثوذكس لتأسيس مدارسهم، ومن بين أشهرها «زهرة الإحسان» التي بدأت عملها في منطقة الأشرفية في بيروت عام 1881، بفضل سيدة تدعى فضيلة سرسق، ومعها الراهبة مريم جهشان. ويعود نجاح هذا المشروع لكونه جاء ليلبي حاجة ماسة لدى الطائفة الأرثوذكسية التي لم ترتح لكثرة الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية التي عملت جاهدة على استمالة الشباب الأرثوذوكسي. ومع وجود طبقة برجوازية في الطائفة بحاجة لتعليم أولادها وإكسابهم المعرفة على مستوى عصري، تداعت هيئات مدنية ودينية لإنشاء مؤسسات تربوية حديثة، فكانت «زهرة الإحسان»، وهي أول معهد أرثوذكسي للإناث في لبنان في مطلع القرن العشرين، يعلم اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية ومبادئ اللغتين اليونانية والروسية.
* الطوائف الأخرى تشترك بالسباق التعليمي
بالتزامن مع هذه الحيوية التعليمية عند الطوائف المسيحية، شكّل السنّة بدورهم «جمعية المقاصد الإسلامية» عام 1878، وبدأوا بإنشاء مدارس لها، بإمكانها اليوم أن تحتفل بمرور 138 سنة على تأسيسها. وقد شهدت هذه المؤسسات التعليمية التي أصبحت تشمل جامعة أيضًا عصرها الذهبي في منتصف القرن الماضي، بفضل دعم كبريات العائلات البيروتية. وقد أريد لها أن تعنى بالصغار، والتربية على غرار المدارس الأجنبية في لبنان وأوروبا، فافتتحت لها فروعًا كثيرة في المناطق، ودعمت طلابها بالمنح للدراسة في الخارج، لكن هذه المؤسسات التربوية باتت تعاني من ضعف وضمور في عدد الطلاب والأساتذة، وثمة جهود تبذل لاستعادة ألق أمجادها السابقة.
ولم يغب الشيعة عن المشهد، ففي ثلاثينات القرن الماضي، أنشأ رشيد يوسف بيضون مدرسة سماها «الكلية العاملية» غايتها تعليم شباب جبل عامل في الجنوب اللبناني، وتحسين مستواهم الاجتماعي والعلمي. كما ساهم الرجل في إنشاء المؤسسة المهنية العاملية، بمساعدة تدريبية وعينية من دولة ألمانيا الاتحادية.
أما الدروز، فمع قيام نظام المتصرفية في جبل لبنان عام 1861، أسهم المتصرف داود باشا، مع أعيان الموحدين الدروز، في تأسيس المدرسة التي أطلق عليها اسم المتصرف «المدرسة الداودية». وقد أشرف المتصرف على بنائها، بعد جمع أوقاف الموحدين الدروز العامة في وقف واحد سمّي بـ«وقف الداودية»، لتأمين مستلزمات ونفقات المدرسة، والتعليم فيها كمدرسة داخلية مجانية كانت صرحًا مهمًا في تاريخ التعليم في كل منطقة الجبل، وتخرّج منها آلاف الطلاب الذين كان لهم شأن ودور مهم في تاريخ لبنان.
وكذلك يمكن الحديث عن المدرسة المعنية (نسبة لأمراء آل معن) التي أسسها عارف النكدي، أحد أبرز رعاة الداودية، لتكون مدرسة شقيقة في العاصمة بيروت.



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.