عائلات قتلى وجرحى الثورة التونسية تتهم السياسيين بـ«المزايدة»

قاطع عدد من عائلات شهداء وجرحى الثورة التونسية مؤتمرا صحافيا عقدته أمس مجموعة من الأحزاب السياسية من بينها حركة النهضة وحركة وفاء وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، احتجاجا على الأحكام القضائية الصادرة بحق القيادات الأمنية التي كانت وراء إصابة المئات من المحتجين خلال أيام الثورة.
واتهمت العائلات الأحزاب السياسية والناشطين الحقوقيين بالمزايدة والبيع والشراء في ملف الشهداء.
في غضون ذلك، تظاهر مئات التونسيين، أمس، للتنديد بأحكام مخففة أصدرها القضاء العسكري حديثا ضد مسؤولين أمنيين كبار في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وانطلقت المظاهرة من أمام المحكمة العسكرية في منطقة باب سعدون (وسط العاصمة) ثم اتجهت نحو المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الواقع في منطقة باردو.
وشارك في المظاهرة نساء ورجال رفعوا صور أبنائهم الذين قتلوا خلال «الثورة» ومئات من المواطنين المتعاطفين معهم.
كما شارك فيها شبان مقعدون (يتنقلون على كراسي متحركة)، أصيبوا خلال الثورة التي انطلقت في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010.
وردد المتظاهرون شعارات معادية لوزارتي الدفاع والداخلية مثل «يسقط.. يسقط.. حكم العسكر» و«وزارة الداخلية.. وزارة إرهابية»، كما رددوا «يا شهيد لا تهتم.. القصاص أو الدم» و«يا للعار.. المجرم روّح (رجع) للدار».
وقال متظاهر يدعى رابح الصلّوحي لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «بعد صدور حكم المحكمة العسكرية لم أعد أهتم بالقضاء، وكل ما أريده هو القصاص من قتلة ابني»، الذي لقي حتفه خلال الثورة.
من جهتها، دعت لمياء الفرحاني رئيسة جمعية «أوفياء» لعائلات شهداء وجرحى الثورة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة تشكيل لجنة داخل المجلس التأسيسي للاطلاع على مجمل الملفات المطروحة على القضاء العسكري، والكشف عمن يقف وراء إصدار الأحكام المخففة ضد المسؤولين المباشرين عن قتل الشهداء، والتي تراوحت بين ثلاث سنوات وعدم سماع الدعوى.
وأكدت الفرحاني التي فقدت شقيقها إبان الثورة، في حديثها عزم عائلات الشهداء على مواصلة الاحتجاج أمام المجلس التأسيسي والاعتماد على جميع أشكال الضغط الممكنة إلى حين اتخاذ موقف ثوري، على حد قولها، من قبل نواب الشعب بخصوص هذه المسألة. وأشارت إلى أن عددا كبيرا من أولياء الشهداء والجرحى أضحوا يطالبون بضرورة إحالة الملفات على القضاء الدولي، خاصة في ظل تنامي الحديث عن وجود بوادر لصفقة مريبة حول القضية.
وخفضت المحكمة عقوبات ابتدائية ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في نظام بن علي، موقوفين منذ أكثر من ثلاث سنوات، وُجّهت إليهم تهمة المشاركة في قتل متظاهرين خلال الثورة. وقضت محكمة الاستئناف العسكرية بسجن هؤلاء المسؤولين ثلاث سنوات، وهي المدة التي أمضوها موقوفين في السجن في انتظار محاكمتهم.
ويوجد ضمن هؤلاء وزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم، والجنرال علي السرياطي الرئيس السابق لجهاز الأمن الرئاسي، وجلال بودريقة المدير العام السابق لجهاز «وحدات التدخل» (مكافحة الشغب)، ولطفي الزواري المدير العام السابق للأمن العمومي، وعادل الطويري المدير العام السابق للأمن الوطني.
وندد المجلس الوطني التأسيسي، وسياسيون ومنظمات حقوقية تونسية وأجنبية بهذه الأحكام «المخففة».
من جهة أخرى، تواصل قوات الجيش والأمن التونسية خوض حرب من نوع آخر ضد المجموعات الإرهابية المتحصنة منذ أشهر في جبال الشعانبي وسط غربي تونس، فبعد ليلة من القصف العنيف على معاقل الإرهابيين، استهدفت طائرات مقاتلة من سلاح الجو مخابئ المجموعات المسلحة في الشعانبي بطريقة هي الأعنف منذ أشهر. وخلفت الطلعات الجوية في سماء منطقة القصرين انفجارات ضخمة داخل غابات وأودية الجبل. وسجلت المنطقة وجودا عسكريا مكثفا للآليات العسكرية الثقيلة والوحدات البرية والفرق الخاصة في إشارة إلى قرب الزحف البري على مرتفعات الشعانبي لحسم المعركة وتطهير المرتفعات الجبلية من أي وجود إرهابي.
وقال الفاضل السايحي عضو النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي في القصرين لـ«الشرق الأوسط» إن المجموعات المسلحة تنتقل مثل الأشباح ولا يمكن بالتالي حصر عدد أفرادها إلا أن ذلك لم يؤثر على عزيمة قوات الجيش والأمن لأن المعركة مصيرية بين من يريدون حمل السلاح ضد التونسيين ومن يطمحون إلى العيش الآمن، على حد تعبيره. وبشأن المواجهات المسلحة الدائرة منذ أشهر دون تحقيق الحسم النهائي، قال السايحي إن المواجهة النهائية مقبلة ولا مناص منها للتخلص من المجموعات المسلحة.