لبنان.. 200 عام من التنافس بين الطوائف من أجل تعليم ريادي

سباق ساهم في انفتاح البلاد على الثقافات الأجنبية.. و«تقوقع» المجموعات وفق تعاليمها داخليًا

صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)
صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)
TT

لبنان.. 200 عام من التنافس بين الطوائف من أجل تعليم ريادي

صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)
صور عرضت ضمن معرض «ذاكرة التعليم في لبنان» من إعداد الدكتور خالد تدمري.. وتضم المدرسة الإنجيلية للصبيان في طرابلس حوالى سنة 1940 (أعلى) وطالبين من المكتب الإعدادي الملكي في بيروت حوالى سنة 1885 (أسفل - يمين) وطلاب قسم طبابة العيون في الكلية السورية الإنجيلية (أسفل - وسط) وطالبًا في إحدى مدارس جبل لبنان حوالى عام 1890 (أسفل - يسار) - (في الا طار) مدخل الجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 (غيتي)

إذا كان من ميزة للبنان في محيطه اكتسب حق التفاخر بها، فهي المدارس والجامعات التي تأسست على أرضه حتى قبل أن يصبح كيانًا مستقلاً بسنوات كثيرة، وذلك بفضل الإرساليات التي كانت تحط في بلاد الشام، ووجدت لها في أقليات جبل لبنان ومحيطه أرضًا خصبة آنذاك.
في البدء، تأسست مدرسة «عين ورقة» في غوسطا، بمنطقة كسروان الفتوح، سنة 1798، واعتبرت «أم المدارس في الشرق»، حيث أمر البطريرك يوسف اسطفان، وهو تلميذ المدرسة المارونية في روما، بتحويل دير مار أنطونيوس في «عين ورقة» إلى مدرسة إكليريكية بطريركية، وذلك بعد تعثر كبير كانت تمر به الكنيسة المارونية. وتعتبر هذه المدرسة أول مؤسسة تربوية في لبنان تقدم التعليم المجاني للتلاميذ، وذلك بفضل تخصيص أرزاق دير مار أنطونيوس لهذه الغاية، وقد خرّجت عددًا كبيرًا من البطاركة والمطارنة والكهنة، وأعطت لبنان نخبة من الأدباء الذين لعبوا دورًا رياديًا.
واليوم، لا تزال المؤسسات التعليمية للإرساليات المسيحية، وتلك التي أقامتها الطوائف الأخرى، تلعب دورًا رائدًا في تشكيل النخب، رغم أن الساحة لم تعد لها وحدها. فبسبب نظام التعليم الحر، نمت مدارس وجامعات خاصة كثيرة في لبنان، غلب عليها الطابع التجاري، ووصل عدد مؤسسات التعليم العالي إلى 45 مؤسسة في بلد يقدّر عدد مواطنيه بأربعة ملايين، وهو ما يجعل الأصوات ترتفع مطالبة بمزيد من الحزم والمراقبة في منح الرخص التعليمية، خصوصًا أن اللبناني لا يزال يميل إلى التعليم الخاص، بعد أن تهاوى مستوى التعليم الرسمي خلال الحرب الأهلية التي انتهت مطلع تسعينات القرن الماضي. فثمة دراسة تظهر أن نحو 60 في المائة من اللبنانيين لا يزالون يلتحقون بالتعليم الخاص، مقابل 40 في المائة فقط في التعليم الرسمي.
* الطوائف المسيحية تتنافس بجامعاتها
عام 1834، أنشأ الآباء العازاريون أول مدرسة كاثوليكية حملت اسم «عينطورة». وعام 2014، احتفلت المدرسة الشهيرة التي صارت معهدًا بمرور 180 سنة على تأسيسها. لكن طائفة البروتستانت يبدو أنهم كانوا يدركون التحدي، ووجدوا أنفسهم في منافسة مع طائفة الكاثوليك، فبادروا إلى إنشاء «الجامعة الأميركية» عام 1866.
وحين سئل مؤسسها دانيال بليس عن سبب اندفاعته هذه، قال إنه يريد أن يستبق الآباء الياسوعيين. وقد عرفت «الجامعة الأميركية» عند افتتاحها باسم «الكلية السورية الإنجيلية»، وكان القسّ بليس قد قضى أربع سنوات، بين عامي (1962 - 1966)، يجمع التمويلات اللازمة بين بريطانيا وأميركا، ثم منحته ولاية نيويورك ترخيصًا بافتتاح الكلية، ومنحته الدولة العثمانية الإذن اللازم للعمل، مع إعفائه من الضرائب.
الياسوعيون بدورهم لم يتأخروا كثيرًا في وضع اللبنة الأولى لجامعتهم التي أبصرت النور عام 1875، حيث كان البدء بكلية اللاهوت والمكتبة الشرقية. وعام 1883، كان معهد الطب قد افتتح، وتحول إلى كلية للطب والصيدلة بعد ذلك بست سنوات فقط، لتكر سبحة الكليات. ولا تزال «الجامعة الياسوعية» أو «جامعة القديس يوسف» بمركزها الرئيسي في بيروت، وفروعها في المناطق، واحدة من أهم المؤسسات التعليمية في بلاد الأرز.
* بين الحكم العثماني.. وتأثير الإرساليات
تميز القرن التاسع عشر، بينما كان لبنان تحت الحكم العثماني، وأقلياته موضع اهتمام حلفائهم من الغربيين، بنشاط الإرساليات التبشيرية. ففي هذه الفترة، توافدت إرساليات كاثوليكية وبروتستانتية آتية من فرنسا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا، وحتى ألمانيا والنمسا. وإذا كان التبشير هو المهمة الأولى، فإن ذلك كان يقترن بنشاطات أبرزها إقامة المؤسسات التعليمية التي بنيت على مداميك متينة، ولا يزال غالبيتها قائمًا حتى يومنا هذا. وهي مؤسسات لعبت في حينه، ولا تزال، دورًا شديد الأهمية في تشكيل النخب، وتشجيع اللبنانيين على المبادرة لإنشاء مدارسهم الوطنية. وبمرور الوقت، طورت هذه المؤسسات مناهجها، ووسعت اختصاصاتها، وامتدادها الجغرافي، وصار لبعضها فروع في المناطق، ومنها ما امتد من لبنان إلى بلدان عربية أخرى.
ومهم التذكير أن هذه المدارس كانت تعنى أيضًا بتدريس البنات في غالبية الأحيان. ومنذ عام 1832، كانت «كلية بيروت للبنات» قد أبصرت النور.
وتحتفل «الجامعة الأميركية» هذه السنة بمرور 150 سنة على تأسيسها، بينما احتفلت «الجامعة الياسوعية» أو «جامعة القديس يوسف» العام الماضي بعيدها الـ140. قرن ونصف من التعليم الجامعي الغربي الطابع، حيث لم تولد النواة الأولى لـ«الجامعة اللبنانية» الوطنية إلا عام 1951، وسط إضرابات ومطالبات بوجود مؤسسة جامعة شبه مجانية لكل المواطنين، وقبلها بعام واحد كانت قد تأسست «جامعة الروح القدس» في كسليك، لتأتي «جامعة بيروت العربية» عام 1960، وسط المد القومي العربي المتصاعد، ثم «جامعة سيدة اللويزة»، وهي كاثوليكية، عام 1987. أما «جامعة البلمند» الأرثوذكسية، فتأسست عام 1988، في منطقة الكورة الشمالية، بالقرب من دير البلمند المشرف، وقد نمت وتوسعت وصار لها كليات في مختلف الاختصاصات.
* مدارس تحت شجرات السنديان
يتذكر اللبنانيون كثيرًا، خصوصًا في كتب القراءة التي تدرس للصغار، مدرسة «تحت السنديانة»، يوم كان الأستاذ يعلم تلامذته في القرية تحت الشجرة وهم يفترشون البسط، لكن من الطرائف أن هذا النمط البدائي كان سائدًا في الوقت الذي كانت فيه المدارس قد وجدت في وقت مبكر في المدن وبعض البلدات. وذكر كتاب «حصر اللثام» أنه أحصيت في عام 1895 في لبنان نحو 330 مدرسة موزعة على أكثر من ألف قرية في أنحاء متصرفية جبل لبنان، وذلك ليس عائدًا فقط إلى المدارس الإرسالية، ولكن أيضًا إلى تنظيم الدولة العثمانية أمور التعليم في بلاد الشام، وإصدار نظام خاص، مما ساهم في افتتاح مدارس متفاوتة الأهمية، من حيث الدور الذي لعبته.
وفي كل الأحوال، سبقت المؤسسات التربوية الخاصة تلك الرسمية بعقود، وخرّجت الكتّاب والأدباء والنخبة التي ستشكل نواة النهضة العربية نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ليس فقط في بلاد الشام، بل في مصر أيضًا.
وبالإمكان اليوم الحديث عن عدد من المدارس الخاصة التي تعود إلى ذلك الزمن، ولا تزال مؤثرة إلى اليوم. وإذا كانت الإرساليات المسيحية قد لعبت دورًا، وافتتحت مدارس في مختلف المناطق التي ستصبح ضمن نطاق لبنان الكبير بعد الاستقلال عام 1943، فإن بقية الطوائف أيضًا سعت إلى أن يكون لها مدارسها وجامعاتها، مما جعل للتعليم الخاص حدّان ماضيان: جهة التنوير والانفتاح على الغرب والثقافات واللغات، وهو ما ساهم في جعل لبنان جسرًا ثقافيًا بالفعل؛ وجهة الانغلاق والتقوقع على الطائفة وتعاليمها وقيمها ومفاهيمها من جهة أخرى، وهو أحد أسباب الشرخ في الشخصية الوطنية اللبنانية.
وبالعودة إلى المدارس الأكثر عراقة المستمرة إلى اليوم، يمكننا ذكر «مدرسة الشويفات» التي تأسست في قرية الشويفات عام 1886، بفضل امرأة آيرلندية كانت تعيش في لبنان، ثم توارثها مربون طموحون افتتحوا لها بمرور الوقت فروعًا كثيرة في لبنان ودول خليجية ومصر والأردن والعراق وكردستان، كما في إنجلترا، وكذلك في أميركا وألمانيا، وحتى في باكستان.
وفي السنة نفسها التي انطلقت فيها «مدرسة الشويفات»، أبصرت النور «مدرسة الفرير» في طرابلس، من قبل ثلاثة إخوة رهبان قدموا من الإسكندرية، فاشتروا منزلاً، وبدأوا التعليم مع ستة تلامذة، وانهوا العام مع 32 تلميذًا. وعام 1912، سيصبح عدد المسجلين 300 تلميذ. وكما غيرهم، سعى الأرثوذكس لتأسيس مدارسهم، ومن بين أشهرها «زهرة الإحسان» التي بدأت عملها في منطقة الأشرفية في بيروت عام 1881، بفضل سيدة تدعى فضيلة سرسق، ومعها الراهبة مريم جهشان. ويعود نجاح هذا المشروع لكونه جاء ليلبي حاجة ماسة لدى الطائفة الأرثوذكسية التي لم ترتح لكثرة الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية التي عملت جاهدة على استمالة الشباب الأرثوذوكسي. ومع وجود طبقة برجوازية في الطائفة بحاجة لتعليم أولادها وإكسابهم المعرفة على مستوى عصري، تداعت هيئات مدنية ودينية لإنشاء مؤسسات تربوية حديثة، فكانت «زهرة الإحسان»، وهي أول معهد أرثوذكسي للإناث في لبنان في مطلع القرن العشرين، يعلم اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية ومبادئ اللغتين اليونانية والروسية.
* الطوائف الأخرى تشترك بالسباق التعليمي
بالتزامن مع هذه الحيوية التعليمية عند الطوائف المسيحية، شكّل السنّة بدورهم «جمعية المقاصد الإسلامية» عام 1878، وبدأوا بإنشاء مدارس لها، بإمكانها اليوم أن تحتفل بمرور 138 سنة على تأسيسها. وقد شهدت هذه المؤسسات التعليمية التي أصبحت تشمل جامعة أيضًا عصرها الذهبي في منتصف القرن الماضي، بفضل دعم كبريات العائلات البيروتية. وقد أريد لها أن تعنى بالصغار، والتربية على غرار المدارس الأجنبية في لبنان وأوروبا، فافتتحت لها فروعًا كثيرة في المناطق، ودعمت طلابها بالمنح للدراسة في الخارج، لكن هذه المؤسسات التربوية باتت تعاني من ضعف وضمور في عدد الطلاب والأساتذة، وثمة جهود تبذل لاستعادة ألق أمجادها السابقة.
ولم يغب الشيعة عن المشهد، ففي ثلاثينات القرن الماضي، أنشأ رشيد يوسف بيضون مدرسة سماها «الكلية العاملية» غايتها تعليم شباب جبل عامل في الجنوب اللبناني، وتحسين مستواهم الاجتماعي والعلمي. كما ساهم الرجل في إنشاء المؤسسة المهنية العاملية، بمساعدة تدريبية وعينية من دولة ألمانيا الاتحادية.
أما الدروز، فمع قيام نظام المتصرفية في جبل لبنان عام 1861، أسهم المتصرف داود باشا، مع أعيان الموحدين الدروز، في تأسيس المدرسة التي أطلق عليها اسم المتصرف «المدرسة الداودية». وقد أشرف المتصرف على بنائها، بعد جمع أوقاف الموحدين الدروز العامة في وقف واحد سمّي بـ«وقف الداودية»، لتأمين مستلزمات ونفقات المدرسة، والتعليم فيها كمدرسة داخلية مجانية كانت صرحًا مهمًا في تاريخ التعليم في كل منطقة الجبل، وتخرّج منها آلاف الطلاب الذين كان لهم شأن ودور مهم في تاريخ لبنان.
وكذلك يمكن الحديث عن المدرسة المعنية (نسبة لأمراء آل معن) التي أسسها عارف النكدي، أحد أبرز رعاة الداودية، لتكون مدرسة شقيقة في العاصمة بيروت.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».